منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 321
فتزوّدوا في أيّام الفناء لأيّام البقاء، قد دللتم على الزّاد، و أمرتم بالظّعن، و حثثتم على المسير، فإنّما أنتم كركب وقوف لا تدرون متى تؤمرون بالسّير، ألا فما يصنع بالدّنيا من خلق للآخرة، و ما يصنع بالمال من عمّا قليل يسلبه، و يبقى عليه تبعته و حسابه، عباد اللّه إنّه ليس لما وعد اللّه من الخير مترك و لا فيما نهى عنه من الشّرّ مرغب، عباد اللّه احذروا يوما تفحص فيه الأعمال، و يكثر فيه الزّلزال، و تشيب فيه الأطفال.
الاعراب:
استفهام انكارى- استفهام توبيخى و قوله: فما يصنع، استفهام انكارى على سبيل التّقريع و التّوبيخ ، و عن في قوله. عمّا قليل، بمعنى بعد، و الضّمير في قوله: انّه ليس آه للشّأن،
المعنى:
ثمّ عاد على الحثّ على أخذ الزّاد ليوم المعاد و قال: (فتزوّدوا في أيّام الفناء لأيّام البقاء قد دللتم على الزّاد) أى دلّكم اللّه سبحانه عليه بقوله: «وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى» .
كنايه- حقيقت (و أمرتم بالظعنّ) و الرحيل (و حثثتم على المسير) يحتمل أن يكون الظّعن و المسير كنايتين عن ترك الدّنيا و الرّغبة في الآخرة و السّير إليها بالقلوب و النّفوس، فيكون المراد بالأمر و الحثّ ما ورد في الكتاب و السّنة من الآيات و الأخبار المنفّرة من الاولى و المرغبة في الاخرى، و يجوز أن يراد بهما معناهما الحقيقي أعني السّير و الرّحلة إلى الآخرة بالأبدان فيكون الأمر و الحثّ كناية عمّا أو جد اللّه من الأسباب المعدّة لفساد المزاج المقربة إلى الموت، و عن اللّيل و النّهار الحاديين
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 322
للانسان بتعاقبها إلى وطنه الأصلي على ما مرّ تحقيقا و تفصيلا في شرح الخطبة الثّالثة و السّتين.
تشبيه (فانّما أنتم كركب وقوف لا تدرون متى تؤمرون بالسّير) لمّا أمرهم بالتّزوّد في الدّنيا علّله بذلك تنبيها على وجوب المبادرة إلى أخذ الزّاد لأنّ المسافر إذا كان زمام أمره بيد غيره و لا يعلم متى يسار به لزم عليه أن يبادر إلى زاده كيلا يفجاه السّفر و يسير بغير زاد فيعطب.
قال الشّارح البحراني: قوله: فانّما أنتم كركب إلى آخره فوجه التّشبيه ظاهر، فالانسان هو النّفس، و المطايا هى الأبدان و القوى النّفسانيّة و الطريق هى العالم الحسيّ و العقلي، و السّير الّذي ذكر ما قبل الموت هو تصرّف النّفس في العالمين لتحصيل الكمالات المعدّة و هى الزّاد لغاية السّعادة الباقية، و أمّا السّير الثّاني الّذي هم وقوف ينتظرون و لا يدرون متى يؤمرون به فهو الرّحيل إلى الآخرة من دار الدّنيا و طرح البدن و قطع عقبات الموت و القبر إذ الانسان لا يعرف وقت ذلك.
استفهام توبيخى (ألا فما يصنع بالدّنيا من خلق للآخرة) الاستفهام في معرض التّنفير عن الدّنيا و التّوبيخ لطالبيها إذ الانسان لمّا كان مخلوقا للآخرة فمقتضى العقل أن يصرف همّته إليها لا إلى الدّنيا الزّائلة عنه عن قليل (و ما يصنع بالمال عمّا قليل يسلبه) و هو في معرض التّنفير عن المال بالتّنبيه على أنّه مسلوب عنه بعد زمان قليل فيزول سريعا لذّته (و يبقى عليه تبعته) أى اثمه (و حسابه) و ما كان هذا وصفه فحرىّ بأن يرفض و يترك لا أن يقتنى و يجمع.
ثمّ رغّب في الخير بقوله (عباد اللّه أنّه ليس لما وعد اللّه من الخير مترك) أى ليس للخيرات و المثوبات الّتي وعدها اللّه سبحانه في كتابه و على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم محلّ لأن تترك رغبة عنها إلى غيرها إذ كلّ خير دونها زهيد، و كلّ نفع عندها قليل كما قال عزّ من قائل: «الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ الْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌ أَمَلًا»
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 323
و في سورة آل عمران: «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الْأَنْعامِ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ». هذا و مقصوده عليه السّلام بذلك الكلام التّرغيب في الطّاعات المحصّلة للخيرات الاخرويّة و التّحضيض عليها و على القيام بوظائفها.
ثمّ نفرّ عن الشّر بقوله (و لا فيما نهى عنه من الشّر مرغب) أى ليس في المحرّمات و المعاصى التّي نهى اللّه سبحانه عنها محلّ لأن يرغب فيها مع وجود نهيه و كونها مبغوضة عنده محصّلة للآثام و العقوبات الدّائمة (عباد اللّه احذروا يوما تفحص فيه الأعمال) أى تكشف و تجد كلّ نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تودّلو أنّ بينها و بينه أمدا بعيدا (و يكثر فيه الزّلزال) و نظير التّحذير عنه بكثرة الزّلزال التّحذير في قوله تعالى: «يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ».
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 324
قال في مجمع البيان معناه يا أيّها العقلاء المكلّفون اتّقوا عذاب ربّكم و اخشوا معصية ربّكم إنّ زلزلة الأرض يوم القيامة أمر عظيم هايل لا يطاق، يوم ترون الزّلزلة أو السّاعة تشغل كلّ مرضعة عن ولدها و تنساه، و تضع الحبالي ما في بطونها و هو تهويل لأمر القيامة و تعظيم لما يكون فيه من الشّدايد أى لو كان ثمّ مرضعة لذهلت أو حامل لوضعت و إن لم يكن هناك حامل و لا مرضعة، و ترى النّاس سكارى من شدّة الخوف و الفزع، و ما هم بسكارى من الشّراب و قيل: معناه كأنّهم سكارى من ذهول عقولهم لشدّة ما يمرّ بهم لأنّهم يضطربون اضطراب السّكران هذا (و) لشدّة ذلك اليوم أيضا تمثيل (يشيب فيه الأطفال) كما قال تعالى: «يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً».
قال الطّبرسيّ: و هذا وصف لذلك اليوم و شدّته كما يقال هذا أمر يشيب منه الوليد و تشيب منه النّواصي إذا كان عظيما شديدا.
و قال الشّارح المعتزلي: قوله عليه السّلام و يشيب فيه الأطفال كلام جار مجرى المثل و ليس ذلك على حقيقته لأنّ الامّة مجتمعة على أنّ الأطفال لا يتغيّر حالهم في الآخرة إلى الشّيب، و الأصل في هذا أنّ الهموم و الأحزان إذا توالت على الانسان شاب سريعا قال أبو الطّبيب:
و الهمّ يخترم الجسيم مخافة و يشيب ناصية الصّبيّ و يهرم
الترجمة:
پس توشه برداريد در روزهاى فنا از براى روزهاى بقا، پس بتحقيق كه راه نموده شديد بر توشه آخرت و مامور شديد برحلت و حثّ و ترغيب شديد بسير كردن بسوى وطن اصلى، پس بدرستى كه شما مانند سوارانيد منتظر ايستاده كه نمى دانيد چه وقت مأمور خواهيد شد بحركت.
آگاه باشيد چه مى كند دنيا را كسى كه خلق شده است از براى آخرت، و چه كار دارد با مال كسى كه بعد از زمان قليل سلب مى شود از آن و باقى مى ماند بر او و بال و حساب آن، اى بندگان خدا بدرستى كه نيست مر چيزى را كه وعده فرموده است خدا از نيكوئى جاى تركى، و نيست در آنچه نهى فرموده از آن از بدى جاى رغبتى، اى بندگان خدا حذر نمائيد از روزى كه جستجو مى شود در آن عملها، و بسيار مى شود در آن زلزله، و پير مى شوند در آن بچه گان.