منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 344
فلسنا نعلم كنه عظمتك إلّا أنّا نعلم أنّك حىّ قيّوم، لا تأخذك سنة و لا نوم، لم ينته إليك نظر، و لم يدركك بصر، أدركت الأبصار، و أحصيت الأعمال، و أخذت بالنّواصي و الأقدام، و ما الّذي نري من خلقك، و نعجب له من قدرتك، و نصفه من عظيم سلطانك، و ما تغيّب عنّا منه، و قصرت أبصارنا عنه، و انتهت عقولنا دونه، و حالت سواتر الغيوب بيننا و بينه أعظم، فمن فرغ قلبه، و أعمل فكره، ليعلم كيف أقمت عرشك، و كيف ذرأت خلقك، و كيف علّقت في الهواء سمواتك، و كيف مددت على مور الماء أرضك رجع طرفه حسيرا، و عقله مبهورا، و سمعه والها، و فكره حائرا. (32746- 32570)
اللغة:
و (حسر) البصر حسورا من باب قعد كلّ لطول مدى و نحوه فهو حسير و (بهره) بهرا من باب نفع غلبه و منه قيل للقمر الباهر لظهوره على ساير الكواكب و (اله) تحيّر.
الاعراب:
جملة لا تأخذه في محلّ النّصب على الحال، و ما في قوله عليه السّلام: و ما الّذي نرى للاستفهام على وجه الاستحقار، و الواو في قوله عليه السّلام: و ما تغيّب، حاليّة و ما موصول اسمىّ بمعنى الّذي مرفوع المحلّ على الابتداء و خبره أعظم.
المعنى:
ثمّ إنّه عليه السّلام لمّا بالغ في حمده سبحانه و الثّناء عليه من حيث الكيف و الكمّ و الخلوص و العدد و المدد، و كان الحمد عبارة عن الوصف بالجميل على وجه التّعظيم و التّبجيل، و كان ذلك موهما لمعرفة عظمة المحمود له حقّ معرفتها، عقّب ذلك بالاعتراف بالعجز عن عرفان كنه عظمته، تنبيها على عدم إمكان القيام بوظايف الثّناء عليه و إن بولغ فيه منتهى المبالغة، تأسيّا بما صدر عن صدر النّبوّة من الاعتراف بالعجز حيث قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، و لهذا أتى بالفاء المفيدة للتّعقيب و الاتّصال فقال (فلسنا نعلم كنه عظمتك) لقصور المشاعر الظّاهرة و الباطنة من المتفكّرة و المتخيّلة و غيرهما و القوّة العقلانية و إن كانت على غاية الكمال و بلغت إلى منتهى معارجها عن إدراك ذاته و اكتناه عظمته (إلّا أنّا نعلم) أى لكن نعرفك بصفات جمالك و جلالك فنعلم (أنّك حيّ قيّوم).
قال في الكشّاف: الحىّ الباقي الّذي لا سبيل عليه للفناء و على اصطلاح المتكلّمين الّذي يصحّ أن يعلم و يقدر، و القيّوم الدّائم القيام بتدبير الخلق و حفظه (لا تأخذك سنة) هى ما يتقدّم النّوم من الفتور يسمّى النّعاس (و لا نوم) بالطّريق الأولى و هو تأكيد للنّوم المنفي ضمنا.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 349
قال الزّمخشري: و هو تأكيد للقيّوم لأنّ من جاز عليه ذلك استحال أن يكون قيّوما، و منه حديث موسى عليه السّلام أنه سأل الملائكة و كان ذلك «1» من قومه كطلب الرؤية: أ ينام ربّنا؟ فأوجى اللّه إليهم أن يوقظوه ثلاثا و لا يتركوه ينام، ثمّ قال: خذ بيدك قارورتين مملوّتين فأخذهما و ألقى اللّه عليه النعاس فضرب إحداهما على الاخرى فانكسرتا، ثمّ أوحى إليه قل لهؤلاء إنّى امسك السماوات و الأرض بقدرتي فلو أخذني نوم أو نعاس لزالتا.
و كيف كان فالمقصود بقوله: لا تأخذك سنة و لا نوم تنزيهه تعالى عن صفات البشر و تقديسه عن لوازم المزاج الحيواني.
فان قلت: مقتضى المقام أن ينفى النوم أوّلا و السنة ثانيا إذ مقام التقديس يناسبه نفى الأقوى ثمّ الأضعف كما تقول: زيد لا يقدّم على الحرام بل لا يأتي بالمكروه، و فلان لا يفوت عنه الفرائض و لا النوافل، كما أنّ التمجيد بالاثبات على عكس ذلك، فيقدّم فيه غير الأبلغ على الأبلغ تقول: فلان عالم تحرير و جواد فياض.
قلت: سلّمنا و لكنه قدّم سلب السنة تبعا لكلام اللّه سبحانه و ملاحظة للترتيب الطبيعي، فانّ السنة لما كانت عبارة عن الفتور المتقدّم عن النوم فساق الكلام على طبق ما في نفس الأمر.
(لم ينته إليك نظر) عقليّ أو بصري (و لم يدركك بصر) قد تقدّم تحقيق عدم امكان إدراكه تعالى بالنظر و البصر أي بالمشاعر الباطنة و الظاهرة في شرح الفصل الثاني من الخطبة الاولى و شرح الخطبة التاسعة و الأربعين و الخطبة الرّابعة و السّتين و الفصل الثّاني من الخطبة التّسعين مستوفي و أقول هنا مضافا إلى ما سبق: إنّ قوله عليه السّلام: لم يدركك بصر، إبطال لزعم المجوّزين للرّؤية، فانّ الامة قد اختلفوا في رؤية اللّه تعالى على أقوال، فذهب الاماميّة و المعتزلة إلى امتناعها مطلقا، و ذهبت المشبّهة و الكراميّة إلى جوازها منزّها عن المقابلة و الجهة و المكان.
______________________________
(1) اى كان ذلك السؤال من طلب قومه و لاجل استدعائهم، منه
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 350
قال الاعرابي في كتاب إكمال الاكمال ناقلا عن بعض علمائهم إنّ رؤيته تعالى جايزة في الدّنيا عقلا، و اختلف في وقوعها و في أنّه هل رآه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة الاسرى أم لا، فأنكرته عايشة و جماعة من الصّحابة و التّابعين و المتكلّمين، و أثبت ذلك ابن عباس، و قال: إنّ اللّه اختصّه بالرّؤية و موسى بالكلام و إبراهيم بالخلّة، و أخذ به جماعة من السّلف، و الأشعريّ، و جماعة من أصحابه و ابن حنبل و كان الحسن يقسم لقد رآه، و قد توقّف فيه جماعة، هذا حال رؤيته في الدّنيا.
و أمّا رؤيته في الآخرة فجايزة عقلا، و أجمع على وقوعها أهل السّنة و أحالها المعتزلة و المرجئة و الخوارج، و الفرق بين الدّنيا و الآخرة أنّ القوى و الادراكات ضعيفة في الدّنيا حتّى إذا كانوا في الآخرة و خلقهم للبقاء قوى إدراكهم فأطاقوا رؤيته، انتهى كلامه على ما حكى عنه.
و قد عرفت فيما تقدّم أنّ استحالة ذلك مطلقا هو المعلوم من مذهب أهل البيت عليهم السّلام، و عليه إجماع الشّيعة باتّفاق المخالف و المؤالف، و قد دلّت عليه الأدلّة العقليّة و النقليّة من الآيات و الأخبار المستفيضة، و من جملة تلك الآيات قوله سبحانه: «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ».
استدلّ بها النّافون للرّؤية و قرّروها بوجهين:
أحدهما أنّ إدراك البصر عبارة شايعة عن الادراك بالبصر إسناد للفعل إلى الآلة، و الادراك بالبصر هو الرّؤية بمعنى اتّحاد المفهومين أو تلازمهما، و الجمع المعرّف باللّام عند عدم قرينة العهديّة و البعضيّة تفيد العموم و الاستغراق باجماع أهل العربيّة و الاصول و أئمّة التّفسير، و بشهادة استعمال الفصحاء، و صحّة الاستثناء فاللّه سبحانه قد أخبر بأنه لا يراه أحد في المستقبل، فلو رآه المؤمنون في الجنّة لزم كذبه.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 351
و اعترض عليه بأنّ اللّام في الجمع لو كان للعموم و الاستغراق كان قوله:
تدركه الابصار موجبة كلية، و قد دخل عليها النفى فرفعها هو رفع الايجاب الكلّي و رفع الايجاب الكلّى سلب جزئيّ، و لو لم يكن للعموم كان قوله: لا تدركه الأبصار سالبة مهملة في قوّة الجزئية فكان المعنى لا تدركه بعض الأبصار، و نحن نقول بموجبه حيث لا يراه الكافرون، و لو سلّم فلا نسلّم عمومه في الأحوال و الأوقات، فيحمل على نفى الرّؤية في الدّنيا جمعا بين الأدلّة.
و الجواب أنه قد تقرّر في موضعه أنّ الجمع المحلّى باللّام عام نفيا و اثباتا في المنفيّ و المثبت كقوله تعالى: «وَ مَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ وَ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» .
حتّى أنه لم يرد في سياق النفى في شيء من الكتاب الكريم إلّا بمعنى عموم النفى و لم يرد لنفى العموم أصلا، نعم قد اختلف في النفى الدّاخل على لفظة كلّ لكنّه في القرآن المجيد أيضا بالمعنى الذي ذكرنا كقوله تعالى: «وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ».
إلى غير ذلك، و قد اعترف بما ذكرنا في شرح المقاصد و بالغ فيه.
و أمّا منع عموم الأحوال و الأوقات فلا يخفى فساده، فانّ النفى المطلق غير المقيّد لا وجه لتخصيصه ببعض الأوقات إذ لا ترجيح لبعضها على بعض، و هو من الأدلّة على العموم عند علماء الاصول.
و أيضا صحّة الاستثناء دليل عليه و هل يمنع أحد صحّة قولنا: ما كلّمت زيدا إلّا يوم الجمعة، و لا اكلّمه إلّا يوم العيد و قال تعالى «وَ لا تَعْضُلُوهُنَ...»، إلى قوله «إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ...» و قال «لا تُخْرِجُوهُنَ...» إلى قوله «يا أَيُّهَا الَّذِينَ...» و أيضا كلّ نفى ورد في القرآن بالنسبة إلى ذاته تعالى فهو للتأبيد و عموم الأوقات لا سيّما ما قبل هذه الآية.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 352
و أيضا عدم إدراك الأبصار جميعا لا يختصّ بشيء من الموجودات خصوصا مع اعتبار شمول الأحوال و الأوقات، فلا يختصّ به تعالى فتعيّن أن يكون التمدّح بمعنى عدم إدراك شيء من الأبصار له في شيء من الأوقات.
و ثانيهما أنّه تعالى تمدّح بكونه لا يرى به فانّه ذكره في أثناء المدايح و ما كان من الصّفات عدمه مدحا كان وجوده نقصا، فيجب تنزيه اللّه تعالى بنفيه مطلقا.
ثمّ لمّا نفى عنه درك الأبصار له أثبت له دركه للأبصار فقال عليه السّلام (أدركت الأبصار و أحصيت الأعمال) كما نطق به الكتاب العزيز قال عزّ من قائل: «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» و قال أيضا «يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللَّهُ وَ نَسُوهُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ».
أى أحاط به عددا لم يغب عنه شيء و نسوه لكثرته أو تهاونهم به، و اللّه على كلّ شيء شهيد أى يعلم الأشياء كلّها من جميع وجوهها لا يخفى عليه شيء منها، و قال أيضا تلو هذه الآية: «أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ».
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 353
ثمّ وصفه سبحانه بكمال الاقتدار فقال (و أخذت بالنّواصي و الأقدام) أى أحاطت قدرتك بنواصى العباد و أقدامهم، و أخذت بها على وجه القهر و الاذلال، و يجوز أن يكون المراد به خصوص أخذ المجرمين بنواصيهم و أقدامهم يوم القيامة كما قال تعالى: «يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ» .
و نسبته عليه السّلام الأخذ إلى اللّه سبحانه مع كونه فعل الملائكة من باب الاسناد إلى السبب الآمر كما أسند اللّه التوفى الى نفسه في قوله: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها» مع كونه فعل ملك الموت بدليل قوله سبحانه في سورة السجدة: «قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ» .
قال الفخر الرّازي في تفسير الآية الاولى: و في كيفيّة الأخذ ظهور نكالهم لأنّ في نفس الأخذ بالنّاصية إذلالا و إهانة، و كذلك الأخذ بالقدم. و في الأخذ بها و جهان بل قولان لأهل التّفسير.
أحدهما أن يجمع بين ناصيتهم و قدمهم من جانب ظهورهم فيربط بنواصيهم أقدامهم أو من جانب وجوههم فتكون رؤوسهم على ركبهم و نواصيهم في أصابع أرجلهم مربوطة.
و الثاني أنّهم يسحبون سحبا، فبعضهم يؤخذ بناصيته، و بعضهم يجرّ برجله استفهام تحقيرى ثمّ استفهم على سبيل الاستحقار لما استفهم عنه فقال (و ما الّذي نرى من خلقك) أى من مخلوقاتك على كثرتها و اختلاف أجناسها و أنواعها و هيئاتها و مقاديرها و خواصّها و أشكالها و ألوانها إلى غير هذه من أوصافها و حالاتها الّتي لا يضبطها عدّ و لا يحيط بها حدّ (و نعجب له من قدرتك) أى من مقدوراتك الغير المتناهية عددا و مددا و كيفا و كمّا (و نصفه من عظيم سلطانك) النّافذ في الأنفس و الآفاق، و الماضي في أطباق الأرض و أقطار السّماء (و) الحال أنّ (ما تغيّب عنّا منه)
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 354
أى من مخلوقك و مقدورك و ملكك (و قصرت أبصارنا عنه) من محسوسات الموجودات (و انتهت عقولنا دونه) من معقولات المخلوقات (و حالت سواتر الغيوب بيننا و بينه) أى كانت سرادقات العزّة و أستار القدرة عائلة بيننا و بينه، و حاجبة لنا من الوصول إليه من غيابات الغيوب و الغيب المحجوب.
(أعظم) و أفخم يعني أنّه لو قيس كلّ ما شاهدناه بأبصارنا و أدركناه بعقولنا و وصفناه بألسنتنا ممّا ذرأه اللّه سبحانه في عالم الامكان إلى ما غاب عنّا من أسرار القدرة و الجلال، و شئونات الكبرياء و الجمال لم يكن إلّا أقلّ قليل كنسبة الجدول إلى النّهر، بل القطرة إلى البحر (فمن فرغ قلبه) للنّظر في عجائب الملك و الملكوت (و أعمل فكره ليعلم) مشاهد العزّ و السّلطان و القدرة و الجبروت و أنّه (كيف أقمت عرشك) في الجوّ على عظمه (و كيف ذرأت) أى خلقت (خلقك) على كثرته (و كيف علقت في الهواء سماواتك) بغير عمد (و كيف مددت على مور الماء) أى موجه و اضطرابه (أرضك) على ثقلها مع عدم رسوبها فيه (رجع طرفه حسيرا) كليلا (و عقله مبهورا) مغلوبا (و سمعه والها) متحيّرا (و فكره حائرا) قاصرا عن الاهتداء إليه و عن الوصول إلى معرفته.
و محصّله أنّه لو بالغ أحد في إعمال فكره و بذل وسعه للوصول إلى معرفة بعض ما أبدعه اللّه سبحانه في عالم الغيب و الشّهادة من بدايع القدرة، و لطايف الحكمة، و عجايب الصّنعة لعجز و حار، و انقطع و استحار، فكيف لو رام معرفة كلّه و يشهد على ما ذكره عليه السّلام ما قدّمنا في شرح الخطبة الأولى و في شرح الخطبة التّسعين، فليراجع ثمّة.
الترجمة:
پس نيستيم ما كه بدانيم نهايت بزرگى جلال تو را غير از اين كه مى دانيم كه تو زنده قائم بامور مخلوقان، أخذ نمى كند تو را مقدّمه خواب كه خواب خفيف است و نه خواب گران، منتهى نشد بسوى كمال تو نظر و فكرى، و درك ننمود جمال تو را هيچ بصرى، درك كردى تو بصرها را، و در شماره آوردى عملها را، و اخذ كردى به پيشانيها و قدمهاى مردمان.
و چه چيز است آنچه كه مى بينيم از خلق تو و تعجّب مى كنيم از براى او از قدرت تو، و وصف مى كنيم آن را از بزرگى پادشاهى تو و حال آنكه آنچه كه غايب شده از ما از آن، و قاصر شده بصرهاى ما از درك آن و بنهايت رسيده عقلهاى ما نزد آن، و حايل شده پرده هاى غيبها ميان ما و ميان آن بزرگتر است.
پس هر كه فارغ نمايد قلب خودش را و إعمال كند فكر خود را تا بداند كه چگونه بر پا داشته عرش خود را، و چه سان آفريده مخلوقات خود را، و چه قرار در آويخته در هوا آسمانهاى خود را، و چه نوع گسترانيده بر موج آب زمين خود را بر مى گردد بينائي او در مانده و آواره، و عقل او مغلوب، و قوّه سامعه او حيران، و قوّه متفكّره او متحيّر و سرگردان.