منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 257
اللّهم إنّك قد تعلم إنّه لم يكن الّذي كان منّا منافسة في سلطان، و لا التماس شيء من فضول الحطام، و لكن لنردّ المعالم من دينك، و نظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك و تقام المعطّلة من حدودك، الّلهمّ إنّي أوّل من أناب، و سمع و أجاب لم يسبقني إلّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالصّلاة.
اللغة:
و (المنافسة) المغالبة في الشيء النّفيس و (الحطام) ما تكسّر من اليبس.
المعنى:
تعريض ثمّ نبّه على برائة ساحته و تزكية نفسه في أمر الخلافة فقال (اللّهمّ انّك تعلم انّه لم يكن الذى كان) وقع (منّا) و هو الرّغبة في الخلافة أو الحروب أو الجميع (منافسة في سلطان) و حرصا عليه (و التماس شيء من فضول الحطام) أى طلبا لشيء من زخارف الدّنيا و زينتها السّاقطة عن درجة الاعتبار الغير المحتاج إليها (و لكن لنردّ المعالم من دينك) أى الآثار الّتي يهتدى بها فيه (و نظهر الاصلاح في بلادك) و نرفع الفساد عنها (فيأمن المظلومون من عبادك و تقام المعطّلة من حدودك) و لا يخفى ما في هذه الجمل من التّعريض على المتقدّمين المنتحلين للخلافة و الاشارة إلى أنّ طلبهم لها إنّما كان تنافسا في الملك و السّلطنة، و رغبة في القنيات الدّنيويّة، و إلى أنّ أنوار الدّين في زمانهم قد انطمست، و آثار الشّرع المبين قد اندرست، و أنّه شاع الفساد في البلاد و غلب الجور و الظّلم على العباد و تعطّل الحدود و الأحكام و تغيّر الحلال و الحرام.
ثمّ انّه لمّا بيّن أنّ طلبه للخلافة لم يكن للدّنيا أكّد هذا المعنى بقوله (اللّهمّ إنّي أوّل من أناب) و رجع إليك (و سمع) دعوة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (و أجاب) إليه (لم يسبقني إلّا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالصّلاة) أمّا كون هذه الجملة تأكيدا لما سبق فلأنه إذا كان أوّل النّاس اسلاما مع عدم كون الاسلام معروفا حينئذ متوقّعا به الانتفاع في الدّنيا لا بدّ و أن يكون إسلامه للّه سبحانه و ابتغاء لرضاه، و من كان هذا حاله
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 258
في بداية أمره كيف يخطر ببال عاقل أنّه يطلب الدّنيا و حطامها، و يجرّد عليها السّيف في آخر عمره.
و أمّا كونه عليه السّلام أوّل من أناب و أجاب إلى الايمان و الاسلام فهو المتّفق عليه بين الشّيعة و المشهور بين الجمهور لم يخالف في ذلك إلّا شرذمة منهم لا يعتدّ بخلافهم و ستعرف تفصيل ذلك في التنبيه الآتي.
و أمّا أنّه سبق النّاس بالصّلاة و لم يسبقه غيره فيدلّ على ذلك ما رواه في المجلّد التّاسع من البحار من كتاب المناقب للشّيخ الفقيه رشيد الدّين أبي جعفر محمّد ابن عليّ بن شهر آشوب المازندراني تغمّده اللّه برحمته، قال ما هذا لفظه:
أبو عبد اللّه المرزباني و أبو نعيم الاصبهاني في كتابيهما فيما نزل من القرآن في عليّ عليه السّلام و النطنزى في الخصائص عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، و روى أصحابنا عن الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: و اركعوا مع الرّاكعين، نزلت في رسول اللّه و عليّ بن أبي طالب و هما أوّل من صلّى و ركع.
المرزباني عن الكبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: إنّ الذين آمنوا و عملوا الصّالحات اولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون، نزلت في عليّ خاصّة و هو أوّل مؤمن و أوّل مصلّ بعد النّبيّ.
تفسير السّيدي عن قتادة عن عطاء عن ابن عبّاس في قوله: إنّ ربّك يعلم أنّك تقوم أدنى من ثلثى اللّيل و نصفه و ثلثه و طائفة من الّذين معك، فأوّل من صلّى مع رسول اللّه عليّ بن أبي طالب.
تفسير القطان عن وكيع عن سفيان عن السّدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: يا أيّها المدثّر، يعني محمّدا ادّثّر بثيابه، قم فأنذر، أى فصلّ ادع عليّ بن أبي طالب إلى الصّلاة معك، و ربّك فكبّر، ممّا تقول عبدة الأوثان تفسير يعقوب بن سفيان قال: حدّثنا أبو بكر الحميدى عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي النجيح عن مجاهد عن ابن عباس في خبر يذكر فيه كيفية بعثة النبيّ ثمّ قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قائم يصلّى مع خديجة إذ طلع عليه عليّ بن ابي طالب
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 259
فقال له: ما هذا يا محمد؟ قال: هذا دين اللّه فآمن به و صدقه، ثمّ كانا يصلّيان و يركعان و يسجدان فأبصرهما أهل مكّة ففشا الخبر فيهم أنّ محمّدا قد جنّ، فنزل: ن و القلم و ما يسطرون ما أنت بنعمة ربّك بمجنون.
شرف النّبي عن الخركوشي قال: و جاء جبرئيل بأعلى مكّة و علّمه الصّلاة فانفجرت من الوادى عين حتى توضّأ جبرئيل بين يدي رسول اللّه، و تعلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منه الطّهارة ثمّ أمر به عليّا عليه السّلام تاريخى الطبري و البلادرى، و جامع التّرمذى، و أبانة العكبرى، و فردوس الدّيلمى، و أحاديث أبي بكر بن مالك، و فضائل الصّحابة عن الزّعفراني عن يزيد ابن هارون عن شعبة عن عمرو بن مرّة عن أبي حمزة عن زيد بن أرقم، و مسند أحمد عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قالا قال النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أوّل من صلّى معى عليّ تاريخ النّسوى قال زيد بن أرقم: أوّل من صلّى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّ.
جامع الترمدى و مسند أبي يعلي الموصلي عن أنس، و تاريخ الطّبرى عن جابر قالا:
بعث النبيّ يوم الاثنين و صلّى عليّ يوم الثلثاء أبو يوسف النّسوى في المعرفة و أبو القسم عبد العزيز بن إسحاق في أخبار أبي رافع عن عشرين طريقا عن أبي رافع قال: صلّى النّبيّ أوّل يوم الاثنين، و صلّت خديجة آخر يوم الاثنين، و صلى عليّ يوم الثلثاء من الغد.
أحمد بن حنبل في مسند العشرة و في الفضائل أيضا، و النّسوى في المعرفة، و التّرمذى في الجامع، و ابن بطّة في الابانة روى عليّ بن الجعد عن شعبة عن سلمة ابن كهيل عن حبّة العرني قال: سمعت عليّا عليه السّلام يقول: أنا أوّل من صلّى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
ابن حنبل في مسند العشرة و في فضائل الصّحابة أيضا عن سلمة بن كهيل عن حبّة العرني في خبر طويل أنّه قال عليّ عليه السّلام: اللهمّ لا أعرف أنّ عبدا من هذه الأمّة عبدك قبلي غير نبيّك ثلاث مرّات، الخبر.
و في مسند أبي يعلي ما أعلم أحدا من هذه الامّة بعد نبيّها عبد اللّه غيرى، الخبر.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 260
الحسين بن عليّ عليهما السّلام في قوله تعالى: تريهم ركّعا سجّدا، نزلت في عليّ بن أبي طالب.
و روى جماعة أنّه نزل فيه: الّذين يقيمون الصّلاة و يؤتون الزّكاة و هم راكعون.
تفسير القطّان قال ابن مسعود: قال عليّ عليه السّلام: يا رسول اللّه ما أقول في السجود في الصّلاة؟ فنزل سبّح اسم ربّك الأعلى، قال: فما أقول في الرّكوع؟ فنزل فسبّح باسم ربّك العظيم، فكان أوّل من قال ذلك و أنّه صلّى قبل النّاس كلّهم سبع سنين و أشهرا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و صلّى مع المسلمين أربع عشرة سنة و بعد النّبيّ ثلاثين سنة.
ابن فيّاض في شرح الأخبار عن أبي أيّوب الأنصارى قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: لقد صلّت الملائكة علىّ و على عليّ بن أبي طالب سبع سنين، و ذلك أنّه لم يؤمن بي ذكر قبله، و ذلك قول اللّه سبحانه: الّذين يحملون العرش و من حوله يسبّحون بحمد ربّهم و يستغفرون لمن في الأرض.
و في رواية زياد بن المنذر عن محمّد بن عليّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام لقد مكثت الملائكة سنين لا تستغفر إلّا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و لى و فينا نزلت و الملائكة يسبّحون بحمد ربّهم و يستغفرون للّذين آمنوا ربّنا إلى قوله: الحكيم.
و روى جماعة عن أنس و أبي أيّوب، و روى شيرويه في الفردوس عن جابر قال:
قال النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لقد صلّت الملائكة علىّ و على عليّ بن أبي طالب سبع سنين قبل النّاس، و ذلك أنّه كان يصلّي و لا يصلّي معنا غيرنا، و في رواية لم يصلّ فيها غيري و غيره، و في رواية لم يصلّ معى رجل غيره سنن ابن ماجه و تفسير الثعلبي عن عبد اللّه ابن أبي رافع عن أبيه أنّ عليا عليه السّلام صلّى مستخفيا مع النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبع سنين و أشهرا تاريخ الطّبري و ابن ماجه قال عباد بن عبد اللّه: سمعت عليا عليه السّلام يقول:
أنا عبد اللّه و أخو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنا الصّدّيق الأكبر لا يقولها بعدى إلّا كاذب
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 261
مفتر، صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبع سنين.
مسندى أحمد و أبي يعلي قال حبة العرني: قال عليّ عليه السّلام: صلّيت قبل أن يصلّى النّاس سبعا.
(الحميرى):
ألم يصلّ علىّ قبله حججا و وحّد اللّه ربّ الشّمس و القمر
و هؤلاء و من في حزب دينهم قوم صلاتهم للعود و الحجر
(و له):
و كفاه بأنّه سبق النّاس بفضل الصّلاة و التوحيد
حججا قبلهم كوامل سبعا بركوع لديه أو بسجود
(و له):
أ ليس عليّ كان أوّل مؤمن و أوّل من صلّى غلاما و حدّا
فما زال في سرّ يروح و يغتدى فيرقى بثيراء أو بحراء مصعدا
يصلّى و يدعو ربّه فيهما مع المصطفى مثنى و إن كان أوحدا
سنين ثلاثا بعد خمس و أشهر كوامل سبعا قبل أن يتمرّدا
و هو أوّل من صلّى القبلتين صلّى إلى بيت المقدس أربع عشرة سنة، و المحراب الذى كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصلّى و معه عليّ و خديجة معروف، و هو على باب مولد النبيّ في شعب بني هاشم، و قد روينا عن الشيرازى ما رواه عن ابن عباس في قوله:
و السّابقون الأوّلون، نزلت في أمير المؤمنين سبق النّاس كلّهم بالايمان و صلّى القبلتين و بايع البيعتين.
(الحميرى):
و صلّى القبلتين و آل تيم و اخوتها عدىّ جاحدونا
و صلّى إلى الكعبة تسعا و ثلاثين سنة تاريخ الطّبرى بثلاثة طرق، و ابانة العكبرى من أربعة طرق، و كتاب المبعث عن محمّد بن إسحاق، و التاريخ النّسوى، و كتاب الثعلبي، و كتاب المادرى
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 262
و مسند أبي يعلى الموصلي، و يحيى بن معين، و كتاب أبي عبد اللّه محمّد بن زياد النيسابورى عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل بأسانيدهم عن ابن مسعود، و علقمة البجلي و إسماعيل بن أياس بن عفيف عن أبيه عن جدّه أنّ كلّ واحد منهم قال: رأى عفيف أخو الأشعث بن قيس الكندى شابّا يصلى، ثمّ جاء غلام فقام عن يمينه، ثمّ جاءت امرئة فقامت خلفها، فقال للعبّاس: هذا أمر عظيم، قال: ويحك هذا محمّد، و هذا عليّ، و هذه خديجة إنّ ابن أخي هذا حدّثنى أنّ ربّه ربّ السّماوات و الأرض أمر بهذا الدّين، و اللّه ما على ظهر الأرض على هذا الدّين غير هؤلاء الثلاثة.
و في كتاب النّسوى أنّه كان يقول بعد إسلامه: لو كنت أسلمت يومئذ كنت ثانيا مع عليّ بن أبي طالب.
و في رواية محمّد بن إسحاق عن عفيف قال: فلمّا خرجت من مكّة إذا أنا بشاب جميل على فرس فقال: يا عفيف ما رأيت في سفرك هذا؟ فقصصت عليه، فقال لقد صدقك العبّاس و اللّه إنّ دينه لخير الأديان و إنّ امّته أفضل الامم، قلت: فلمن الأمر من بعده؟ قال: لابن عمّه و ختنه على بنته، يا عفيف الويل كلّ الويل لمن يمنعه حقّه.
ابن فيّاض في شرح الأخبار عن ابن أبي الحجّاف عن رجل أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال في خبر: هجم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- يعني أبا طالب- و نحن ساجدان قال:
أ فعلتماها ثمّ أخذ بيدي فقال: انظر كيف تنصره و جعل يرغّبني في ذلك و يحضّني عليه الخبر.
و في كتاب الشّيرازي أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله لمّا نزل الوحى عليه أتى المسجد الحرام و قام يصلّى فيه، فاجتاز به عليّ عليه السّلام و كان ابن تسع سنين فناداه يا عليّ إلىّ اقبل، فأقبل إليه ملبّيا، قال: أتى رسول اللّه إليك خاصّة و إلى الخلق عامّة، فقال: يا عليّ فقف عن يميني و صلّ معي، فقال: يا رسول اللّه حتّى أمضي و أستأذن أبا طالب والدي قال: اذهب فانّه سيأذن لك، فانطلق يستأذن في اتّباعه فقال: يا ولدي تعلم أنّ محمّدا و اللّه أمين منذ كان، امض و اتّبعه ترشد و تفلح و تشهد فأتى عليّ عليه السّلام و رسول اللّه قائم يصلّي في المسجد، فقام عن يمينه يصلّي معه، فاجتاز بهما أبو طالب و هما يصلّيان
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 263
فقال: يا محمّد ما تصنع؟ قال: أعبد إله السّماوات و الأرض و معي علىّ يعبد ما أعبد، و أنا أدعوك إلى عبادة اللّه الواحد القهّار، فضحك أبو طالب حتّى بدت نواجده و أنشأ يقول:
و اللّه لن يصلوا إليك بجمعهم حتّى اغيّب في التّراب دفينا
تاريخ الطّبري و كتاب محمّد بن إسحاق أنّ النّبي كان إذا حضرت الصّلاة خرج إلى شعاب مكّة و خرج معه عليّ بن أبي طالب مستخفيا من قومه فيصلّيان الصّلاة فيها فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك زمانا.
ثمّ روى الثعلبي معهما أنّ أبا طالب رأى النّبيّ و عليّا يصلّيان فسأل عن ذلك فأخبره النّبي أنّ هذا دين اللّه و دين ملائكته و دين رسله و دين أبينا إبراهيم في كلام له، فقال عليّ: يا أبه آمنت باللّه و رسوله و صدقته بما جاء به و صلّيت معه للّه فقال له: أما انّه لا يدعو إلّا إلى خير فألزمه.
الترجمة:
بار پروردگارا البته تو مى داني كه نبود آنچه كه واقع شد از ما يعنى طلب خلافت و محاربه از براى رغبت كردن در سلطنت دنيا، و نه أز جهة خواهش چيزى از متاع بى قدر و بها، و ليكن اين طلب و حرب بجهة اين بود كه برگردانيم آثار دين تو را، و اظهار اصلاح نمائيم در شهرهاى تو تا اين كه ايمن شوند ستم رسيده از بندگان تو، و بر پا شود آنچه كه تعطيل افتاد از حدود تو. بار پروردگارا بتحقيق من أوّل كسى هستم كه بازگشت نمود بسوى تو و شنيد دعوت پيغمبر را و قبول نمود آن را، سبقت نكرد بمن مگر حضرت رسول صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بنماز.