منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 13، ص: 49
و من كلام له عليه السّلام كان كثيرا ما ينادى به أصحابه و هو المأتان و الثالث من المختار فى باب الخطب و هو مروىّ في البحار من أمالي الصّدوق باختلاف كثير تطلع عليه:
تجهّزوا رحمكم اللّه فقد نودي فيكم بالرّحيل، و أقلّوا العرجة على الدّنيا، و انقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزّاد، فإنّ أمامكم عقبة كئودا، و منازل مخوفة مهولة، لا بدّ من الورود عليها، و الوقوف عندها، و اعلموا أنّ ملاحظ المنيّة نحوكم دائبة، و كأنّكم بمخالبها و قد نشبت فيكم، و قد دهمتكم منها مفظعات الأمور، و معضلات المحذور، فقطّعوا علايق الدّنيا، و استظهروا بزاد التّقوى (49271- 49207)
قال السّيّد «ره»: و قد مضى شيء من هذا الكلام فيما تقدّم بخلاف هذه الرّواية أقول: الأشبه أن يكون مراده به ما تقدّم في الخطبة الرّابعة و الثّمانين.
اللغة:
(جهاز) المسافر ما يحتاج إليه في قطع المسافة و هو بالفتح و به قرء السّبعة في قوله تعالى «فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ» و الكسر لغة قليلة، و جهاز العروس و الميّت باللغتين أيضا ما يحتاجان إليه و جهّزته تجهيزا هيّأت جهازه فتجهّزو (العرجة) بالضمّ الاقامة من عرّج تعريجا و تعرّج تعرّجا أى أقام و حبس المطيّة على المنزل و (عقبة كئود) ككفور و كأداء أى صعبة شاقّة من تكأدّني الأمر شقّ علىّ و (هاله) الأمر هولا أفزعه، و الهول المخافة و الجمع أهوال و هول هائل و مهول كمصون تاكيد و (الملاحظ) جمع الملحظ مصدر ميميّ بمعنى اللحظ يقال لحظه و إليه لحظا من باب منع و لحظانا بالتّحريك نظر بمؤخّر عينيه قال الشّاعر:
و أسرار الملاحظ أين تخفى و قد يقرأ بذي اللّحظ الظّنون
قال الفيروزآبادي: اللّحظ أشدّ التفاتا من الشّرز و (دئب) في الأمر دئبا جدّ و تعب، و في بعض النسخ دانية بدل دائبة من الدنوّ بمعنى القرب و (المخلب) من السّباع كالظّفر من غيرها و (نشب) نشبا من باب تعب علق و (المعضلات) الشّدايد من أعضل به الأمر اشتدّ.
و في نسخة الشارح المعتزلي مضلعات المحذور و فسّرها بالخطوب التي تضلع أى تجعل الانسان ضلعا أى معوجا.
أقول: لعلّه أخذه من ضلع السيف ضلعا من باب فرح اعوجّ، و لا قيمنّ ضلعك بالتحريك و بالسكون أيضا و هو الاعوجاج خلقة و لكن الأظهر أن يكون مأخوذا من أضلعه الدّين أثقله حتى يميل صاحبه عن الاستواء و حمل مضلع وزان محسن أى ثقيل و ان كان مرجعه أيضا إلى الأول.
و روى مظلعات المحذور بالظاء المشالة، قال الشارح المعتزلي: أراد الامور التي تجعل الانسان ظالعا أى يغمر في مشيه لثقلها عليه و الماضي ظلع بالفتح يظلع
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 13، ص: 50
ظلعا فهو ظالع، و في القاموس ظلع البعير كمنع غمز في مشيه، و الظالع المائل و الظلاع كغراب داء في قوائم الدابة لا من سير و لا تعب.
الاعراب:
قول السيد: كثيرا ما ينادي، كثيرا منصوب على الظرفية المجازية مفعول لقوله ينادى قدّم عليه لتضمّنه معنى الظرف أى ينادى حينا كثيرا أى في كثير من الأوقات، و نحوكم منصوب بنزع الخافض متعلّق بقوله دائبة، تشبيه و قوله: و كأنكم بمخالبها، كأنّ للتشبيه و الظرف متعلق بفعل محذوف بقرينة المقام أى كأنكم تبصرون بمخالبها على حدّ قوله تعالى «فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ» و الجملة خبر كأنّ و جملة و قد نشبت في محلّ النّصب حال من مخالبها لكونه مفعولا بالواسطة و قوله و قد دهمتكم جملة مستأنفه، و الفاء في قوله: فقطعوا فصيحة.
المعنى:
اعلم أنّ هذا الكلام حسبما أشار إليه السيّد كان عليه السّلام كثيرا ما ينادي به أصحابه بعد صلاة العشاء الاخرة كما صرح به في رواية الامالى الاتية ايقاظا لهم عن نوم الغفلة و إزعاجا من الاغترار بالدّنيا يناديهم بحيث يسمع من في المسجد.
(تجهّزوا رحمكم اللّه) أى خذوا جهاز الموت و هيئوا ما تحتاجون إليه في طيّ منازل الاخرة و الوصول إلى حضرت ربّ العزّة.
(فقد نودى فيكم بالرّحيل) أى بالارتحال و المسافرة إلى العقبي، و المراد بالمنادى إما توارد الالام و الأسقام و تراكم الأسباب المعدّة للمزاج للفساد، أو الملك المأمور من اللّه تبارك و تعالى بالنداء يقول: لدوا للموت و ابنوا للخراب أو طروّ المشيب و الهرم كما قال عليه السّلام في الدّيوان المنسوب إليه:
الشيب عنوان المنيّة و هو تاريخ الكبر
و بياض شعرك موت شعرك ثم أنت على الاثر
و إذا رأيت الشيب عمّ الرأس فالحذر الحذر
و يحتمل أن يكون المراد بالرّحيل الازعاج من الدّنيا و التوجّه إلى الاخرة
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 13، ص: 51
و السفر إلى اللّه بالرّياضيات الكاملة، فالمراد بالنداء حينئذ ما نطق به الكتاب العزيز و جرى على ألسنة الأنبياء و الرّسل و الأئمة من الأوامر الواردة بالزّهد كما قال عليه السّلام موتوا قبل أن تموتوا، أو أنّ المراد به اخبارهم بأنهم يرتحلون و لا يبقون كما قال تعالى «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ» و «أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ» و نحو ذلك، و قد مرّ نظير هذه الفقرة في الخطبة الثالثة و الستّين و هو قوله: ترحّلوا فقد جدّ بكم، فليراجع ثمّة.
(و أقلّوا العرجة على الدّنيا) أى الاقامة عليها و حبّ البقاء فيها، و المراد به الأمر بقصر الأمل و عدم تطويله، لأنّ طول الأمل ينسى الاخرة.
كما قال عليه السّلام في المختار الثاني و الأربعين: إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنان اتّباع الهوى و طول الأمل، فأما اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ، و أما طول الأمل فينسى الاخرة، و مضى في شرحه مطالب نافعة و أخبار نفيسة.
و قال عليه السّلام في المختار الثامن و العشرين: ألا و إنكم قد امرتم بالظعن و دللتم على الزاد، و إنّ أخوف ما أخاف عليكم اتّباع الهوى و طول الأمل، و مضى في شرحه أيضا مطالب و أخبار شريفة و روينا هناك عن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من تعلّق قلبه بالدّنيا تعلّق بثلاث خصال: همّ لا يفنى، و أمل لا يدرك، و رجاء لا تنال.
و محصّل المراد من إقلال الاقامة على الدّنيا الزّهد فيها و القناعة على القدر الضروري من العيش و ارتقاب الموت و لنعم ما قال عليه السّلام في الدّيوان المنسوب إليه:
إنما الدّنيا فناء ليس للدّنيا ثبوت إنما الدّنيا كبيت نسجته العنكبوت
و لقد يكفيك منها أيها الطالب قوت و لعمرى عن قليل كلّ من فيها يموت
و قال أيضا:
أ لم تر أنّ الدّهر يوم و ليلة يكرّان من سبت جديد إلى سبت
فقل لجديد الثوب لابدّ من بلى و قل لاجتماع الشمل لا بدّ من شتّ
و قال أيضا:
بيت و يوم و قوت يوم يكفى لمن فى غد يموت
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 13، ص: 52
و ربما مات نصف يوم و النصف من قوته يفوت
و فيه أيضا:
بيت يوارى الفتى و ثوب يستر من عورة و قوت
هذا بلاغ لمن تحسى و ذا كثير لمن يموت
(و انقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد) أى انصرفوا إلى وطنكم الأصلى الّذي منه خرجتم و هو الدّار الاخرة و الجنّة و ذلك باعتبار كونهم ذرّا في صلب أبيهم آدم منه خرج و إليه عاد أو المراد انصرافهم إلى الحقّ الأوّل عزّ و جلّ فانّه تعالى منه البداء و إليه الانتهاء، و هو غاية مراد المريدين، و منتهى سير السّايرين، و مرجع الرّاجعين كما قال تعالى «ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»* و قال «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» .
و على أىّ تقدير فلا يخفى ما في التعبير بلفظ الانقلاب من حسن التّقرير و بديع الصّناعة، و محصّل المراد الأمر بتحصيل صالح الزاد ليوم المعاد و أراد به التقوى كما قال عزّ و علا «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَ...» .
و علّل شدّة الحاجة إلى أخذ الزاد بقوله (فانّ أمامكم عقبة كئودا) أى صعبة شاقّة المصاعد.
(و منازل مخوفة مهولة لابدّ من الورود عليها و الوقوف عندها) أشار بها إلى شدايد الموت و مشاق البرزخ و منازل الاخرة و مواقف القيامة و أهاويلها و أخاويفها و أفزاعها «يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ».
روى في البحار من أمالي المفيد عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللّه جعفر ابن محمّد عليهما السّلام: ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فانّ في القيامة خمسين موقفا كلّ موقف كألف سنة ممّا تعدّون ثمّ تلا هذه الاية «فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ».
و من تفسير عليّ بن إبراهيم في هذه الاية قال عليه السّلام: إنّ في القيامة خمسين موقفا لكلّ موقف ألف سنة.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 13، ص: 53
و قال الصّدوق في عقايده، اعتقادنا في العقبات التي على طريق المحشر أنّ كلّ عقبة منها اسم فرض و أمر و نهى، فمتى انتهى الانسان إلى عقبة اسمها فرض و كان قد قصر في ذلك الفرض حبس عندها و طولب بحقّ اللّه فيها.
فان خرج منه بعمل صالح قدّمه أو برحمة تداركه نجى منها إلى عقبة اخرى فلا يزال من عقبة إلى عقبة و يحبس عند كلّ عقبة فيسأل عمّا قصر فيه من معنى اسمها فان سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء فيحيى حياة لا موت فيها أبدا و سعد سعادة لا شقاوة معها أبدا و سكن في جوار اللّه مع أنبيائه و حججه و الصّديقين و الشهداء و الصالحين من عباده.
و إن حبس على عقبة فطولب بحقّ قصّر فيه و لم ينجه عمل صالح قدّمه و لا أدركته من اللّه عزّ و جلّ رحمة زلّت به قدمه عن العقبة فهوى في جهنّم، نعوذ باللّه منها.
و هذه العقبات كلّها على الصّراط اسم عقبة منها الولاية يوقف جميع الخلايق عندها فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام و الأئمة من بعده فمن أتى بها نجا و جاز و من لم يأت بها بقى فهوى و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ «وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ» .
و أهمّ عقبة منها المرصاد و هو قول اللّه عزّ و جلّ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ و يقول اللّه عزّ و جلّ: و عزّتي و جلالي لا يجوزني ظلم ظالم، و اسم عقبة منها الرّحم، و اسم عقبة منها الأمانة، و اسم عقبة منها الصّلاة و باسم كلّ فرض و أمر و نهى عقبة و يحبس عندها العبد فيسأل.
و قال الشّيخ المفيد في شرحه: العقبات عبارة عن الأعمال الواجبة و المسائلة عنها و المواقفة عليها، و ليس المراد بها جبال في الأرض يقطع، و إنّما هى الأعمال شبّهت بالعقبات، و جعل الوصف لما يلحق الانسان في تخلّصه من تقصيره في طاعة اللّه تعالى، كالعقبة الّتي يجهده صعودها و قطعها قال اللّه تعالى «فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ».
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 13، ص: 54
فسمّى اللّه سبحانه الأعمال التي كلّفها العبد عقبات تشبيها بالعقبات و الجبال لما يلحق الانسان فى أدائها من المشاق كما يلحقه فى صعود العقبات و قطعها.
و قال أمير المؤمنين عليه السّلام انّ أمامكم عقبة كئودا و منازل مهولة لا بدّ من الممرّ بها و الوقوف عليها، فاما برحمة اللّه نجوتم و إما بهلكة ليس بعدها انجبار.
أراد عليه السّلام بالعقبة تخلص الانسان من العقبات التي عليه، و ليس كما ظنّه الحشوية من أنّ فى الاخرة جبالا و عقبات يحتاج الانسان إلى قطعها ماشيا و راكبا و ذلك لا معنى له فيما توجبه الحكمة من الجزاء و لا وجه لخلق عقبات تسمّى بالصلاة و الزكاة و الصيام و الحجّ و غيرها من الفرائض يلزم الانسان أن يصعدها فان كان مقصّرا في طاعة اللّه حال ذلك بينه و بين صعودها.
إذ كان الغرض فى القيامة المواقفة على الأعمال و الجزاء عليها بالثواب و العقاب و ذلك غير مفتقر إلى تسميته عقبات و خلق جبال و تكليف قطع ذلك و تصعيبه و تسهيله مع أنه لم يرد خبر صحيح بذلك على التفصيل فيعتمد عليه و تخرج له الوجوه، و إذا لم يثبت بذلك خبر كان الأمر فيه ما ذكرناه، انتهى كلامه رفع مقامه.
و اعترض عليه المحدّث العلامة المجلسىّ فى البحار بعد نقله له بقوله: إن تأويل ظواهر الاخبار بمحض الاستبعاد بعيد عن الرّشاد، و للّه الخيرة في معاقبة العاصين من عباده بأىّ وجه أراد، و قد مضى الأخبار في ذلك و سيأتى بعضها و اللّه الموفّق للخير و السّداد، هذا.
و لمّا حذّر من عقبات الاخرة و مواقفها المهولة المقتضية لأخذ الزّاد لها، عقّبه بالاشارة إلى قرب الموت المعقّب لهذه الأهاويل و العقبات و كونه بالرّصد و التّرقّب و الاخترام تنبيها به على وجوب المبادرة بأخذ الزّاد لقرب الحاجة إليه و على عدم التّوانى و التّسويف فيه بتوهّم بعد زمان الاحتياج فقال:
(و اعلموا أنّ ملاحظ المنيّة نحوكم دائبة) أى مجدّة يعنى أنّها تنظر اليكم باللّحظ و الشّرز أى بمؤخّر عينها نظر الغضبان مجدّة فيه قصدا لاخترامكم.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 13، ص: 55
استعاره مكنية- استعاره تخييلية- استعاره ترشيحية (و كأنّكم بمخالبها و قد نشبت فيكم) شبّهها بالسّبع الفتاك الضّارى على طريق الاستعارة المكنيّة و أثبت لها المخالب و النّشوب تخييلا و ترشيحا، يريد قرب أخذها لهم و انتشاب مخالبها فيهم و الى هذا ينظر قوله عليه السّلام في الدّيوان المنسوب إليه:
يا مؤثر الدّنيا على دينه و التائه الحيران عن قصده
أصبحت ترجو الخلد فيها و قد أبرز ناب الموت عن حدّه
هيهات إنّ الموت ذو أسهم من يرمه يوما بها يرده
(و قدد همتكم منها مفظعات الامور) أى غشيتكم من المنيّة الامور الشّنيعة البالغة في الشّناعة الغاية (و معضلات المحذور) أى الافزاع و الدّواهي الشّديدة الّتي تحذر منها و تحترز، و على رواية مضلعات المحذور فالمراد المحاذير الّتي توجب انحناء ظهر الانسان لثقلها و شدّتها من سكرة ملهثة و غمرة كارثة و جذبة متعبة و سوقة مكربة و نحوها من أفزاع الموت.
(فقطّعوا علايق الدّنيا) و أميطوا محبّتها عن قلوبكم (و استظهروا ب) خير الزّاد (زاد التقوى) لتقووا به إلى قطع منازل الاخرة و الوصول إلى حضرت الرّب الأعلى.
نسأل اللّه سبحانه أن يجعلنا من المستظهرين به، و الواصلين إلى مقام القرب و الزّلفى لديه بمحمّد و آله سلام اللّه عليه و عليهم.
تكملة:
روى في البحار من الأمالى عن أبيه عن سعد عن ابن هاشم عن ابن أبي نجران عن ابن حميد عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة إذا صلّى العشاء الاخرة ينادى النّاس ثلاث مرّات حتّى يسمع أهل المسجد:
أيّها الناس تجهّزوا رحمكم اللّه فقد نودى فيكم بالرّحيل فما التّعرّج على الدّنيا بعد النّداء فيها بالرّحيل، تجهّزوا رحمكم اللّه و انتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزّاد و هو التقوى، و اعلموا أنّ طريقكم إلى المعاد، و ممرّكم على الصراط
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 13، ص: 56
و الهول الأعظم أمامكم على طريقكم عقبة كئودة، و منازل مهولة مخوفة، لا بدّ لكم من الممرّ عليها، و الوقوف بها فإمّا برحمة من اللّه فنجاة من هولها و عظم خطرها و فظاعة منظرها و شدّة مختبرها، و إمّا بهلكة ليس بعدها انجبار.
الترجمة:
از جمله كلام بلاغت نظام آن امام است كه اكثر أوقات ندا ميكرد بان اصحاب خود را مى فرمود:
ضروريات سفر آخرت را مهيا نمائيد خدا رحمت كند بشما، پس بتحقيق ندا كرده شد در ميان شما به كوچ كردن، و كم نمائيد اقامت در دنيا را، و رجوع نمائيد بسوى آخرت با بهترين چيزى كه نزد شماست از توشه آخرت، پس بدرستى كه پيش شماست عقبه سخت و منزلهاى خوفناك و خطرناك لابد هستيد از آمدن آن منزلها و از توقف نمودن در نزد آنها، و بدانيد كه نظرهاى تند و غضبناك مرگ بسوى شما متوجه است، و گويا مى بينيد كه چنگال هاى آن سبع قتال بشما بند شده، و بتحقيق كه احاطه كرده شما را از آن مرگ امورات قبيحه بي نهايت، و محذورات شديده بغايت شدت، پس ببرّيد علايق دنيا را، و طلب اعانت نمائيد با توشه تقوى و پرهيزكارى.