منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 11، ص: 4
منها- في صفة خلق اصناف من الحيوان و لو فكّروا في عظيم القدرة، و جسيم النّعمة، لرجعوا إلى الطّريق، و خافوا عذاب الحريق، و لكنّ القلوب عليلة، و الأبصار «و البصائر خ» مدخولة، أ لا ينظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه، و أتقن تركيبه، و فلق له السّمع و البصر، و سوّى له العظم و البشر. أنظروا إلى النّملة في صغر جثّتها، و لطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، و لا بمستدرك الفكر، كيف دبّت على أرضها، و صبّت على رزقها، تنقل الحبّة إلى جحرها، و تعدّها في مستقرّها، تجمع في حرّها لبردها، و في ورودها لصدرها، مكفولة برزقها، مرزوقة بوفقها، لا يغفلها المنان، و لا يحرمها الدّيّان، و لو في الصّفا اليابس، و الحجر الجامس. و لو فكّرت في مجاري أكلها، و في علوها و سفلها، و ما في الجوف من شراسيف بطنها، و ما في الرّأس من عينها و أذنها، لقضيت من خلقها عجبا، و لقيت من وصفها تعبا، فتعالى الّذي أقامها على قوائمها، و بناها على دعائمها، لم يشركه في فطرتها فاطر، و لم يعنه في خلقها قادر، و لو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ما دلّتك الدّلالة إلّا على أنّ فاطر النّملة هو فاطر النّخلة، لدقيق تفصيل كلّشيء و غامض اختلاف كلّ حيّ، و ما الجليل و اللّطيف، و الثّقيل و الخفيف، و القويّ و الضّعيف، في خلقه إلّا سواء.
اللغة:
و (البشر) جمع البشرة مثل قصب و قصبة ظاهر الجلد و (النملة) واحدة النمل و (جثّة) الانسان شخصه.
و (استدرك) الشيء و إدراكه بمعنى و استدركت ما فات و تداركته بمعنى و استدركت الشيء أى حاولت إدراكه به، و مستدرك الفكر يحتمل أن يكون مصدرا بمعنى الادراك و أن يكون اسم مفعول و (الفكر) و زان عنب جمع فكرة بالكسر و هو اعمال النظر و قيل اسم من الافتكار و في بعض النسخ الفكر بسكون العين.
و (صبّت) على البناء للمفعول من صبّ الماء أراقه، و في بعض النّسخ بالضاد المعجمة و النون على بناء المعلوم أى بخلت و (الجحر) بالضمّ الحفرة التي تحتفرها الهوام و السّباع لأنفسها (و في ورودها لصدرها) الورود في الأصل الاشراف على الماء للشرب ثمّ اطلق على مطلق الاشراف على الشيء دخله أو لم يدخله كالورود و الصدر بالتحريك اسم من صدر صدرا و مصدار أى رجع، و في نسخة الشارح البحراني في وردها لصدرها.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 11، ص: 7
و (كفل) كفالة من باب نصر و علم و شرف ضمن و كفلته و به و عنه إذا تحملت به و (المنان) من المن بمعنى العطاء لا من المنّة و (الدّيان) الحاكم و القاضي و قيل القهار، و قيل السائس أى القائم على الشيء بما يصلحه و (الصفا) بالقصر الحجر و قيل الحجر الصّلبة الضخم لا ينبت شيئا و الواحدة صفاة و (الجامس) الجامد و قيل أكثر ما يستعمل في الماء جمد و في السمن و غيره جمس.
و (اكلها) بالضمّ فى بعض النسخ و في بعضها بضمتين المأكول و (علوها) و (سفلها) بالضمّ فيهما في بعض النسخ و بالكسر في بعضها و (الشراسيف) مقاط الاضلاع و هي أطرافها التي تشرف على البطن، و قيل الشرسوف كعصفور غضروف معلّق بكلّ ضلع مثل غضروف الكتف و (الاذن) بالضمّ و بضمّتين على اختلاف النسخ و (العجب) التعجّب أو التّعجب الكامل و (الضرب في الأرض) السيّر فيها أو الاسراع به و (الدلالة) بالكسر و الفتح اسم من دلّه إلى الشيء، و عليه أي أرشده و سدّده و (الغامض) خلاف الواضح.
الاعراب:
و جملة لا تكاد تنال حال من النملة و العامل انظروا، و قوله: كيف دبّت، في محلّ الجرّ بدل من النملة أو كلام مستأنف و الاستفهام للتّعجّب.
و مكفولة برزقها و مرزوقة بوفقها بالرفع في أكثر النسخ خبران لمبتدأ محذوف قال الشارح البحراني نصب على الحال و في بعض النسخ رزقها و وفقها بدون الباء، و عجبا مفعول به لقضيت قال الشارح البحراني: و يحتمل المفعول له على كون القضاء بمعنى الموت و هو بعيد.
المعنى:
(منها) أى من جملة فصول تلك الخطبة (في صفة) عجيب (خلق أصناف من الحيوان) أي في وصف عجايب خلقتها الدالّة على قدرة بارئها و عظمة مبدئها و تدبيره و حكمته في صنعتها، و قد تقدّم فصل واف من الكلام على هذا المعنى في الخطبة المأة و الرّابعة و الستّين و شرحها.
و قال عليه السّلام هنا: (و لو فكّروا) أى تفكروا و اعملوا نظرهم (في عظيم القدرة) أى في آثار قدرته العظيمة الظاهرة في مخلوقاته (و جسيم النعمة) أى عظيم نعمته التي أنعم بها على عباده (لرجعوا إلى الطريق) و الصراط المستقيم (و خافوا عذاب الحريق) و عقاب الجحيم لكفايتها في الهداية إليه و الاخافة منه.
قال تعالى في الاشارة إلى عظيم قدرته «اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ». و قال «أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ».
قال الطبرسي «ره» في هذه الاية استفهام يراد به التقريع و المعنى أو لم يعلموا أنّ اللّه سبحانه الّذي يفعل هذه الأشياء و لا يقدر عليها غيره فهو الاله المستحقّ للعبادة دون غيره.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 11، ص: 19
و قال في الدلالة على جسيم نعمته «أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً. وَ الْجِبالَ أَوْتاداً.. وَ خَلَقْناكُمْ أَزْواجاً. وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً. وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً. وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً.. وَ بَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً. وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً. وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً.. لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَ نَباتاً. وَ جَنَّاتٍ أَلْفافاً. إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً».
فانّ في تعداد تلك النعم اشارة إلى عظيم ما منّ به على عباده فمن تفكّر فيها أناب إلى طريق الحقّ و نهج الصواب، و خاف من سوء المال و أليم العذاب (و لكن) الناس بمعزل عن هذا بعيدون عن الاهتداء إليه لأنّ (القلوب عليلة) سقيمة (و الأبصار) أى البصاير كما في بعض النسخ (مدخولة) معيبة، فكان مرضها و علّتها مانعة عن التدبّر و التفكر.
و المراد بعلّتها خروجها عن حدّ الاعتدال و الاستقامة بسبب توجّهها إلى الشهوات النفسانيّة و العلايق البدنية، لأنّ مرض القلوب عبارة عن فتورها عن درك الحق بسبب شوبها بالشكوك و الشبهات و فسادها بالعلايق و الامنيات، كما أنّ مرض الأعضاء عبارة عن فتورها عن القيام بالاثار المطلوبة منها بسبب طروّ الفساد عليها و خروجها عن حدّ الاعتدال.
قال تعالى «فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً» و قال «وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ» أي غطاء، فانهم لما اعرضوا عن النظر فيما كلفوه أو قصروا فيما اريد منهم جهلوا ما لزمهم الايمان به، فصاروا كمن على عينيه غطاء و هو معنى العيب في الأبصار.
فان قيل: لم خصّ القلوب و الأبصار بالذكر. قلت: لأنّ القلب محلّ الفكر و النظر و الأبصار طريق إليها و إن كانت الأسماع طريقا أيضا إلّا أنّ الأبصار لكونها أعظم الطرق خصّت بالذّكر و قد جمعتها جميعا الاية الشريفة «خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ».
و لما أشار إلى عظيم قدرته اجمالا و وبخ على غفلة القلوب و عيب الأبصار و كان المقصود بذلك جذب نفوس المخاطبين و توجيه قلوبهم إلى إقبال ما يذكّرهم به أو
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 11، ص: 20
تشويقهم إلى إصغاء ما يتلى عليهم أردفه بالتنبيه على لطيف صنعه تعالى في صغير ما خلق فقال:
(ألا ينظرون إلى صغير ما خلق) من أنواع الحيوان (كيف أحكم خلقه) و أتقنه (و أتقن تركيبه) و أحكمه (و فلق) أى شقّ (له السّمع و البصر و سوّى) أى عدل (له العظم و البشر) مع ما هو عليه من الصغر.
ثمّ تخلص إلى تفصيل المرام بعد ما كساه ثوب الاجمال و الابهام، لأنّ ذكر الشيء مبهما ثمّ مفسّرا و مفصّلا أوقع في النفوس و أثبت في القلوب فقال عليه السّلام:
(انظروا إلى النملة) نظرا يوجب البصيرة و يعرف به عظيم القدرة (في صغر جثّتها) و شخصها (و لطافة هيئتها) و كيفيتها (لا تكاد تنال بلحظ البصر) أى النظر و هكذا في بعض النسخ (و لا بمستدرك الفكر).
قال العلّامة المجلسيّ «ره» مستدرك الفكر على بناء المفعول يحتمل أن يكون مصدرا أى ادراك الفكر أو بطلبها الادراك و لعلّه أنسب بقوله: بلحظ البصر، و أن يكون اسم مفعول أى بالفكر الذي يدركه الانسان و يصل إليه أو يطلب ادراكه أى منتهى طلبه لا يصل إلى ادراك ذلك، و أن يكون اسم مكان و الباء بمعنى في.
(كيف دبّت على أرضها) الاضافة لأدنى ملابسة استعاره (و صبّت على رزقها) قيل هو على العكس أى صبّ رزقها عليها.
قال الشارح المعتزلي: و الكلام صحيح و لا حاجة فيه الى هذا، و المراد و كيف ألهمت حتّى انصبّت على رزقها انصبابا أى انحطت عليه قال: و يروى و ضنّت على رزقها أى بخلت، انتهى.
و على الأوّل فلفظ الصّب استعارة لسرعة الحركة إليه كما في الماء المصبوب نحو ما ينصب فيه، و على الثاني فضنّتها لعلمها بحاجتها إلى الرزق و سعيها في الاعداد و الحفظ (تنقل الحبّة إلى حجرها) و بيتها (و تعدّها في مستقرّها) أى تهيّؤ الحبّة في محلّ استقرارها (تجمع فى حرّها لبردها) أى في أيّام الصّيف للشتاء (و فى ورودها لصدرها) أى تجمع في أيّام التمكن من الحركة لأيام العجز لأنّها تظهر
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 11، ص: 21
في أيّام الصّيف و تختفى في أيّام الشّتاء لبرودة الهواء (مكفولة) أى مضمون (برزقها مرزوقة بوفقها) أى بما يوافقها من الرزق كمّا و كيفا.
(لا يغفلها المنّان) أى لا يتركها غفلة عنها و اهمالا من غير نسيان اللّه الذي هو كثير المنّ و العطاء (و لا يحرمها الدّيان) أى لا يجعلها محرومة من رزقها الدّيان المجازي لعباده ما يستحقّون من الجزاء.
و قد يفسّر الدّيان بالحاكم، و القاضي، و القهار، و بالسايس القائم على الشيء بما يصلحه كما تفعل الولاة و الأمراء بالرعيّة.
و وجه المناسبة على الأوّل أنها حيث دخلت في الوجود طايعة لأمره و قامت فيه منقادة لتسخيره، وجبت في الحكمة الالهيّة جزاؤها و مقابلتها بما يقوم بوجودها فلا تكون محرومة من مادّة بقائها على وفق تدبيره، قاله الشارح البحراني.
و على الثاني أنّ إعطائه كلّ شيء ما يستحقّه و لو على وجه التفضّل من فروع الحكم بالحق.
و على الثالث الاشعار بأنّ قهره سبحانه لا يمنعه من العطاء كما يكون في غيره احيانا.
و على الرّابع أنّ مقتضى قيمومته بالأصلح عدم الحرمان كما هو شأن الموالى بالنسبة إلى العبيد.
و كيف كان فهو سبحانه لا يمنعها من الرزق (و لو) كانت (في الصّفا) الصلد (اليابس) الذي لا ينبت شيئا (و الحجر) الجامد (الجامس) الذي لا يتحول من موضع موضعا بل يفتح عليها أبواب معاشها في كلّ مكان و يهديها إلى أقواتها في كلّ زمان.
ثمّ نبّه على مجال آخر للفكرة في النملة موجبة للتنبيه و العبرة فقال (و لو فكرت في مجاري اكلها) أى مجاري ما تأكله من الطعام و هى الحلق و الأمعاء (و في علوها و سفلها).
قال الشارح البحراني علوها بسكون اللّام نقيض سفلها و هو رأسها و ما يليه إلى الجزء
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 11، ص: 22
المتوسّط و سفلها ما جاوز الحر من طرفها الاخر.
أقول: فعلى ذلك الضميران مرجعهما نفس النملة على حذو ما سبق، و يحتمل رجوعهما إلى المجاري و المراد واحد.
(و ما في الجوف من شراسيف بطنها) أى أطراف أضلاعها المشرفة على بطنها (و ما في الرّأس من عينها و اذنها).
قال الشارح المعتزلي و لا يثبت الحكماء للنمل آذانا بارزة عن سطوح رؤوسها و يجب إن صحّ ذلك أن يحمل كلام أمير المؤمنين عليه السّلام على قوّة الاحساس بالأصوات فانّه لا يمكن الحكماء إنكار وجود هذه القوّة لها، و لهذا إذا صيح عليهنّ هدبن.
و قوله عليه السّلام (لقضيت من خلقها عجبا) جواب لو أى لو فكرت في هذه الأمورات التي أبدعها اللّه سبحانه فيها بحسن تدبيره و حكمته و قدرته مع مالها من الصّغر و اللطافة لأدّيت من ذلك عجبا أى تعجّبت غاية التّعجب (و لقيت من وصفها تعبا) و مشقّة إن وصفتها حقّ الوصف.
(فتعالى اللّه الذي أقامها على قوائمها) مع ما بها من الدقّة و اللطافة لا يكاد أن يدركه الطرف لغاية دقتها كالخيوط الدّقيقة استعاره (و بناها على دعائمها) استعار الدّعامة الّتي هو عمود البيت لما يقوم به بدنها من الأجزاء القائمة مقام العظام و الأوتار و فيه تشبيهها بالبيت المبنيّ على الدّعائم (لم يشركه في فطرتها) أي خلقتها و ايجادها (فاطر) مبدع (و لم يعنه على خلقها قادر) مدبّر بل توحّد بالفطر و التدبير و تفرّد بالخلق و التقدير فسبحانه ما أعظم شأنه و أظهر سلطانه.
(و لو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته) أى لو سرت أو أسرعت في طرق فكرك و هى الأدلّة و اجزاء الأدلة لتصل إلى غايات الفكر في الموجودات و المكونات (ما دلّتك الدلالة) أى لم يدلّك الدّليل (إلّا على أنّ فاطر النملة) على صغرها (هو فاطر النخلة) على طولها و عظمتها، يعني أنّ خالقهما واحد و الغرض منه دفع توهّم يسر الخلق و سهولته في الأشياء الصّغيرة (لدقيق تفصيل كلّ شيء و غامض اختلاف كلّ حيّ).
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 11، ص: 23
يعني أنّ كلا من الأجسام و الأشياء صغيرا كان أو كبيرا فتفصيل جسمه و خلقته و هيئته تفصيل دقيق و اختلاف أشكالها و صورها و ألوانها و مقاديرها اختلاف غامض السّبب، فلا بدّ للكلّ من مدبّر حكيم خصّصه بذلك التفصيل و الاختلاف على اقتضاء التدبير و الحكمة، فثبت بذلك أنّها لا تفاوت فيها بين الصّغر و الكبر في الافتقار إلى الصّانع المدبّر.
و أكّد ذلك الغرض بقوله (و ما الجليل و اللّطيف) كالنخلة و النملة (و الثقيل و الخفيف) كالتراب و السحاب (و القوىّ و الضعيف) كالفيلة و السخلة (في خلقه إلّا سواء) لاستواء نسبة قدرته التي هي عين ذاته اليها.
و الغرض بذلك دفع استبعاد نسبة الخلقة العظيمة و الخلقة الصّغيرة إلى صانع واحد، و وجه الدفع أنّ المخلوقات و إن اختلفت من حيث الطبايع و الهيات و الأشكال و المقادير صغرا و كبرا و ثقلا و خفّة و ضعفا و قوّة إلّا أنّها لا اختلاف فيها من حيث النسبة إلى القدرة الكاملة للفاعل المختار.
الترجمة:
و بعضى از فقرات اين در وصف خلقت عجيبه و غريبه اصنافي از حيواناتست مى فرمايد:
اگر فكر مى كردند در قدرت عظيمه و نعمت جسيمه پروردگار هر آينه بر مى گشتند براه راست، و مى ترسيدند از عذاب آتش، و لكن قلبها ناخوش است و ديدها معيوب آيا نظر نمى كنند بسوى كوچك آنچه خلق فرموده از حيوان چگونه محكم ساخته خلقت آنرا و استوار گردانيده تركيب آن را، و شكافته از براى آن گوش و چشم را، و معتدل نمود از براى او استخوان و پوست را.
نظر بكنيد بسوى مورچه در غايت خوردى جثه او و لطافت هيئت او نزديك نيست كه ادراك شود بنگريستن بگوشه چشم و نه با طلب درك فكرها چگونه حركت مى نمايد بر زمين خود، و هجوم آورد بر روزي خود، نقل ميكند دانه را بسوى سوراخ خود، و مهيا مى نمايد آن دانه را در مقرّ خود، و جمع ميكند آن را در گرماى خود از براى سرماى خود، و در أيام تمكّن خود براى أيام عجز خود، كفيل كرده شده بروزى آن، و روزى داده شده بچيزى كه موافق مزاج او است در حالتي غفلت نمى نمايد از آن خداوندى كه كثير العطاء است، و محروم نمى فرمايد آنرا خدائى كه جزا دهنده بندگانست اگر چه بوده باشد آن مورچه در سنگ سخت و خشك و در سنگ محكم و استوار.
و اگر فكر نمودى در مجراهاى غذاى او و در بلندى و پستى أعضاى او و در آنچه در درون او است از أطراف دنده ها كه مشرفست بشكم او، و در آنچه كه در سر او است از چشم او و گوش او هر آينه تعجب مى كردى از خلقت آن بغايت تعجّب، و ملاقات مى كردى از وصف آن بتعب و مشقت، پس بلند است خداوندى كه بر پا داشت آنرا بقائمهاى آن كه دست و پاى او است، و بنا نمود عمارت بدن آنرا بر ستونهاى آن كه اعضا و جوارح او است، در حالتى كه شريك نشد او را در آفريدن آن هيچ آفريننده و اعانت نكرد او را در خلقت آن هيچ صاحب قدرت.
و اگر سير كنى در راههاى فكر خودت تا برسى بنهايتهاى آن راه ننمايد تو را راه نماينده مگر بر اين كه خالق مورچه كوچك همان خالق درخت خرماى بزرگ است از جهت دقت و لطافت تفصيل هر شيء و از جهت صعوبت و غموض اختلاف هر ذى حياة، و نيست بزرگ جثه و لطيف بدن و سنگين و سبك و صاحب قوّت و صاحب ضعف در ايجاد فرمودن او مگر يكسان.