منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 142
فلقد كنّا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و إنّ القتل ليدور بين الاباء و الأبناء و الإخوان و القرابات، فما نزداد على كلّ مصيبة و شدّة إلّا إيمانا و مضيّا على الحقّ، و تسليما للأمر و صبرا على مضض الجراح، و لكنّا إنّما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزّيغ و الاعوجاج، و الشّبهة و التّأويل فإذا طمعنا في خصلة يلّم اللَّه بها شعثنا، و نتدانا بها إلى البقيّة فيما بيننا، رغبنا فيها، و أمسكنا عمّا سواها. (25228- 24964)
اللغة:
و (المضض) كالألم لفظا و معنى و (جرحه) جرحا من باب نفع و الاسم الجرح بالضمّ و الجراحة بالكسر و جمعها جراح و جراحات بالكسر أيضا و (الخصلة) بفتح الخاء.
و (البقية) قال الشارح المعتزلي: هى الابقاء و الكف، و قال البحراني (ره) بقاء ما بقى فيما بيننا من الاسلام، و في البحار و الأظهر عندى أنه من الابقاء بمعنى الرّحم و الاشفاق و الاصلاح كما في الصّحيفه: لا تبقى على من تضرّع إليها، و قال في القاموس: أبقيت ما بيننا أى لم ابالغ في افساده و الاسم البقية و اولو بقيّة ينهون عن الفساد أى ابقاء.
الاعراب:
و جملة يلمّ اللَّه بها شعثنا في محلّ الجرّ صفة لخصلة، و جملة رغبنا جواب اذا طمعنا.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 144
المعنى:
ثمّ رغّب عليه السّلام في التأسّي بالسّلف الماضين من خيار الصحابة بقوله: (فلقد كنّا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و أنّ القتل ليدور بين الآباء و الأبناء و الاخوان و القرابات فما نزداد على كلّ مصيبة و شدّة) أصابتنا و ابتلينا بها (إلّا ايمانا و مضيّا إلى الحقّ و تسليما للأمر) و رضا بالقضاء (و صبرا على مضض الجراح) أى وجع الجراحات و ألمها و قد تقدّم نظير هذه الفقرات منه عليه السّلام في الكلام الخامس و الخمسين.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 147
و محصّله أنا إذا قاتلنا بين يدي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم كنّا له مسلمين و لأمره مطيعين و منقادين، و لا يزداد ما نزل بنا من المصائب إلّا نورا و ايمانا، و تسليما و اذعانا، فلا بدّ لكم أن تكونوا كذلك، و أن تردّوا الأمر إلى وليّ الأمر، و لا تكونوا له مخالفين، و عن حكمه متمرّدين.
ثمّ أكّد ابطال انكارهم للحكومة بقوله: (و لكنّا إنما أصبحنا نقاتل إخواننا في الاسلام) أراد به أهل الشام، و اطلاق المسلم عليهم لاقرارهم ظاهرا بشهادة أن لا إله إلّا اللَّه و أنّ محمّدا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و إن كانوا محكومين بكفرهم لبغيهم على الامام المفترض الطاعة يعني انا إنما قاتلناهم (على ما دخل فيه) أي الاسلام منهم (من الزّيغ) أى العدول عن الحقّ (و الاعوجاج) عن الصّراط المستقيم (و الشبهة) في الدّين (و التأويل) للكتاب المبين (فاذا طمعنا في خصلة) أراد بها الحكومة (يلمّ اللَّه به شعثنا) أى يجمع اللَّه بها تفرّقنا و انتشار امورنا (و نتدانا بها إلى البقية فيما بيننا) أى نتقرّب بتلك الخصلة إلى الاصلاح و الاشفاق و الرّحم و ترك الفساد فيما بيننا (رغبنا فيها و أمسكنا عمّا سواها) و حاصله أنّ مقصودنا بالذات من قتال هؤلاء لم يكن محض استيصال النفوس و اراقة الدماء بهوى الأنفس و العناد، و إنما المقصود إرجاعهم عن الضلال إلى الهدى، و من الفساد إلى الرّشاد، فاذا رجونا حصول ذلك الغرض و امكان التّوسل إليه بالحكومة لا بدّ لنا من المصير إليها و الكفّ عن إراقة الدّماء كما نبّه عليه السّلام على ذلك في كلامه الرابع و الخمسين بقوله: فواللَّه ما وقعت الحرب يوما إلّا و أنا أطمع أن تلحق بي طائفة لتهتدي بى و تعشو إلى ضوئي و ذلك أحبّ إلىّ من أن أقتلها على ضلالها و إن كانت تبوء بآثامها.
تنبيه:
قد اسقط في أكثر نسخ الكتاب قوله: و قد كانت هذه الفعلة، إلى قوله: مذ صحبته و من جملة تلك النسخ نسخة الشّارح المعتزلي قال في الشرح: هذا الكلام ليس يتلو بعضه بعضا و لكنه ثلاثة فصول لا تلتصق أحدها بالآخر، و هذه عادة الرضىّ
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 148
ينتخب من جملة الخطبة الطويلة كلمات فصيحة يوردها على سبيل التتالي و ليست متتالية حين تكلّم بها صاحبها، آخر الفصل الأول قوله: و إن ترك ذلّ، و آخر الفصل الثاني قوله: على مضض الجراح، و الفصل الثالث ينتهى إلى آخر الكلام، هذا.
و روى ذلك الكلام له عليه السّلام في الاحتجاج عن قوله: ألم تقولوا، إلى آخر الكلام مثل ما في أكثر النسخ باسقاط ما سقط إلّا أنّ فيه بدل قوله على شأنكم على نيّاتكم و لا تلتفتوا إلى ناعق في الفتنة نعق إن اجيب أضلّ و إن ترك أذّل، و اللَّه العالم.
الترجمة:
پس بتحقيق كه بوديم با حضرت رسول مختار صلوات اللَّه عليه و آله در حالتى كه كشتن دوران ميكرد در ميان پدران و پسران و برادران و خويشان، پس زياده نمى كرديم ما بر بالاى هر محنت و شدتي مگر ايمان را بخدا و گذشتن بر حق و منقاد شدن بر أمر و صبر كردن بر سوزش جراحتها، و لكن ما غير از اين نيست كه گشتيم مقاتله مى كنيم با برادران اسلامى خود بر آنچه داخل شده است در اسلام از جانب ايشان از لغزش و گمراهى و اشتباه و تأويل باطل، پس زمانى كه طمع كرديم در خصلتى كه جمع كند خداوند متعال بسبب آن خصلت پراكندگي ما را، و تقرب كنيم با يكديگر بجهة آن خصلت بسوى مهربانى و شفقت در ميان ما رغبت مى كنيم در آن خصلت و دست برداريم از غير آن.