منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 14، ص: 407
و من كلام له عليه السّلام و هو المأتان و السابع و العشرون من المختار فى باب الخطب:
في وصف بيعته عليه السّلام بالخلافة و قد تقدّم مثله بألفاظ مختلفة و بسطتم يدي فكففتها، و مددتموها فقبضتها، ثمّ تداككتم علىّ تداكّ الابل الهيم على حياضها يوم وردها، حتى انقطعت النّعل، و سقطت الرّداء، و وطئ الضّعيف، و بلغ من سرور النّاس ببيعتهم إيّاى أن ابتهج بها الصّغير، و هدج إليها الكبير، و تحامل نحوها العليل، و حسرت إليها الكعاب (54125- 54077).
اللغة:
(التّداكّ) الازدحام الشديد مأخوذ من الدّك و هو الدّق و (الهيم) بالكسر العطاش و (الورد) بالكسر الشّرب أو الاشراف على الماء دخله أو لم يدخله، و في بعض النّسخ يوم ورودها و (هدج) يهدج من باب ضرب مشى مشيا ضعيفا مرتعشا قال الفيروز آبادي: الهدجان محرّكة و كغراب مشية الشّيخ و (تحامل) في الأمر تكلّفه على مشقّة و (حسرت) أى كشفت عن وجهها و في نسخة الشّارح البحراني و حسرت عن ساقها الكعاب و (كعب) الجارية تكعب من باب ضرب و قعد كعوبا نهد ثديها، و جارية كعاب وزان سحاب النّاهدة الثدى و الجمع كواعب قال تعالى «وَ كَواعِبَ أَتْراباً».
الاعراب:
فاعل بلغ محذوف و قوله: أن ابتهج أن مصدريّة و مدخولها في تأويل المصدر و محلّ النّصب بنزع الخافض، و مفعول حسرت محذوف بقرينة الكلام و قوله: اليها متعلّق بقوله حسرت على تضمين معنى الشوق و الرّغبة.
المعنى:
اعلم أنّ هذا الكلام كما قال الرّضيّ وارد (في وصف بيعته عليه السّلام بالخلافة و قد تقدّم مثله بألفاظ مختلفة) الظاهر أنّ مراده بما تقدّم ما مرّ في الكلام المأة و السّابع و الثّلاثين من قوله: قبضت يدي فبسطتموها و نازعتكم يدي فجاذبتموها، و يحتمل أن يكون مراده به ما مرّ في الخطبة الثالثة و الخمسين من قوله: فتداكّوا عليّ تداكّ الابل الهيم يوم ورودها، و لم يتقدّم في الكتاب ما يشبه ألفاظ هذا الكلام غير هذين.
نعم تقدّم منّا في شرح الخطبة السّادسة و العشرين رواية طويلة عن كتاب الغارات لابراهيم الثّقفي و الأشبه أن يكون هذا الكلام ملتقطا منها لكنّها مختلفة الألفاظ جدّا كما يظهر بالرّجوع إلى ما تقدّم.
و كيف كان فهذا الكلام منه عليه السّلام وارد مورد الاحتجاج على النّاكثين لبيعته
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 14، ص: 408
و محصّله أنّكم قد كنتم على غاية الحرص و الميل إلى بيعتي مع إباء منّي فمن كان هذا حاله فكيف ينكث و أشار إلى مزيد حرصهم عليها بقوله (و بسطتم يدي فكففتها) شوقا منكم إلى البيعة و تمانعا منّي (و مددتموها فقبضتها) رغبة منكم إليها و استنكافا منّى تشبيه المحسوس بالمحسوس (ثمّ تداككتم علىّ تداكّ الابل الهيم على حياضها يوم وردها) و هو من تشبيه المحسوس بالمحسوس أي ازدحمتم ازدحاما شديدا يدكّ بعضكم بعضا كما يدكّ الابل العطاش بعضها لبعض على الحياض عند شربها و وجه الشبه مزيد الازدحام.
قال الشّارح البحراني: و يمكن أن يلاحظ في وجه الشبه كون ما عنده من الفضايل الجمّة العلميّة و العملية تشبه الماء و كون المزدحمين عليه في حاجتهم و تعطّشهم إلى استفادة تلك الفضايل النّافعة لعلّتهم كالعطاش من الابل يوم ورودها انتهى، و الأوّل أظهر و أشبه «1».
أقول: و في تخصيص الصغير و الكبير و العليل و الكعاب بالذّكر زيادة توكيد و تقرير للغرض المسوق له الكلام، فانّ من شأن الصّغير على ماله من عدم التميز عدم الالتفات و التّوجه إلى كثير من الامور، و من شأن الكبير على ما به من ضعف الكبر عدم المشى إليها، و كذلك المريض على ما فيه من ثقل المرض و من شأن الكعاب الاستحياء عن كشف وجهها لا سيّما في منتدى الرّجال و بين ملاء النّاس فسرور الأوّل بالبيعة و سعى الثّانيين إليها بالتكلّف و المشقّة، و حسر الرابعة إليها كاشف عن فرط رغبة العامّة و حرصهم عليها فالبيعة الواقعة على هذا الوجه ليس لأحد أن يتخلّف أو ينكث عنه.
كما أشار عليه السّلام إلى ذلك في كلامه الذى رواه في الارشاد عن الشعبي قال:
لمّا اعتزل سعد بن أبي وقاص و عبد اللّه بن عمر و محمّد بن سلمة و حسّان بن ثابت و اسامة بن زيد أمير المؤمنين و توقفوا عن بيعته حمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال:
أيّها النّاس إنّكم بايعتموني على ما بويع عليه من كان قبلي، و انّما الخيار
______________________________
(1)- الظاهر سقوط شيء كثير من هنا. المصحح.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 14، ص: 409
للنّاس قبل أن يبايعوا فاذا بايعوا فلا خيار لهم، و إنّ على الامام الاستقامة و على الرّعيّة التسليم، و هذه بيعة عامّة من رغب عنها رغب عن دين الاسلام و اتّبع غير سبيل أهله و لم تكن بيعتكم إيّاى فلتة، الحديث، هذا و قد تقدّم تفصيل كيفيّة بيعته عليه السّلام في شرح الكلام الواحد و التّسعين فليراجع ثمة.
الترجمة:
از جمله كلام بلاغت نظام آن حضرتست در تعريف بيعت كردن خلق باو بخلافت مى فرمايد:
و گشاديد دست مرا بجهت بيعت پس نگاه داشتم من آنرا، و كشانديد آنرا بسوى خودتان پس بر چيدم من آن را، بعد از آن ازدحام كرديد بر من مثل ازدحام نمودن شتران عطشان بر سر حوضهاى خود وقت آب خوردن آنها تا اين كه گسيخت بند كفشهاى من و از دوش افتاد عباى من و زير پا ماند ضعيفان و رسيد كار از شدّت شادى مردمان به بيعت من بمقامى كه خوشنود شد بان بيعت بچّها، و مشى مرتعشانه نمود بسوى آن پيرها، و مشى نمود با مشقّت و زحمت بطرف آن مريض ها، و نقاب از رو برداشت بجهت زيادى ميل و رغبت بان دختران نارپستان، و اللّه أعلم بالصواب.
افزودن دیدگاه جدید