منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 18، ص: 380
و من وصية له عليه السّلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات و انما ذكرنا هنا جملا منها ليعلم بها أنه عليه السّلام كان يقيم عماد الحق، و يشرع أمثلة العدل في صغير الامور و كبيرها، و دقيقها و جليلها:
انطلق على تقوى اللّه وحده لا شريك له، و لا تروعنّ مسلما، و لا تختارنّ عليه كارها، و لا تأخذنّ منه أكثر من حقّ اللّه في ماله، فإذا قدمت على الحيّ فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثمّ امض إليهم بالسّكينة و الوقار حتّى تقوم بينهم فتسلّم عليهم. و لا تخدج بالتّحيّة لهم ثمّ تقول: عباد اللّه أرسلني إليكم وليّ اللّه و خليفته لاخذ منكم حقّ اللّه في أموالكم، فهل للّه في أموالكم من حقّ فتؤدّوه إلى وليّه؟ فإن قال قائل: لا. فلا تراجعه، و إن أنعم لك منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو توعده أو تعسفه أو ترهقه؛
اللغة:
(و لا تروعن) من الروع بالفتح بمعنى الفزع، و الكلمة مشكولة في أكثر النسخ بضمّ التاء و فتح الراء و كسر الواو المشدّدة من الترويع، و في نسخة الرّضي بفتح التاء و ضمّ الراء من الرّوع كما اخترناها في المتن، و معناها على الوجهين واحد ففي الصحاح: رعت فلانا و روّعته فارتاع أي أفزعته ففزع.
(و لا تختارنّ) بالخاء المعجمة و الراء المهملة من الاختيار على نسخة الرّضي رضوان اللّه عليه، و في نسخ (تجتازنّ) بالجيم و الزاى المعجمة من الاجتياز بمعنى السلوك من قولك جزت الموضع أجوزه جوازا أي سلكته و سرت فيه.
(الحيّ) واحد أحياء العرب أصله من ح ى و.
(تخدج) بالخاء المعجمة و الجيم، قال ابن الأثير في النهاية: خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوانه و إن كان تام الخلق و أخدجته إذا ولدته ناقص الخلق
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 18، ص: 382
و إن كان لتمام الحمل؛ و منه حديث سعد «انّه أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و اله بمخدج سقيم» أي ناقص الخلق، و منه حديث عليّ عليه السّلام: «تسلّم عليهم و لا تخدج التحيّة لهم» أي لا تنقصها، انتهى، و قال الجوهريّ في الصحاح: و في الحديث كلّ صلاة لا يقرأ فيها بامّ الكتاب فهي خداج أي نقصان، و أخدجت الناقة إذا جاءت بولدها ناقص الخلق و إن كانت أيّامه تامّة فهي مخدج و الولد مخدج، و منه حديث عليّ عليه السّلام في ذي الثديه مخدج اليد أي ناقص اليد. انتهى.
(تخيفه) من الإخافة بمعنى التخويف و أصلها الخوف، يقال: وجع مخيف أي يخيف من رءاه.
(توعده) من الإيعاد يستعمل في الشرّ، قال الجوهريّ في الصحاح: الوعد يستعمل في الخير و الشرّ، قال الفرّاء يقال: وعدته خيرا، و وعدته شرّا، قال الشاعر:
ألا علّلاني كلّ حيّ معلّل و لا تعداني الشرّ و الخير مقبل
فإذا أسقطوا الخير و الشرّ قالوا في الخير: الوعد و العدة و في الشر: الإيعاد و الوعيد، قال الشاعر:
و إنّي و إن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي و منجز موعدي
(تعسفه) من العسف بمعنى الأخذ على غير الطّريق، كما في الصحاح، و قال ابن الأثير في النهاية: العسف: الجور، و في الحديث: لا تبلغ شفاعتي إماما عسوفا أي جائرا ظالما، و العسف في الأصل أن يأخذ المسافر على غير طريق و لا جادّة و لا علم، و قيل: هو ركوب الأمر من غير رويّة فنقل إلى الظلم و الجور، انتهى.
(ترهقه) من الإرهاق، يقال: أرهقه طغيانا أي أغشاه إيّاه، و يقال: أرهقني فلان إثما حتّى رهقته أي حمّلني إثما حتّى حملته، قال أبو زيد: أرهقه عسرا أي كلّفه أيّاه، يقال: لا ترهقني لا أرهقك اللّه أي لا تعسرني لا أعسرك اللّه، قاله في الصحاح.
الاعراب:
(على تقوى اللّه) متعلّق بمقدّر أي اذهب معتمدا على تقوى اللّه، مثلا، (وحده) حال للّه أي موحّدا، (امض إليهم) في بعض النسخ: امض عليهم (بالتحية) قرئت بالوجهين بالباء و عدمها.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 19، ص: 3
المصدر:
روى هذه الوصية ثقة الإسلام الكليني رضوان اللّه عليه في باب أدب المصدّق من كتاب الزكاة من الجامع الكافي عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى عن حريز، عن بريد بن معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.
و رواها شيخ الطائفة الطوسى قدس سرّه في باب من الزيادات في الزكاة من التهذيب عن الكليني بذلك الإسناد، و الكتابان من أصحّ الجوامع الروائيّة عند الاماميّة، و من الكتب الأربعة المعتبرة عندهم عليها مدار استنباطهم و إليها مراجع اجتهادهم.
ثمّ إنّ قول السيّد- ره-: «و إنما ذكرنا هنا جملا منها» صريح في أنّه اختار منها فصولا و حذف منها فصولا، فالوصيّة طويلة و لكنّا لم نجدها بطولها مع طول الفحص و كثرة البحث في ما حضرنا من الجوامع الروائيّة و ما أتى بها الكليني و الشّيخ قريب ممّا في النهج.
و العلّامة المجلسى- ره- بعد نقلها من النهج في ثامن البحار (ص 640 من الطبع الكمباني، في باب كتب أمير المؤمنين عليه السّلام و وصاياه إلى عمّاله و امراء أجناده) و في المجلّد العشرين منه (في باب أدب المصدّق من كتاب الزكاة ص 24). قال: أقول: أخرجته من الكافي في كتاب أحواله عليه السّلام بتغيير ما رواه في كتاب الغارات عن يحيى بن صالح عن الوليد بن عمرو عن عبد الرّحمن بن سليمان عن جعفر بن محمد قال: بعث عليّ عليه السّلام مصدقا من الكوفة إلى باديتها، إلى آخر ما قال و نقل طائفة من الرواية.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 19، ص: 4
و نقل الرواية من كتاب الغارات المحدث النورى- ره- في باب ما يستحبّ للمصدّق و العامل استعماله من الاداب من كتاب الزكاة من مستدرك الوسائل.
و الروايات يخالف بعضها بعضا فدونكها على نسختى الكافي و التهذيب و نجعل ما في التهذيب بين الهلالين.
قال الكليني بالإسناد المقدم ذكره عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: بعث أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه مصدّقا من الكوفة إلى باديتها فقال له: يا عبد اللّه (يا أبا عبد اللّه) انطلق و عليك بتقوى اللّه وحده لا شريك له و لا تؤثرنّ دنياك على آخرتك و كن حافظا لما ائتمنك عليه راعيا لحقّ اللّه فيك حتّى تأتى نادى بني فلان فاذا قدمت فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثمّ امض إليهم بسكينة و وقار حتّى تقوم بينهم فتسلّم عليهم، ثم قل لهم: يا عباد اللّه أرسلنى إليكم ولىّ اللّه لاخذ منكم حقّ اللّه في أموالكم فهل للّه في أموالكم من حقّ فتؤدّون إلى وليّه (فهل للّه في أموالكم حقّ فتؤدّوه إلى وليّه) فان قال لك قائل:
لا فلا تراجعه و إن أنعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلّا خيرا فاذا أتيت ماله فلا تدخله إلّا باذنه فإنّ أكثره له فقل له: يا عبد اللّه أ تأذن لي في دخول مالك؟ فان اذن لك (اذن له) فلا تدخل (فلا تدخله) دخول متسلط عليه فيه و لا عنف به فاصدع المال صدعين ثمّ خيّره أىّ الصدعين شاء فأيّهما اختار فلا تعرّض له، ثمّ اصدع الباقي صدعين ثمّ خيّره فأيّهما اختار فلا تعرّض له و لا تزل كذلك حتّى يبقى ما فيه وفاء لحقّ اللّه تبارك و تعالى من ماله فاذا بقي ذلك فاقبض حقّ اللّه منه، و إن استقالك فأقله ثمّ اخلطها و اصنع مثل الذي صنعت أوّلا حتّى تأخذ حقّ اللّه في ماله فاذا قبضته فلا توكل به إلّا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف بشيء منها ثمّ احدر كلّ ما اجتمع (ثمّ احدر ما اجتمع) عندك من كل ناد إلينا نصيّره حيث أمر اللّه عزّ و جلّ فاذا انحدر بها رسولك فأوعز إليه أن لا يحول بين ناقة و فصيلها و لا يفرّق بينهما و لا يمصرّن (و في نسخة من التهذيب: و لا يمصّ لبنها) فيضرّ ذلك بفصيلها، و لا يجهد
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 19، ص: 5
بها ركوبا، و ليعدل بينهنّ في ذلك، و ليوردهنّ كلّ ماء يمرّ به، و لا يعدل (و لا يبدل) بهنّ عن نبت الأرض إلى جوادّ الطّريق (الطرق) في الساعة الّتي تريح و تغبق، و ليرفق بهنّ جهده حتّى يأتينا باذن اللّه سحاحا سمانا غير متعبات و لا مجهدات فيقسّمهنّ باذن اللّه على كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله على أولياء اللّه فإنّ ذلك أعظم لأجرك و أقرب لرشدك ينظر اللّه إليها و إليك و إلى جهدك و نصيحتك لمن بعثك و بعثت في حاجة فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: ما ينظر اللّه إلى وليّ له يجهد نفسه بالطاعة و النصيحة له و لإمامه (و النصيحة لإمامه) إلّا كان معنا في الرفيق الأعلى، قال: ثمّ بكى أبو عبد اللّه عليه السّلام ثمّ قال: يا بريد لا و اللّه (يا بريد و اللّه) ما بقيت للّه حرمة إلّا انتهكت و لا عمل بكتاب اللّه، و لا سنة نبيّه في هذا العالم، و لا اقيم في هذا الخلق حدّ منذ قبض اللّه أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه، و لا عمل بشيء من الحقّ إلى يوم الناس هذا. ثمّ قال: أما و اللّه لا تذهب الأيّام و الليالى حتّى يحيى اللّه الموتى و يميت الأحياء و يردّ اللّه الحقّ إلى أهله و يقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه و نبيّه فابشروا ثمّ ابشروا فو اللّه ما الحقّ إلّا في أيديكم.
و الرّواية على نسخة كتاب الغارات على ما في المستدرك تنتهى إلى الرفيق الأعلى و لم ينقل بعده، و هى توافق النسختين المذكورتين تقريبا.
و روى شطرا منها الشيخ قدس سرّه في المسألة 26 من زكاة الخلاف هكذا: أنزل ماءهم من غير أن تخالط أبياتهم ثمّ قل: هل للّه في أموالكم من حقّ؟ فان أجابك مجيب فامض معه و إن لم يجبك فلا تراجعه. انتهى. و احتمال النقل من حيث المعنى بعيد، ثمّ حرفت كلمتا مائهم و أبياتهم في النسخ المطبوعة من الخلاف بمالهم و أموالهم.
المعنى:
قد أوصى عليه السّلام من يستعمله على جباية الصدقات بامور يراعى بعضها في حقّ نفسه، و بعضها في الرّعيّة، و بعضها في الأنعام. و يستفاد منها أحكام عديدة فقهيّة و آداب كثيرة أخلاقية اجتماعية، و قوانين عدليّة حقّة إلهيّة لا يأتيها الباطل من بين يديها و لا من خلفها.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 19، ص: 6
و هذا هو السلطان العادل الذي كان ظلّ اللّه تعالى في أرضه، و للّه درّ الرّضى قائلا: ليعلم بها أنّه عليه السّلام كان يقيم عمّاد الحقّ و يشرع أمثلة العدل في صغير الامور و كبيرها و دقيقها و جليلها، و لا ريب أنّ السياسة إذا كانت بيده أو بيد من يقوم مقامه و يجلس مجلسه و يجرى أوامره ممّن حاز هذه الرتبة العظمى و الدرجة العليا كان الزمان نورانيّا، و إذا خلى الزمان عن تدبير مدبّر إلهى كانت الظلمات غالبة.
قوله عليه السّلام: (انطلق على تقوى اللّه وحده لا شريك له) كان من دأبه عليه السّلام في أكثر وصاياه أن يصدرها بالأمر بتقوى اللّه و قد مضى الكلام في ذلك في شرح المختار الثّاني عشر فراجع.
قوله عليه السّلام: (و لا تروعنّ مسلما) لما جعله عليه السّلام واليا على جباية الصدقات و الولاية إمارة توجب البغي و الطغيان على الناس إلّا واليا عصمه اللّه تعالى عن اتباع الهوى نهاه عن أن يفزع مسلما. و قد ذاق المسلمون فزعا شديدا مرّة بعد مرّة في أمارة الثالث حتّى ضاق عليهم العيش فأجمعوا على قتله و قتلوه.
قوله عليه السّلام: (و لا تختارنّ عليه كارها إلخ) اى لا تختارنّ على المسلم أمرا يكرهه بل ارفق به و خيّره فيه و كأنّ هذا الكلام توطئة لما سيأتي في وصيّته له:
و اصدع المال صدعين ثمّ خيّره إلخ، و إن كان مفهومه أعمّ منه يشمل النهى عن الاختيار عليه كلّ ما يكرهه.
هذا على نسخة الرّضي، و أما على نسخ اخرى أعنى تجتازن بالجيم و الزاى المعجمة فمعناه لا تسلك و لا تسر على أرض المسلم أو ماله أو بيته و نحوها يكره مرورك بها، فكلمة كارها على الأوّل منصوب على المفعولية، و على الثّاني منصوب على الحال من الضمير المجرور و المراد من حقّ اللّه الزكاة.
و هذا هو الملك العادل الالهي ينهى عامله عن أن يمرّ ببيوت أحد من المسلمين يكره مروره بها و إن كان ذلك المسلم من رعاة الأغنام و من أهل البادية
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 19، ص: 7
من طبقة أنزل العوام و ما هذا إلّا أدب اللّه و أدب رسوله، و اين هذا و من ملك ينتحل إلى الإسلام و يأمر عمّاله أن يجتازوا على أحبار الامّة و حملة القرآن ليلا و ينهبوا بيوتهم اغتيالا، و ينفوهم من أوطانهم و يميلوا عليهم ميلا، و القرآن الفرقان ينادى بأعلى صوته: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَ إِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ» (النور 28، 29).
و في تفسير الدر المنثور: أخرج ابن شيبة و الحكيم الترمذي و ابن أبي حاتم و الطبراني و ابن مردويه عن أبي أيوب قال: قلت: يا رسول اللّه أرأيت قول اللّه: حتّى تستأنسوا و تسلّموا على أهلها، هذا التسليم قد عرفناه فما الاستئناس؟ قال: يتكلّم الرجل بتسبيحة و تكبيرة و تحميدة و يتنحنح فيؤذن أهل البيت.
و في تفسير مجمع البيان: روى أنّ رجلا قال للنبي صلّى اللّه عليه و آله أستأذن على امّى؟
فقال: نعم، قال: إنّها ليس لها خادم غيرى أ فأستأذن عليها كلّما دخلت؟ قال: أ تحبّ أنّ تراها عريانة؟ قال الرجل: لا، قال: فاستأذن عليها.
قوله عليه السّلام: (فاذا قدمت على الحىّ فأنزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم إلخ). و في رواية أخرى عنه عليه السّلام كما في المجلّد العشرين من البحار «ص 23 من الطبع الكمباني» أنه قال: يؤخذ صدقات أهل البادية على مياههم و لا يساقون. يعنى لا يساقون من مواضعهم الّتي هم فيها إلى غيرها. و هذا أدب آخر غير ما في النهج و أمّا ما في النهج فمعناه أنه عليه السّلام أمره أن لا يخالط بيوتهم ابتداء بل ينزل بمياهم أولا ثمّ يمض إليهم بالسكينة و الوقار.
أمره بالنزول بمائهم لأنّ من عادة عرب البادية بل من عادة غير العرب من أهل البادية أيضا أن تكون مياههم بارزة عن بيوتهم، و لا ريب أن الإنسان يكره أن يخالط غيره بيته على حين غفلة من أهله و ذلك لتنفر الطباع الإنسانيّة عن أن يطلع الغير على أسراره و بواطن أحواله.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 19، ص: 8
على أنّ النزول كذلك يوجب خوف النسوان و فزع الأطفال و لذا أردفه أن يقدم عليهم بعد النزول بمائهم بالسكينة و الوقار و يسلّم عليهم تحيّة كاملة قال تعالى: «فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً».
و قال صلّى اللّه عليه و آله: السّلام اسم من أسماء اللّه فافشوه بينكم الخبر.
و بالجملة أنّ تلك الامور توجب تأليف قلوبهم، و عدم نفارهم من أداء حقّ اللّه في مالهم، و فوائد كثيرة اخرى لا تخفى على اولى النهى.
قوله عليه السّلام: (ثمّ تقول: عباد اللّه إلخ) أمره أن يرفق بالرعيّة في أخذ حقّ اللّه في أموالهم بأن يقول: أرسلنى إليكم وليّ اللّه و خليفته لاخذ منكم حقّ اللّه في أموالكم، و في الكلام ملاطفة لطيفة توجب استيناسهم و ذلك لأنّ وليّ اللّه و خليفته لا يظلم أحدا و لا يعدل عن الحقّ مثقال ذرّة، و لا يسلط ظالما على أحد من آحاد الرعيّة.
ثمّ أمره أن يسألهم هل تعلّقت بأموالهم زكاة فيؤدّوه إلى وليّ اللّه أم لا؟
فان قال قائل من ربّ المال: لا، فلا يراجعه بل ينصرف عنه لأنّ القول قول ربّ المال ما لم يعلم كذبه و الأصل يعاضده، و لأنّها عبادة يقبل قوله فيها فلا يفتقر أداؤها إلى اليمين كغيرها من العبادات، و لأنّه أمين، و لأنّ له ولاية الاخراج فيكون قوله مقبولا كالوكيل، و نحوه رواية غياث بن إبراهيم: كان عليّ عليه السّلام إذا بعث مصدّقه قال: إذا أتيت على ربّ المال فقل له تصدّق رحمك اللّه ممّا أعطاك اللّه فان ولي عنك فلا تراجعه انتهى فلو قال ربّ المال: لم يحل على مالى الحول أو قد أخرجت ما وجب علىّ أو تلف ما ينقص تلفه النصاب أو لا حقّ علىّ أو أنّ المال عندى وديعة أو نحو ذلك قبل منه و لم يكن عليه بيّنة و لا يمين كما أنّه عليه السّلام أمر عامله بقبول قول ربّ المال و لم يأمر باستظهار و لا باليمين و إليه ذهب فقهاؤنا الإمامية فراجع إلى زكاة الشرائع و القواعد و شروحهما و إلى خلاف الشّيخ و منتهى العلّامة، و إن أنعم لك منعم أى إن قال: نعم في مالى زكاة فانطلق معه من غير أن تخيفه إلخ و في المقام روايات أنيقة في باب أدب المصدّق من البحار (ص 22 ج 20)
الترجمة:
از جمله وصيّت آن حضرت عليه السّلام است كه آنرا براى كسى كه او را بر گرفتن زكاة عامل مى گردانيد مى نوشت، و ما در اينجا پاره از آنرا آورده ايم تا بان دانسته شود كه آن حضرت ستون حق را بپا مى داشت و در كارهاى كوچك و بزرگ و پنهان و آشكار أحكام عدل را ظاهر ميكرد:
برو بر تقوى خداى يكتاى بى همتا، مسلمانى را مترسان، و آنچه را كه ناخوش دارد بر او مگزين، و بيش از حقّى كه خدا در مال او دارد از او مگير، و چون بقبيله اى رسيدى بكنار آبشان فرود آى بدون اين كه بخانهايشان در آيى، و بعد از آن برو بسويشان بارامى تن و جان تا در ميانشان بايستى پس بر آنان سلام كن و تحيّت و درود را برايشان كم و ناقص مگردان، بعد از آن ميگوئى اى بندگان خدا ولىّ خدا و خليفه او مرا بسوى شما فرستاده تا حق خدا را در اموال شما از شما بستانم آيا در اموال شما براى خدا حقّيست كه آنرا بولىّ او بدهيد؟ اگر كسى گفت: نه، باز مگرد بر او و دوباره سخن را بر او اعاده مكن، و اگر كسى گفت: آرى هست با او برو بدون اين كه او را بيم دهى و بترسانى، يا بر او سخت گيرى يا دشوارى را بر او تكليف كنى.