منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 357
المختار الواحد و الستون و من كتاب له عليه السلام الى أهل مصر مع مالك الاشتر لما ولاه امارتها:
أمّا بعد، فإنّ اللّه -سبحانه- بعث محمّدا -صلّى اللّه عليه و آله- نذيرا للعالمين و مهيمنا على المرسلين، فلمّا مضى -صلّى اللّه عليه و آله- تنازع المسلمون الأمر من بعده، فواللّه ما كان يلقى في روعي، و لا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده -صلّى اللّه عليه و آله- عن أهل بيته، و لا أنّهم منحّوه عنّي من بعده!! فما راعني إلّا انثيال النّاس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتّى رأيت راجعة النّاس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمّد -صلّى اللّه عليه و آله- فخشيت إن لم أنصر الإسلام و أهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم الّتي إنّما هى متاع أيّام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السّراب، أو كما يتقشّع السّحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتّى زاح الباطل، و زهق، و اطمأنّ الدّين و تنهنه.
اللغة:
(مهيمنا): أصل مهيمن مؤيمن فقلبت الهمزة هاءا كما قيل في أرقت الماء: هرقت، و قد صرّف فقيل: هيمن الرجل إذا ارتقب و حفظ و شهد- مجمع البيان.
(الرّوع): القلب، (البال): الخاطر، (تزعج): تردّ، (منحّوه): مبعّدوه (الانثيال): الانصباب، (محق): قيل: المحق ذهاب الشيء كلّه حتّى لا يرى له أثر، (ثلمة) كبرمة: الخلل الواقع في الحائط و غيره، (هدمت) البناء من باب ضرب: أسقطته، (زاح): ذهب، (زهق): زال و اضمحلّ، (تنهنه): سكن، و أصله الكفّ تقول: نهنهت السبع فتنهنه: أى كفّ عن حركته و إقدامه.
الاعراب:
نذيرا: حال عن محمّد صلّى اللّه عليه و آله، أنّ العرب: جواب القسم، منحّوه: اسم فاعل من نحّى مضاف إلى مفعوله، إلّا انثيال: مستثنى مفرّغ و في موضع الفاعل لقوله راعني، رأيت: من رؤية البصر متعدّ إلى مفعول واحد، راجعة: مصدر مضاف إلى الناس أى ردة الناس، قد رجعت: جملة حاليّة عن قوله عليه السّلام «الناس»، تكون المصيبة به: جملة وصفيّة لقوله ثلما.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 358
المعنى:
قال الشارح المعتزلي «ص 152 ج 17 ط مصر»: و الروع: الخلد، و في الحديث «إنّ روح القدس نفث في روعي» قال: ما يخطر لي ببال أنّ العرب تعدل بالأمر بعد وفاة محمّد صلّى اللّه عليه و آله عن نبي هاشم، ثمّ من بني هاشم عنّي: لأنّه كان المتيقّن بحكم الحال الحاضرة، و هذا الكلام يدلّ على بطلان دعوى الاماميّة النصّ و خصوصا الجليّ منه.
أقول: قد فسّر أهل البيت في كلامه عليه السّلام ببني هاشم و هو غير صحيح لأنّ أهل بيت النبي و عترته هم فاطمة و عليّ و الحسن و الحسين عليهم السّلام، يدلّ على ذلك آية التطهير.
قال في مجمع البيان بعد تفسير كلمة البيت: و اتّفقت الامّة بأجمعها على أنّ المراد بأهل البيت في الاية أهل بيت نبيّنا ثمّ اختلفوا فقال عكرمة أراد أزواج النبيّ لأنّ أوّل الاية متوجّه إليهنّ، و قال أبو سعيد الخدري و أنس بن مالك و واثلة بن الاسقع و عايشة و امّ سلمة أنّ الاية مختصّة برسول اللّه و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام.
ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره: حدّثني شهر بن حوشب عن امّ سلمة قالت: جاءت فاطمة إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله حريرة لها، فقال: ادعي زوجك و ابنيك، فجاءت بهم فطعموا، ثمّ ألقى عليهم كساءا له خيبريّا فقال: اللهمّ هؤلاء أهل بيتي و عترتي فأذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا، فقلت: يا رسول اللّه و أنا منهم؟
قال: أنت على خير- انتهى.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 359
و قد روى في هذا المعنى أخبارا أخر عنها و عن عائشة و عن جابر و عن الحسن بن عليّ عليه السّلام و قال: و الروايات في هذا كثيره من طريق العامّة و الخاصّة لو قصدنا إلى إيرادها لطال الكتاب- إلخ.
فالمقصود من الجملتين واحد و هو عدم احتمال تنحية العرب إيّاه عليه السّلام عن الخلافة بعد وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و المقصود أنّ استحقاقه لها و توصية النبيّ بكونه بعده صاحب الأمر واضحة جليّة عندهم من إصرار النبي على ذلك و تكراره في كلّ موقف يقتضيه و إعلامه على رءوس الأشهاد في غدير خم و تنصيصه عليه في قوله صلّى اللّه عليه و آله «يا عليّ أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي» المتّفق على صدوره عنه صلّى اللّه عليه و آله غير مرّة فدلالة كلامه عليه السلام على وجود دلائل واضحة و مبيّنة للعرب بخلافته كالنار على المنار.
و العجب من الشارح المعتزلي حيث اتّهم كلامه بالدلالة على عدم وجود النصّ و لا أدرى أنّها أىّ دلالة من أقسام الدلالات مطابقة أم تضمّن أم التزام؟! و إنّما أظهر عليه السلام العجب من توافق أكثر العرب من ترك إطاعة الكتاب و السنّة و عدم تمكينهم له.
فانّ تصدّى الامامة و التصرّف في امور الامّة يحتاج إلى أمرين: صدور النصّ بها و تمكين الامّة لها، فاذا لم يتمكّنو للامام بمقدار يتحقّق جماعة الاسلام بحيث تقوى على إنفاذ الامور و الدفاع عن المخالف يقع الامام في المحذور لأنّه إن نهض تجاههم بقوّة بشريّة يقتلونه و إن نهض بقوّة إلهيّة تقهرهم فيسقط مصلحة التكليف القائمة على الاختيار و قد قال اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله: «و ما أنت عليهم بجبّار فذكّر بالقرآن من يخاف وعيد 45- ق».
قال الشارح المعتزلي في هذه الصفحة: قوله (فأمسكت بيدى) أى امتنعت عن بيعته (حتّى رأيت راجعة الناس) يعني أهل الردة كمسيلمة و سجاح و طليحة ابن خويلد و مانعي الزكاة و إن كان مانعوا الزكاة قد اختلف في أنّهم أهل ردّة أم لا، ثمّ عقّب كلامه بما رواه عن ابن جرير الطبرى من اجتماع أسد و غطفان و طيء
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 360
على طليحة بن خويلد- إلى أن قال: «فخرج عليّ عليه السّلام بنفسه و كان على نقب من أنقاب المدينة».
أقول: الظاهر أنّ المراد من إمساكه يده إمساكه عن بيعة موافقيه معه و قيامه بالامامة فانتظر أمر بيعة أبي بكر هل يفوز بالأكثريّة الساحقة بحيث يسقط تكليفه بالجهاد و الدفاع لقلّة أعوانه أم لا؟ فكان الأمر رجوع الناس و ارتدادهم عن وصيّة رسول اللّه و استخلافه فانّ المقصود من كلمة «الناس» في قوله «رأيت راجعة الناس» المعرّف باللام هو المقصود منه في قوله «الناس» في جملة (فما راعني إلّا انثيال الناس على فلان).
و قد فسّره الشارح بأبي بكر و قال: أى انصبابهم من كلّ وجه كما ينثال التراب على أبي بكر، و هكذا لفظ الكتاب الّذي كتبه للأشتر و إنّما الناس يكتبونه الان «إلى فلان» تذمّما من ذكر الاسم.
أقول: مرحبا باعترافه بتذّمم الناس من اسم أبي بكر.
فمقصوده عليه السلام من الناس الّذين رجعوا عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله هم الّذين بايعوا مع أبي بكر، و لمّا أيس عليه السّلام من المبارزة معهم بقوّة الامرة و الحكومة و تصدّي زعامة الامّة عدل إلى مبارزة مسلميّة و بايع أبا بكر و نصر الاسلام بارائه النيّرة و هداهم إلى المصالح الاسلاميّة كاظما غيظه و صابرا على سلبهم حقّه، فكم من مشكلة حلّها و قضيّة صعبة لجئوا فيها إليه حتّى قال عمر في عشرات من المواقف: «لو لا عليّ لهلك عمر» و هذا هو المعنيّ بقوله عليه السّلام: (فخشيت إن لم أنصر الاسلام و اهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به عليّ أعظم).
و هذه الصعوبات الّتي حلّها علما و رأيا هي الأحداث الّتي نهضت لها حتّى زاح الباطل و زهق، و المقصود منه توطئة خبيثة دبّرها بنو اميّة لمحق الاسلام و الرجوع إلى آداب الجاهليّة الاولى (و اطمأنّ الدين و تنهنه) عن الزوال ببقاء ظواهر الاسلام و دفع الشبهات و عرفان جمع من العرب و الناس الحقّ و رجوعهم
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 361
إليه و استقرار طريقة الشيعة الاماميّة و تحزّبهم علما و تدبيرا حتّى تسلسل أئمّة الحقّ كابرا عن كابر فأوضحوا الحقائق و هدوا إلى صراط عليّ جماّ غفيرا من الخلائق حتّى قويت شوكتهم و ظهرت دولتهم في القرون الاسلاميّة الاولى و دامت و اتّسعت طيلة القرون الاخرى تنتظرون أيّام كلمتهم العليا و ظهور الحجّة على أهل الأرض و السماء ليظهر اللّه دينه على الدين كلّه و لو كره المشركون.
الترجمة:
از نامه اى كه با مالك أشتر بمردم مصر نگاشت هنگامى كه او را بولايت مصر گماشت:
أمّا بعد، پس براستى كه خداوند سبحان محمّد صلّى اللّه عليه و آله را فرستاد تا بيم دهنده جهانيان باشد و گواه و أمين بر همه فرستادگان خداوند منّان، چون از اين جهان در گذشت -و بر او درود باد- مسلمانان بر سر كار خلافت او نزاع كردند و بخدا سوگند كه در نهاد من نمى گنجيد و در خاطرم نمى گذشت كه عرب كار جانشينى و رهبرى پس از او را از خاندانش بگردانند و نه اين كه مرا از پس وفات وى از آن دور سازند و بكنار اندازند.
و مرا در هراس اندر نساخت مگر پيرامون گيرى مردم بر فلانى «ابي بكر» در بيعت با وى، من دست روى هم نهادم و بنظاره ايستادم تا برگشت مردم را از دين بچشم خود ديدم كه از اسلام برگشته اند و براى نابود ساختن دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله دعوت مى كنند.
پس ترسيدم اگر اسلام و مسلمانان را يارى ندهم رخنه سخت و تباهي كلّي در اسلام بينم كه مصيبت آن بر من بزرگتر باشد از فوت سرورى و حكمفرمائى بر شما مسلمانها كه خود بهره چند روز اندك است، و هر چه هم باشد چون سراب زائل گردد و چون ابر و سحاب از هم بپاشد، پس براى دفع و رفع اين پيشامدها بپا خواستم و كوشيدم تا باطل از ميان رفت و نابود شد و ديانت اسلام گسترده و پابرجا گرديد.