منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 18، ص: 336
و من كتاب له عليه السلام اليه أيضا و هو المختار الحادى و العشرون من باب الكتب و الرسائل: فدع الاسراف مقتصدا، و اذكر في اليوم غدا، و أمسك من المال بقدر ضرورتك، و قدّم الفضل ليوم حاجتك. أ ترجو أن يعطيك اللّه أجر المتواضعين و أنت عنده من المتكبّرين؟ و تطمع و أنت متمرّغ في النّعيم تمنعه الضّعيف و الأرملة أن يوجب لك ثواب المتصدّقين؟ و إنّما المرأ مجزيّ بما أسلف، و قادم على ما قدّم. و السّلام. (57671- 57612)
المصدر:
هذا الكتاب بعض ما كتبه الأمير عليه السّلام إلى زياد بن أبيه و نقله كاملا الفاضل الشارح المعتزلي في شرح المختار 44 من باب الكتب و الرسائل من الجزء السادس عشر من شرحه و هو المختار المعنون بقول الرّضي: و من كتاب له عليه السّلام إلى زياد بن أبيه و قد بلغه أنّ معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه.
قال: كان عليّ عليه السّلام أخرج إليه- يعني إلى زياد- سعدا مولاه يحثّه على حمل مال البصرة إلى الكوفة، و كان بين سعد و زياد ملاحاة و منازعة؛ و عاد سعد و شكاه إلى عليّ عليه السّلام و عابه فكتب عليّ عليه السّلام إليه:
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 18، ص: 337
أمّا بعد فانّ سعدا ذكر أنّك شتمته ظلما، و هدّدته و جبهته تجبّرا و تكبّرا، فما دعاك إلى التكبّر؟ و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: «الكبر رداء اللّه فمن نازع اللّه رداءه قصمه»، و قد أخبرني أنّك تكثر من الألوان المختلفة في الطعام في اليوم الواحد و تدّهن كلّ يوم، فما عليك لو صمت للّه أيّاما، و تصدّقت ببعض ما عندك محتسبا، و أكلت طعامك مرارا قفارا؟ فإنّ ذلك شعار الصّالحين؛ أ فتطمع و أنت متمرّغ في النّعيم تستأثر به على الجار، و المسكين، و الضّعيف، و الفقير، و الأرملة و اليتيم أن يحسب لك أجر المتصدّقين؟ و أخبرني أنّك تتكلّم بكلام الأبرار و تعمل عمل الخاطئين فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت، و عملك أحبطت فتب إلى ربّك يصلح لك عملك؛ و اقتصد في أمرك و قدّم إلى ربّك «1» الفضل ليوم حاجتك و ادّهن غبّا فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله يقول: «ادّهنوا غبّا و لا تدّهنوا رقما».
فكتب إليه زياد: أمّا بعد يا أمير المؤمنين فإنّ سعدا قدم عليّ فأساء القول و العمل فانتهرته و زجرته و كان أهلا لأكثر من ذلك، و أمّا ما ذكرت من الإسراف و اتّخاذ الألوان من الطعام و النعم، فإن كان صادقا فأثابه اللّه ثواب الصالحين، و إن كان كاذبا فوقاه اللّه أشدّ عقوبة الكاذبين، و أمّا قوله: إنّي أصف العدل و اخالفه إلى غيره، فإنّي إذن من الأخسرين؛ فخذ يا أمير المؤمنين بمقال قلته «2» في مقام قمته: «الدعوى بلا بيّنة كالسّهم بلا نصل» فإن أتاك بشاهدي عدل، و إلّا تبيّن لك كذبه و ظلمه.
أقول: قد تعرّض الفاضل الشارح بأنّ ما في النهج بعض هذا الكتاب، و لا يخفى عليك أنّه لا يتضمّن ما في النهج على صورته و ألفاظه، و أنّ بين النسختين تفاوتا ظاهرا و نحن لم نظفر به في الماخذ الّتي حضرتنا، و الظاهر أنّهما كتاب واحد، بل ما في النهج بعض ذلك الكتاب إلّا أنّهما رويا على روايتين كما أنّ الرّضيّ نقل في غير موضع في النهج كلاما له عليه السّلام على روايتين.
______________________________
(1) فى الطبع الرحلى: و قدم ربك.
(2) فى الطبع المذكور: بمقالة قلته.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 18، ص: 338
اللغة:
(الاسراف) السّرف: ضدّ القصد، و قال الراغب: السّرف تجاوز الحدّ في كلّ فعل يفعله الإنسان و إن كان ذلك في الانفاق أشهر، قال تعالى: «وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا ...»- «وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَ بِداراً»، و يقال: تارة اعتبارا بالقدر، و تارة بالكيفيّة؛ و لهذا قال سفيان: ما أنفقت في غير طاعة اللّه فهو سرف و إن كان قليلا، قال اللّه تعالى: «وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ...»- «وَ أَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ» أي المتجاوزين الحدّ في امورهم، و سمّى قوم لوط مسرفين من حيث إنّهم تعدّوا في وضع البذر في الحرث المخصوص له المعنيّ بقوله تعالى: «نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ» ، و قوله في القصاص «فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ» فسرفه أن يقتل غير قاتله إمّا بالعدول عنه إلى من هو أشرف منه أو بتجاوز قتل القاتل إلى غيره حسبما كانت الجاهليّة تفعله.
قال السيّد نعمة اللّه الجزائري في فروق اللّغات: الإسراف و التبذير: قيل التبذير إنفاق المال فيما لا ينبغي، و الإسراف صرفه زيادة على ما ينبغي، و بعبارة اخرى الإسراف تجاوز الحدّ في صرف المال و التبذير اتلافه في غير موضعه فهو أعظم من الإسراف و لذا قال تعالى: «إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ» قيل: و ليس الإسراف متعلّقا بالمال فقط بل بكلّ شيء وضع في غير موضعه اللّائق به، ألا ترى أنّ اللّه وصف قوم لوط بالإسراف لوضعهم البذر في غير المحرث فقال: «إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ» و وصف فرعون بالإسراف بقوله: «إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ». أقول: و يفهم من بعض الأخبار أنّ الإسراف على ضربين: حرام و مكروه فالأوّل مثل إتلاف مال و نحوه فيما هو فوق المتعارف، و الثاني إتلاف شيء ذي نفع بلا غرض و منه إهراق ما بقى من شرب ماء الفرات و نحوها خارج الماء و قد روي ذلك عن عليّ عليه السّلام. انتهى قوله.
فتحصّل أنّ الإسراف تجاوز الحدّ في كلّ ما يفعلها الإنسان من أفعاله سواء
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 18، ص: 339
كان متعلّقه مالا أو غير مال، و التبذير إتلافه و تضييعه في غير موضعه و إذا لم يكن على سبيل الإتلاف و الإفساد بأن يكون صرفه على الإصلاح لا يسمّى تبذيرا.
(مقتصدا) القصد و الاقتصاد واسطة الامور، قال سالم بن وابصة (الحماسة 244):
عليك بالقصد فيما أنت فاعله إنّ التخلّق يأتي دونه الخلق
قال المرزوقيّ في الشرح: القصد: واسطة الامور، فما تعدّاه سرف و ما انحطّ عنه قصور، و لذلك قيل لمن ليس بجسيم و لا ضئيل، و ليس بقصير و لا طويل:
هو قصد و مقتصد، و قال في شرح الحماسة 9: القصد ما لا سرف فيه، و لذلك قيل: اقتصد في كذا، و طريق قاصد إذا كان على حدّ الإستواء، و من كلامهم: ضلّ عن قصد الطريق، كما قيل: ضلّ عن سواء السبيل قال الراجز الحصين بكير الربعي:
إنّي إذا حار الجبان الهدره ركبت من قصد الطريق منجره
قال ابن الأثير في النهاية: في الحديث ما عال مقتصد و لا يعيل أي ما افتقر من لا يسرف في الإنفاق و لا يقتر، انتهى و قال الأمير عليه السّلام لهمّام في الخطبة 191 من النهج في وصف المتقين: منطقهم الصواب، و ملبسهم الإقتصاد.
مجاز (متمرّغ) في الصحاح: مرّغته في التراب تمريغا فتمرّغ أي معّكته و تمعّك، قال ابن الأثير في النهاية: التمرّغ: التقلّب في التراب، و منه حديث عمّار: «أجنبنا في سفر و ليس عندنا ماء فتمرّغنا في التراب» ظنّ أنّ الجنب يحتاج أن يوصل التراب إلى جميع جسده كالماء.
قال الزمخشريّ في الأساس: مرّغ دابّته فتمرّغ و هذا مراغ الدوابّ و مراغتها و متمرّغها، و مرّغته تمريغا إذا أشبعت رأسه و جسده دهنا، و تمرّغ بالدّهن و من المجاز فلان يتمرّغ في النّعيم؛ يتقلّب فيه.
(الأرملة) قال الجوهريّ في الصحاح: الأرمل: الرّجل الّذي لا امرأة و الأرملة: المرأة الّتي لا زوج لها، و قد أرملت المرأة إذا مات عنها زوجها قال الشاعر- و هو جرير-:
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 18، ص: 340
هذي الأرامل قد قضيّت حاجتها فمن لحاجة هذا الأرمل الذّكر
قال ابن السكّيت: الأرامل: المساكين من نساء و رجال، قال و يقال لهم و إن لم يكن فيهم نساء، و يقال: قد جاءت أرملة من نساء و رجال محتاجين، قال و يقال للرجال المحتاجين الضعفاء: أرملة و إن لم يكن فيهم نساء، انتهى ما في الصحاح.
و قال المرزوقيّ في شرح الحماسة (577) عند قول زياد بن حمل:
ترى الأرامل و الهلّاك تتبعه يستنّ منه عليهم وابل رذم
الأرامل: جمع الأرمل و الأرملة لأنّه يقع على الذكر و الانثى و هم الّذين قد انقطع زادهم و ضاقت الأحوال بهم.
و قال عند قول كعب بن زهير (الحماسة 348):
ألا لهف الأرامل و اليتامى و لهف الباكيات على ابىّ
الأرامل: جمع أرمل، و هذه الصفة يشترك فيها المؤنّث و المذكّر، و اشتقاقه من أرمل القوم إذا نفدت نفقاتهم، و حقيقته صاروا من الفقر في الرّمل، كما يقال أترب الرّجل، و الشّهادة في اشتراك الرّجل و المرأة في هذه الصفة قول جرير: هذي الأرامل- البيت.
و قال الزمخشريّ في الأساس: أرمل: افتقر و فنى زاده و هو من الرمل كادقع من الدّقعاء، و منه الأرملة و الأرامل، قال: و في كتاب العين: و لا يقال شيخ أرمل إلّا أن يشاء شاعر في تمليح كلامه كقول جرير: هذي الأرامل- البيت. و أرملت المرأة و رملت من زوجها و لا يكون إلّا مع الحاجة.
ثمّ في نسخ خطيّة عندنا قد ضبط قوله عليه السّلام هكذا: (أ ترجو أن يؤتيك اللّه) و: (مجزيّ بما سلف) و لكنّ ما اخترناه في المتن مطابق لنسخة الرضيّ رضوان اللّه عليه.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 18، ص: 341
الاعراب:
(مقتصدا) حال لضمير دع، (غدا) مفعول لقوله اذكر، قوله أن يعطيك مأوّل منصوب مفعول لقوله ترجو، (و أنت) الواو حالية و الجملة حال لضمير ترجو، (و تطمع) عطف على قوله ترجو، و الجملة استفهاميّة على سبيل الانكار كالمعطوف عليها (و أنت) الواو حالية و الجملة حال لضمير تطمع، قوله (أن يوجب) مأوّل منصوب مفعول لقوله تطمع اخر عن الحال بعكس الاولى، و ضمير الفعل يرجع إلى اللّه.
المعنى:
لمّا أخبر سعد أمير المؤمنين عليّا عليه السّلام بأنّ زياد بن أبيه يكثر من الألوان المختلفة في الطعام في اليوم الواحد و تدّهن كلّ يوم- إلى آخر ما رواه اليعقوبيّ كما مرّ آنفا- أمره أن يترك رذيلة الإسراف، و يتّصف بفضيلة الاقتصاد الّذي هو واسطة الامور.
و أقول: إنّ لكلّ شيء حدّا هو بمنزلة قاعدته فإذا كان على قاعدته فله ثبات و قرار، و إذا جاوز عن حدّه إمّا إلى الإفراط و إمّا إلى التفريط فلا بدّ له من أن يسقط منكوسا و منكوبا و قد قال الأمير عليه السّلام: اليمين و الشمال مضلّة و الوسطى هي الجادّة.
و كما أنّ اللّه الحكيم خلق كلّ واحد من قاطبة الأشياء على قدر لائق به لو عدل عنه لا ختلّ نظام العالم كذلك جعل لكلّ ما يتعلّق بأفعال بني آدم و امور صالح الانسانيّة حدّا لو خرج الاجتماع الانساني عنه لاختلّ نظامه و هو من الهالكين و ذلك الحدّ المتعلّق بهذا النوع هو ما يحتويه الذكر الحكيم و قد قال عزّ من قائل: «إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ» ، و ذلك الحدّ هو الوسط و القسط و العدل و الحقّ كما قال تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً» (البقرة- 139) و قال: «لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ»،
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 18، ص: 342
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: بالعدل قامت السماوات و الأرض، و قال أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام: بالحقّ قامت السماوات و الأرض.
و من تفحّص في ما أتى به خاتم الأنبياء درى أنّ اللّه تعالى كتب على النّاس الإقتصاد في مطلق الامور حتّى في العبادات ففي القرآن الكريم: «لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً» (الأسرا- 32).
و قد روى الصّدوق قدّس سرّه في الفقيه (ص 12 ج 13 من الوافي): بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام: الحيف في الوصيّة من الكبائر.
و روي عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام: أنّ رجلا من الأنصار توفّي و له صبية صغار و له ستّة من الرقيق فأعتقهم عند موته و ليس له مال غيرهم فأتى النبيّ صلّى اللّه عليه و اله فاخبر فقال: ما صنعتم بصاحبكم؟ قالوا دفنّاه، قال: لو علمت ما دفنّاه مع أهل الإسلام ترك ولده يتكفّفون النّاس؟
و في باب الاقتصاد في العبادة من الوافي (ص 69 ج 3) نقلا عن الكافي باسناده عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله إنّ هذا الدّين متين فأوغلوا فيه برفق، و لا تكرهوا عبادة اللّه إلى عباد اللّه فتكونوا كالراكب المنبّت الّذي لا سفرا قطع و لا ظهرا أبقى.
ثمّ إنّه عليه السّلام أتى بالحال أعني مقتصدا إشارة إلى أنّ زيادا كما يجب عليه الإعراض عن الإسراف الّذي هو إفراط كذلك يجب عليه أيضا الإمساك الّذي هو تفريط، بل يجب عليه بعد ترك الاسراف الإقتصاد الّذي هو وسط الإفراط و التفريط.
كنايه قوله عليه السّلام: (و اذكر في اليوم غدا) نبّهه بأن لا تلهيه الامال و لا تشغله المشاغل في الدّنيا عن التأهّب و التزوّد لغده و كنّى بالغد عن بعد حياته في هذه الدار من البرزخ و يوم البعث، كما أراد باليوم هذه الدّنيا.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 18، ص: 343
قوله عليه السّلام: (و امسك- إلى قوله: ليوم حاجتك) روى اليعقوبي في تاريخه (ص 202 ج 2): أنّ رجلا قال للحسن بن عليّ عليهما السّلام: إنّي أخاف الموت؛ قال. ذاك أنّك أخّرت مالك و لو قدّمته لسرّك أن تلحق به.
استفهام انكارى قوله عليه السّلام: (أ ترجو- إلخ) استفهام على سبيل الإنكار أي كيف ترجو أن يعطيك اللّه ذلك الأجر و الحال أنت عنده كذلك، و كيف تطمع أن يوجب اللّه لك ذلك الثواب و الحال أنت تتقلّب و تتمعّك في النعيم تمنعه الضعيف و الأرملة، و هذا تحريض له على التّواضع و شركة الضعيف و الأرملة في عيشه و تنعّمه.
قوله عليه السّلام: (و إنّما المرء- إلخ) بين الانسان و عمله خيرا كان أو شرّا ارتباط خاصّ لا يرجع إلّا إليه و لا يجزى إلّا به و لا يقدم إلّا إليه و نعم ما قيل بالفارسية:
نيك و بد هر چه كنى بهر تو خوانى سازند جز تو بر خوان بد و نيك تو مهمانى نيست
قال الشارح المعتزلي في المقام: قلت قبّح اللّه زيادا كافأ إنعام عليّ عليه السّلام و إحسانه إليه و اصطناعه له بما لا حاجة إلى شرحه من أعماله القبيحة بشيعته و محبّيه و الإسراف في لعنه، و تهجين أفعاله، و المبالغة في ذلك بما قد كان معاوية يرضى باليسير منه و لم يكن يفعل ذلك لطلب رضا معاوية كلّا بل يفعله بطبعه و يعاديه بباطنه و ظاهره و أبى اللّه إلّا أن يرجع إلى امّه و يصحّح نسبه و كلّ إناء ينضح بما فيه، ثمّ جاء ابنه بعده فختم تلك الأعمال السّيّئة بما ختم و إلى اللّه ترجع الامور. انتهى.
و سيأتي كلامنا أيضا في قاتلى حجج اللّه و معانديهم في شرح المختار 44 من هذا الباب إن شاء اللّه تعالى.
الترجمة:
اين نيز نامه ايست كه أمير عليه السّلام به زياد بن أبيه نوشت:
پس ترك إسراف گوى و ميانه رو باش، و در امروز ياد فردا كن و از مال بقدر ضرورت زندگى نگه دار و زيادى را براى روز نيازت پيش فرست، آيا اميد دارى كه خدا بتو پاداش فروتنان دهد با اين كه نزد او از خود بينانى، و آيا آزمندى كه برايت ثواب صدقه دهندگان واجب گرداند با اين كه در نعمت غلطيده اى و آنرا از ناتوان و بيچارگان و بيوه زنان باز مى دارى، و همانا كه مرد به آن چه كرده است پاداش يابد، و بسوى آنچه پيش فرستاده است روى آورد. و السّلام.