منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 157
و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الواحد و الخمسون من المختار في باب الخطب:
و أستعينه على مداحر الشّيطان و مزاجره، و الاعتصام من حبائله و مخاتله، و أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، و نجيبه و صفوته، لا يوازى فضله، و لا يجبر فقده، أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة، و الجهالة الغالبة، و الجفوة الجافية، و النّاس يستحلوّن الحريم، و يستذلّون الحكيم، يحيون على فترة، و يموتون على كفرة.
اللغة:
(الدّحر) الطّرد و الابعاد و الدّفع بعنف على الاهانة كالدّحور و قال سبحانه «وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً» و قال أيضا «قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً».
و مداحر الشّيطان جمع مدحر و هى الأمور الّتى محلّ طرده و إبعاده.
و قال الشّارح البحراني و المعتزلي: هى الامور الّتي بها يطرد و يبعد، و على قولهما فهى للآلة، و على ذلك فلا يجوز جعلها جمعا لمدحر كما توهّمه البحراني لأنّ مفعل بفتح الميم للمكان و بالكسر للآلة كما صرّح به جميع علماء الأدبيّة، فلا بدّ من جعلها جمعا حينئذ لمدحرة بكسر الأوّل و الهاء أخيرا و زان مكسحة و مروحة، اللهمّ إلّا أن يقال: إنّ مدحر بالكسر للآلة أيضا و جمع مفعل على مفاعل قد ورد في كلامهم مثل ملحف و ملاحف و مقود و مقاود.
فقد تلخص ممّا ذكرنا أنّ مداحر يصحّ جعلها جمع مدحر بالفتح للمكان و مدحر و مدحرة بالكسر فيهما للآلة و نحوه (المزاجر) للامور الّتي
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 160
يزجر بها أو هى محلّ الزّجر من زجر الكلب نهنهه جمع مزجر و مزجر و (ختله) يختله بالكسر خدعه، و المخاتل الأمور الّتي بها يختل و يخدع و (يوازي) مضارع آزى بالهمز و لا يقال وازى و (الجهالة الغالبة) في بعض النّسخ بالموحّدة من الغلبة و في بعضها بالمثنّاة من الغلاء و هو الارتفاع أو من الغلوّ و هو مجاوزة الحدّ و (يستذلّون الحكيم) في بعض النّسخ باللّام من الحلم و (الفترة) انقطاع ما بين النبييّن و (كفرة) بالفتح واحدة الكفرات كضربة و ضربات.
الاعراب:
جملة لا يوازى فضله الظّاهر أنّها استيناف بيانيّ، و جملة أضاءت حال من فاعل المصدر أعني فقده، و يحتمل الاستيناف البياني أيضا، و النّاس حال من مفعول أضاءت،
المعنى:
اعلم أنّ هذه الخطبة مسوقة في معرض الاخبار عن الملاحم و الوقايع الحادثة في غابر الزّمان، و صدّرها بالاستعانة على ما يجب الاستعانة من اللَّه سبحانه عليه، و عقّب ذلك بالشّهادة بالتّوحيد و الرّسالة و ذكر ممادح الرّسول صلّى اللَّه عليه و آله فقال:
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 162
(و أستعينه على مداحر الشّيطان و مزاجره) أى العبادات و الحسنات الّتي هى محلّ طرده و زجره أو بها يطرد و يزجر استعاره (و الاعتصام من حبائله و مخاتله) أى المعاصي و السّيئآت الّتي لها يصيد الانسان و يخدع البشر:
قال الشّارح البحراني: و استعار لها لفظ الحبائل و هى أشراك الصّائد لمشابهتها في استلزام الحصول فيها للبعد عن السّلامة و الحصول في العذاب (و أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له) قد تقدّم في شرح الفصل الثّاني من الخطبة الثّانية شرح هذه الكلمة الطيّبة بما لا مزيد عليه فليراجع ثمّة (و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله) صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم (و نجيبه) أى الكريم الحسيب الّذي انتجبه من خلقه، و يروى و نجيّه أى المناجي له و المشرف بمناجاته و مخاطبته و أصله من النّجوى و هي التّخاطب سرّا (و صفوته) أى مختاره و مصطفاه من النّاس، و قد مضى تحقيق ذلك في شرح الخطبة الثّالثة و التّسعين.
و لمّا كان ههنا مظنّة أن يسأل و يقال: هل يدانيه أحد في فضله أو يوازيه في كماله فيقوم مقامه عند افتقاره؟ أجاب بقوله: (لا يوازى فضله) أى لا يحاذى و لا يساوى (و لا يجبر فقده) قال الشارح البحراني: إذ كان كماله في قوّتيه النّظرية و العمليّة غير مدرك لأحد من الخلق، و من كان كذلك لم يجبر فقده إلّا بقيام مثله من النّاس، و إذ لا مثل له فيهم فلا جبران لفقده.
مجاز (أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة) نسبة أضاءت إلى البلاد من باب التّوسع، و المراد اهتداء أهل البلاد بنور وجوده الشّريف إلى ما فيه صلاح المعاش و المعاد بعد تيههم في ظلمة الكفر و الضلال كما تقدّم في شرح الفصل السّادس عشر من الخطبة الأولى، و عرفت هناك أنّه صلّى اللَّه عليه و آله قد بعث و أهل الأرض يومئذ ملل متفرّقة، و أهواء منتشرة، و طرايق متشتّتة، بين مشبّهة و مجسّمة و زنادقة و غيرها (و) كانوا متّصفين ب (الجهالة الغالبة) عليهم (و) موصوفين ب (الجفوة الجافية) يريد بها غلظ الطّبيعة و قساوة القلوب و سفك الدّماء و وصفه بالجافية للمبالغة من قبيل شعر الشّاعر و داهية دهياء، و قد تقدّم توضيح جفوة العرب و غلظهم في شرح
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 163
الفصل الأوّل من الخطبة السّابعة و العشرين.
(و النّاس يستحلّون الحريم) أى حرمات اللَّه الّتي يجب احترامها و محرّماته (و يستذلّون الحكيم) أو الحليم كما في بعض الرّوايات، و الحكمة هو العلم الّذي يرفع الانسان عن فعل القبيح، و الحلم هو العقل و التّؤادة و ضبط النّفس عن هيجان الغضب، و المعلوم من حال العرب استذلال من له عقل و معرفة و تجنّب عن سفك الدّماء و عن النهب و الغارة و إثارة الفتن لزعمهم أنّ ذلك من الجبن و الضّعف (يحيون على فترة) من الرّسل و انقطاع من الوحى الموجب لانقطاع الخير و تقليل العبادات و المجاهدات و موت النفوس بداء الجهل و الضّلالات (و يموتون على كفرة) لعدم هاد يهديهم إلى النّهج القويم و الشّرع المستقيم.
الترجمة:
از جمله خطب شريفه آن امام مبين و سيّد وصيّين است در ذكر ملاحم مى فرمايد:
و طلب يارى ميكنم از حضرت ربّ العالمين بر عبادات و طاعات كه محلّ طرد و زجر شيطان لعين است، و بر محفوظ شدن از معاصى و سيئات كه ريسمانهاى صيد آن ملعون و اسباب مكر و خدعه آن نابكار است، و شهادت مى دهم باين كه نيست خدائى جز خداى متعال در حالتى كه تنها است شريك نيست مر او را، و شهادت مى دهم باين كه محمّد بن عبد اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بنده پسنديده و پيغمبر اوست و برگزيده و مختار اوست برابر كرده نمى شود فضل او، و جبران نمى شود فقدان او، روشن شد بوجود شريف آن بزرگوار شهرها بعد از گمراهى ظلمانى و نادانى غالب و غلظت غليظه طبايع در حالتى كه مردمان حلال مى شمردند محرمات را، و خوار مى شمردند صاحب حكمت و معرفت را زندگانى مى كردند در زمان انقطاع پيغمبران، و مى مردند بر كفر و طغيان.