منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 373
منها: في ذكر القرآن: فالقرآن آمر زاجر، و صامت ناطق، حجّة اللّه على خلقه، أخذ عليهم ميثاقه، و ارتهن عليه أنفسهم، أتمّ نوره، و أكرم به دينه، و قبض نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و قد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به، فعظّموا منه سبحانه ما عظّم من نفسه، فإنّه لم يخف عنكم شيئا من دينه، و لم يترك شيئا رضيه أو كرهه إلّا و جعل له علما باديا، و اية محكمة تزجر عنه أو تدعو إليه، فرضاه فيما بقي واحد، و سخطه فيما بقي واحد. و اعلموا أنّه لن يرض عنكم بشيء سخطه على من كان قبلكم، و لن يسخط عليكم بشيء رضيه ممّن كان قبلكم، و إنّما تسيرون في أثر بيّن، و تتكلّمون برجع قول قد قاله الرّجال من قبلكم، قد كفاكم مؤنة دنياكم، و حثّكم على الشّكر، و افترض من ألسنتكم الذّكر.
اللغة:
و (سخط) سخطا من باب تعب غضب. و (رجع قول) قال الشارح البحراني أى المردد منه، و لعلّه وهم لأنّ الترديد معنى الترجيح مصدر باب التفعيل و منه ترجيع الصّوت و هو تحريكه، و ترجيع الأذان و هو تكرير فصوله، و في القاموس الرجيع من الكلام المردود إلى صاحبه و الروث و كلّ مردود و لم يذكر في معاني رجع الترديد، فالظاهر أنه بمعنى النفع من قولهم ليس له منه رجع أى نفع و فائدة قال في القاموس: الرجع النفع و رجع كلامي فيه أفاد.
الاعراب:
و من في قوله: فعظموا منه زايدة أى عظموه، و ما في قوله: ما عظم مصدرية، و حاجته بالنصب عطف على منتهى.
و قوله: من ألسنتكم الذكر، قال الشارح المعتزلي من متعلّقة بمحذوف دلّ عليه المصدر المتأخر، تقديره: و افترض عليكم الذكر من ألسنتكم.
أقول: و كأنّه نظر إلى أنّ المصدر في تقدير أن و الفعل، و ان موصول حرفي لا يتقدّم معموله عليه فلا يجوز تعلّقه بنفس المصدر المذكور إلّا أنه يتوجّه عليه أنّ الظرف و الجارّ و المجرور يتّسع فيه ما لا يتّسع في غيره كما صرّح به المحقّقون من علماء الأدبية، و مثله قوله تعالى «فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ» فيصحّ فيهما تعلّقهما بالمصدر المذكور و لا حاجة إلى التقدير.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 381
المعنى:
قال السيّد (ره) (منها) أى بعض فصول هذه الخطبة الشريفة (فى ذكر القرآن) و بعض أوصافه.
مجاز من باب اطلاق اسم السبب على المسبّب- مجاز من باب تسمية الالة باسم ذى الالة (فالقرآن آمر زاجر) وصفه بهما من باب التوسع و المجاز لأنّ الامر و الناهي هو اللّه سبحانه إلّا أنّ القرآن لما كان متضمّنا لأمره و نهيه اطلق عليه لفظ الامر و الناهي من باب اطلاق اسم السبب على المسبّب كما قاله الشارح البحراني، أو من باب سيف قاتل، و إنما القاتل الضارب كما قاله الشارح المعتزلي يعني تسمية الالة باسم ذى الالة.
أقول: لمّا كان القرآن مظهرا لامريّته و زاجريّته سبحانه يكفى هذا المقدار من العلاقة و الارتباط في صحّة التجوّز، و لا حاجة الى تمحّل إدخالها في إحدى العلائق المعروفة، و قد عرفت تحقيق ذلك في ديباجة الشرح.
استعاره- الاستعارة التبعيّة- الاستعارة المكنيّة (و صامت ناطق) وصفه بالصّمت لأنّه كلام مؤلّف من حروف و أصوات صامتة لأنّ العرض يستحيل أن يكون ناطقا، لأنّ النطق إنما يحصل بالأداة و اللّهوات و الكلام و الحروف يستحيل أن يكون ذا أداة تنطق بالكلام.
و يحتمل أن يكون وصفه به من باب المجاز إن قلنا إنّ الصّمت عبارة عن عدم النطق عمّن من شأنه أن يكون ناطقا بأن يكون النسبة بينهما مقابلة العدم و الملكة، و على هذا فيكون وصفه به من باب الاستعارة تشبيها له بالحيوان الغير الناطق.
و أما وصفه بالنطق فهو من باب الاستعارة التبعيّة أو المكنيّة مثل قولهم نطقت المال بكذا و الحال ناطقة بكذا، و قد عرفت شرحه في ديباجة الشرح في المسألة السابعة من مسائل المجاز، و في التقسيم الثاني من تقسيمات الاستعارة فليراجع ثمّة.
(حجّة اللّه على خلقه) لأنّ اللّه سبحانه يحتجّ على العباد بما أتاهم و عرّفهم به و بالقرآن عرف الأحكام و أبان مسائل الحلال و الحرام و أزال العذر به عن نفسه في عقاب العاصين أن يقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين.
و أيضا فهو معجزة للنبوّة و حجّة في صدقها «كذا» النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قد بعث رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 382
«إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ» ، و «لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ» .
(أخذ عليهم ميثاقه) أى أخذ الميثاق و العهد من المكلّفين على العمل به و بأحكامه، و المراد به ما ورد في بعض الايات و صدر عن لسان النبوّة من الحثّ و الترغيب عليه و الأمر باجلاله و إعظامه و القيام بمعالمه و أحكامه.
قال الشارح المعتزلي: و من الناس من يقول: المراد بذلك قصّة الذرّية قبل خلق آدم عليه السّلام كما ورد في الأخبار و فسّر قوم عليه الاية انتهى، و الأولى ما قلناه.
تشبيه (و ارتهن عليه أنفسهم) لما كان ذمم المكلّفين مشغولة بما تضمّنه القرآن من التكاليف و الأحكام و كان اللّازم عليهم الخروج عن عهدة التكليف و تحصيل براءة الذّمة شبّههم بالعين المرهونة لدين المرتهن، فانّ فكّ رهانتها موقوف على أداء حقّ صاحب الدّين فكذا فكّ رهانة هؤلاء موقوف على عملهم بالتكاليف الشرعيّة و الأوامر المطلوبة.
و هو نظير قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الخطبة الّتي خطب بها في فضيلة شهر رمضان أيّها الناس إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم، و ظهوركم ثقيلة من ذنوبكم فخففوا عنها بطول سجودكم.
(أتمّ نوره) أى جعل نوره تامّا كاملا.
أمّا كونه نورا فلأنه نور عقلىّ ينكشف به أحوال المبدأ و المعاد يهتدى به في ظلمات برّ الأجسام و بحر النفوس قال اللّه عزّ و جلّ «يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نور ...» و أمّا تماميّته فلكونه أكمل أسباب الهداية أما في بدو الاسلام فلكونه أقوى المعجزات الموجبة لخروج النّاس من ظلمة الكفر إلى نور الاسلام، و أمّا بعده فلبقائه بين الأمة إلى يوم القيامة و اهتدائهم به إلى معالم الدّين و مناهج الشرع المبين يوما فيوما.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 383
(و) بذلك الاعتبار أيضا (أكرم به دينه) أى جعله مكرما معزّزا به (و قبض نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و قد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به) يجوز أن يكون الأحكام بكسر الهمزة أى فرغ من جعل الهداية بالقرآن محكمة أى متقنة مثبتة في قلوب المؤمنين لكنّ المضبوط فيما رأيته من النسخ بفتحها، فيكون المراد فراغته صلّى اللّه عليه و آله من أحكام الهداية أى من التكاليف الّتي يتوقّف الهداية به عليها، مثل قراءته و تعليمه و تفسير معانيه و توضيح مبانيه، و الالزام على العمل باحكامه و نحو ذلك مما يحصل به الاهتداء.
و كيف كان فالمراد أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يمض من الدّنيا إلّا بعد هداية الناس بالقرآن إلى معالم الاسلام.
روى في الكافي عن عبد العزيز بن مسلم عن الرّضا عليه السّلام أنّه قال: إنّ اللّه لم يقبض نبيّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى أكمل له الدّين و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كلّ شيء بيّن فيه الحلال و الحرام و الحدود و الأحكام و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا فقال عزّ و جلّ: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ و أنزل في حجّة الوداع و هى آخر عمره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ» و أمر الامامة من تمام الدّين و لم يمض حتّى بيّن لأمّته معالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم و تركهم على قصد سبيل الحقّ و أقام لهم عليّا عليه السّلام إماما و ما ترك شيئا يحتاج إليه الأمة إلّا بيّنه، فمن زعم أنّ اللّه لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب اللّه، و من ردّ كتاب اللّه فهو كافر.
و قد مرّ تمام تلك الرواية في شرح الفصل الخامس من المختار الثالث.
(فعظّموا منه سبحانه ما عظم من نفسه) أى عظّموه عزّ و جلّ مثل تعظيمه لنفسه، و المراد به وصفه بصفات الجلال و الاعظام و أوصاف الكمال و الاكرام الّتي نطق بها الكتاب، و أفصحت عنها السنّة النبويّة.
و علّل عليه السّلام وجوب تعظيمه بقوله: (فانّه لم يخف عنكم شيئا من دينه) و علّة ذلك باعتبار أنّ الشرعيات مصالح المكلّفين و إذا فعل الحكيم سبحانه بهم ما فيه
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 384
صلاحهم فقد أحسن إليهم، و من جملة الشّرعيّات ما هو مقرّب إلى الثواب مبعّد من العقاب، و هذا أبلغ ما يكون من الاحسان و المحسن يجب تعظيمه و شكره بقدر الامكان لا سيّما إذا كان إحسانه بالنعم العظام و العطايا الجسام.
(و) أكّد عدم إخفائه شيئا من دينه بأنه (لم يترك شيئا رضيه) و أدّى إلى ثوابه (أو كرهه) و قرب من عقابه (إلّا) و عرّفه و بيّنه (و جعل له علما باديا) أى علامة ظاهرة (و آية محكمة) واضحة (تزجر) و تنهى (عنه) لكونه مكروها (أو) تامر و (تدعو إليه) لكونه مرضيّا.
و لما ذكر أنّ اللّه سبحانه قبض نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعد ما فرغ من بيان الأحكام و أنّه لم يخف شيئا من مراسم الدّين و معالم الاسلام فرّع عليه قوله: (فرضاه فيما بقى واحد و سخطه فيما بقى واحد) يعني أنّ مرضيّه فيما بقى واحد و سخطه فيما بقى من الأحكام بين الامة بعد مضىّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله واحد، و كذلك مسخوطه فيها واحد.
و هذا هو مذهب أهل الصواب من المخطئة القائلين بأنّ للّه سبحانه في كلّ واقعة حكما معيّنا واحدا و أنّ المصيب إليه من المجتهدين واحد و غيره خاطئ.
خلافا لأهل الخطاء من المصوّبة القائلين بتعدّد الأحكام و كثرتها و اختلافها على اختلاف آراء المجتهدين، و قد عرفت تفصيل الكلام في تحقيق التخطئة و التصويب في شرح المختار الثامن عشر المسوق في ذمّ اختلاف العلماء في الفتوى، و هناك فوايد نفيسة نافعة لتوضيح المقام.
و لما ذكر أنّ حكم اللّه سبحانه واحد بالنسبة إلى الأشخاص نبّه على اتّحاده بالنسبة إلى الأزمان فقال (و اعلموا أنّه لن يرض عنكم بشيء سخطه على من كان قبلكم، و لن يسخط عليكم بشيء رضيه ممّن كان قبلكم) يعني أنّ ما كان محرّما على السالفين الحاضرين في زمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فهو محرّم على الغابرين العامين «الغائبين ظ»، و ما كان واجبا على الأوّلين فواجب على الاخرين، لأنّ شرع محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مستمرّ إلى يوم القيامة و حكمه على الواحد حكم على الجماعة، فلا يجوز تغيير الأحكام الثابتة بالكتاب
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 385
و السنّة بالاراء و المقائيس و استحسانات العقليّة.
و هذا الكلام نظير ما تقدّم منه عليه السّلام في الفصل الثّاني من المختار المأة و الخامس و السّبعين من قوله: و اعلموا عباد اللّه أنّ المؤمن يستحلّ العام ما استحلّ عاما أوّل و يحرّم العام ما حرّم عاما أوّل و إنّ ما أحدث النّاس لا يحلّ لكم شيئا مما حرّم عليكم و لكنّ الحلال ما أحلّ اللّه و الحرام ما حرّم اللّه، و قد مضى منا في شرح هذا الكلام ما يوجب زيادة البصيرة في المقام هذا.
و قد اضطرب أنظار الشارح البحراني و المعتزلي في شرح هذه الفقرة و الفقرة السابقة عليه و قصرت يدهما عن تناول المراد كما يظهر ذلك لمن راجع إلى شرحيهما ثمّ إنّه بيّن اشتراك المخاطبين مع السابقين الأوّلين في التكاليف و الأحكام و أنّه تعالى لا يرضى منهم إلّا بما كان رضيه عنهم و لا يسخط عليهم إلّا بما سخط به عن الأولين أكّد ذلك بقوله (و انما تسيرون في اثر بيّن و تتكلّمون برجع قول قد قاله الرجال من قبلكم) و هو جملة خبريّة في معنى الانشاء.
يعني اذا كان تكليفكم متّحدا مع السابقين فلا بدّ لكم أن تسلكوا منهجهم و تحذوا حذوهم و تسيروا في آثارهم البيّنة الرّشد و تعملوا بما علموه من الأحكام الواضحة من الكتاب و السنّة، و أن تتكلّموا بقول نافع قد قالوه قبلكم و تنطقوا بكلام يعود منفعته و فايدته إليكم و إلى غيركم.
و هو كلّ كلام يفضى إلى الحقّ و يهدى إلى الصراط المستقيم و النهج القويم، و تخصيصه بكلمة التوحيد أى لا إله إلّا اللّه كما ذهب اليه الشارح المعتزلي لا دليل عليه مع اقتضاء الأصل عدمه فمحصّل المراد بالجملتين أمر المخاطبين بموافقة السلف الصالحين فعلا و قولا.
(قد كفاكم مؤنة دنياكم) قال الشارح البحراني: و تلك الكفاية إمّا بخلقها و ايجادها، و إمّا برزقه بكلّ ما كتب في اللّوح المحفوظ.
أقول: الظاهر هو الثّاني و هو نظير قوله عليه السّلام المتقدّم في الفصل الأوّل من المختار التسعين: عياله الخلق ضمن أرزاقهم و قدّر أقواتهم، و قد تقدّم في شرحه فوايد نافعة ههنا.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 386
و أقول مضافا إلى ما سبق قال الامام سيّد العابدين و زين الساجدين عليه السّلام في دعائه التاسع و العشرين من الصحيفة الكاملة:
و اجعل ما صرحت به من عدتك في وحيك و اتبعته من قسمك في كتابك قاطعا لاهتمامنا بالرزق الذي تكفّلت به، و حسما للاشتغال بما ضمنت الكفاية له، فقلت و قولك الحقّ الأصدق و أقسمت و قسمك الأبرّ الأوفي «وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ» ثمّ قلت: «فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ».
قوله: «وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ» أى أسباب رزقكم بأن يرسل سبحانه الرّياح فتثير السحاب فيبسطه في السّماء فينزل الغيث و المطر فيخرج به من الأرض أنواع الأقوات و الملابس و المعايش.
و قيل: و في السّماء تقدير رزقكم أى ما قسمته لكم مكتوب في أمّ الكتاب الّذي هو في السّماء.
و في حديث أهل البيت عليهم السّلام: أرزاق الخلايق في السّماء الرّابعة تنزل بقدر و تبسط بقدر.
و قال الصّادق عليه السّلام الرّزق المطر ينزل من السّماء فيخرج به أقوات العالم و قوله: «وَ ما تُوعَدُونَ» قال الصّادق عليه السّلام هو أخبار القيامة و الرّجعة و الأخبار الّتي في السّماء، و قيل: هو الجنّة فوق السّماء السابعة و تحت العرش، ثمّ أقسم سبحانه بأنّ ما ذكره من أمر الرزق الموعود لحقّ مثل ما أنكم تنطقون، قال الزمخشري و هذا كقول النّاس إنّ هذا لحقّ كما أنك ترى و تسمع و مثل ما أنك ههنا، قيل إنّه لمّا نزلت هذه الاية قالت الملائكة هلك بنو آدم اغضبوا الرّب حتّى أقسم لهم على أرزاقهم و نقل في الكشاف عن الاصمعي قال أقبلت من جامع البصرة و طلع أعرابيّ على قعود فقال: من الرّجل؟ قلت: من بني اصمع، قال: من أين اقبلت؟ قلت:
من موضع يتلى فيه كلام الرّحمان، قال: اتل علىّ، فتلوت: و الذاريات، فلمّا بلغت
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 387
قوله «وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ» قال: حسبك، فقام إلى ناقته فنحرها و وضعها على من أقبل و أدبر، و عمد إلى سيفه و قوسه فكسرهما و ولّي.
فلمّا حججت مع الرّشيد طفقت أطوف فاذا أنا بمن يهتف بي بصوت دقيق، فاذا أنا بالأعرابي قد نحل و اصفرّ فسلّم علىّ و استقرء السّورة فلمّا بلغت الاية صاح و قال: «قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا»، ثمّ قال: و هل غير ذلك؟ فقرأت «فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ» فصاح و قال: يا سبحان اللّه من ذا الّذي أغضب الجليل حتّى حلف لم يصدّقوه بقوله حتّى ألجئوه إلى اليمين، قالها ثلاثا و خرجت معها نفسه.
(و حثكم على الشكر) لطفا بكم و رأفة لكم و رحمة عليكم، لأنّ شكره سبحانه موجب لزيادة نعمته كما أنّ كفرانها موجب لنقصانها قال عزّ من قائل: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ».
(و افترض من ألسنتكم الذكر) أى أوجب عليكم أن تذكروه سبحانه بألسنتكم كما قال «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ» و قال «وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ» و قد مضى تفصيل الكلام في ذكره تعالى و الأدلّة الواردة في فضله و الحثّ و الترغيب عليه في التنبيه الثاني من شرح الفصل السادس من فصول المختار الثاني و الثمانين.
الترجمة:
بعضى ديگر از اين خطبه در ذكر قرآن كريم است مى فرمايد:
پس قرآن امر كننده است و نهى كننده، و ساكت است بحسب ظاهر و ناطق است بحسب باطن، حجّت پروردگار است بر خلقان او أخذ فرموده است بر او عهد و پيمان ايشان را، و رهن كرده است در مقابل او نفسهاى ايشان را، تمام فرمود نور آنرا و گرامى داشت با آن دين خود را، و قبض فرمود نبيّ خود را در حالتي كه فارغ شده بود بسوى خلق از احكام هدايت با آن.
پس تعظيم نمائيد از حقّ سبحانه و تعالى مثل تعظيم كردن او ذات خود را، پس بدرستى كه پنهان نداشته است حق تعالى از شما چيزى را از دين، و فرو نگذاشته چيزى را كه پسنديده يا ناخوش گرفته مگر اين كه گردانيده از براى آن علامتى ظاهر و آيه محكم كه منع نمايد از آن يا دعوت كند بسوى او پس رضاى خدا در چيزى كه باقي مانده يكى است و سخط و غضب او در چيزى كه باقي مانده يكى است.
و بدانيد كه حق تعالى هرگز راضى نمى باشد از شما بچيزى كه دشمن گرفته است آنرا بر كسانى كه بودند پيش از شما، و هرگز غضب نمى كند بر شما بچيزى كه رضا داشته بأو از كسانى كه بودند پيش از شما، و جز اين نيست كه بايد سير نمائيد در أثر واضح گذشتگان، و تكلّم نمائيد بكلام با منفعت كه گويا شدند بان مردانى كه پيش از شما بودند. بتحقيق كه كفايت كرد خداوند عالم معيشت دنياى شما را، و تحريص فرمود شما را بر شكر، و واجب كرد از زبانهاى شما ذكر را.