منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 11، ص: 17
و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله الصّفيّ، و أمينه الرّضيّ- صلّى اللّه عليه و آله- أرسله بوجوب الحجج، و ظهور الفلج، و ايضاح المنهج، فبلّغ الرّسالة صادعا بها، و حمل على المحجّة دالّا عليها، و أقام أعلام الاهتداء، و منار الضّياء، و جعل أمراس الإسلام متينة، و عرى الإيمان وثيقة.
اللغة:
و (فلجت) فلجا و فلوجا ظفرت بما طلبت و فلج بحجّته أثبتها و أفلج اللّه حجّته بالألف أظهرها قال الشارح المعتزلي: الفلج النصرة و أصله سكون العين و إنما حرّكه ليوازن بين الألفاظ لأنّ الماضي منه فلج الرّجل على خصمه بالفتح و مصدره الفلج بالسّكون. و(الأمراس) الحبال جمع المرس و هو جمع المرسة بالتحريك الحبل.
المعنى:
و لما فرغ من حمد اللّه سبحانه و ثنائه و أوصاف جلاله و كبريائه أردفه بالشهادة بالرسالة التي هى مبدء لكمال القوّة العملية من النفوس البشرية بعد كمال قوّتها النظريّة بما تقدّم فقال: (و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله الصّفىّ) أى الصافي الخالص في مقام العبوديّة عن الكدر النّفسانيّة، أو المصطفى أى المختار من مخلوقاته (و أمينه) على وحيه (الرضيّ) المرتضى على تبليغ وحيه و رسالاته (صلّى اللّه عليه و آله أرسله بوجوب الحجج) أى أرسله مصاحبا بالحجج الواجبة قبولها على الخلق لكفايتها في مقام الحجيّة من المعجزات الظاهرات و الايات البيّنات، أو المراد أنّه أرسله بسبب وجوب الحجج عليه تعالى، يعني أنّه لما كان الاعذار و الانذار واجبا عليه تعالى بمقتضى اللطف أرسله لذلك ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيى من حىّ عن بيّنة، و لئلّا يكون للناس على اللّه حجّة بعد الرّسل.
(و ظهور الفلج) أى مع ظهور الظفر، أو لأن يظهر ظفره على ساير الأديان كما قال سبحانه: «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ...»*.
(و ايضاح المنهج) أى ما يضاح بنهج الشرع القويم، و الارشاد إلى الصراط المستقيم المؤدّي إلى نضرة النعيم و الفوز العظيم.
استعاره (فبلّغ الرسالة صادعا بها) امتثالا لأمره تعالى و هو قوله «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ...» و قوله «فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ» و أصل الصّدع هو الشق في شيء صلب و الفرقة من الشيء فاستعير هنا لابلاغ المأمور، قال في القاموس: فاصدع بما تؤمر أى شقّ جماعاتهم بالتوحيد أو اجهر بالقرآن أو أظهر أو أحكم بالحقّ و افصل بالأمر و اقصد بما تؤمروا فرق به بين الحقّ و الباطل.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 11، ص: 18
(و حمل) النّاس (على المحجّة) و الجادّة الواضحة و هي طريق الشريعة (دالّا عليها) و هاديا إليها (و أقام) بين الامة (أعلام الاهتداء و منار الضّياء) أى أعلاما توجب اهتداءهم بها و منارا تستضيئون بنورها.
و المراد بها المعجزات الظاهرة و القوانين الشرعيّة الباهرة، فانها تهدى من غياهب الجهالة، و تنقذ من ظلمات الضلالة، و تدلّ على حظاير القدس و محافل الانس (و جعل أمراس الاسلام) و حبال الدّين (متينة) متقنة (و عرى الايمان) و حبال اليقين (وثيقة) محكمة.
الترجمة:
و شهادت مى دهم كه محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بنده برگزيده او است و أمين پسنديده او، فرستاد او را با حجت هاى واجب، و با ظفر و غلبه ظاهر، و با واضح نمودن راه پس رسانيد رسالت را در حالتى كه شكافنده بود ميان حق و باطل را، و حمل كرد خلق را براه راست در حالتى كه دلالت كننده بود بر آن، و بر پا نمود علمهاى راه يافتن و منارهاى روشنى را، و گرداند كوههاى اسلام را محكم و ريسمانهاى ايمان را بغايت استوار.
افزودن دیدگاه جدید