منها فى ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. أرسله بالضّياء، و قدّمه في الاصطفاء، فرتق به المفاتق، و ساور به المغالب، و ذلّل به الصّعوبة، و سهّل به الحزونة، حتى سرّح الضّلال عن يمين و شمال. (50650- 50555)
اللغة:
و (رتقت) الفتن رتقا من باب قال سددته فارتتق و (فتق) الثّوب شقّه فانفتق و تفتق و الفنق أيضا شقّ عصا الجماعة و وقوع الحرب بينهم و مفتق الثّوب محلّ شقّه و يجمع على مفاتق كمقعد و مقاعد و (ساور) فلانا و اثبه سوارا و مساورة و ساوره اخذه براسه و الوثوب الظفر و (غلبه) غلبا و غلبا و غلبة و مغلبا قهره و المغلب وزان معظم المغلوب مرارا و المحكوم له بالغلبة ضدّ، و المغلنبي وزان مسلنقى الذى يغلبك و يعلوك و (الحزونة) ضدّ السّهولة و الحزن ما غلظ من الأرض و السّهل ما لان منها و (سرحت) المرأة تسريحا طلّقتها قال تعالى «الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تسریح ...» أى تطليق.
الاعراب:
الباء في قوله بالضياء للمصاحبة كما في دخلت عليه بثياب السّفر، و في قوله: به للسّببيّة، و قوله: عن يمين و شمال، ظرف لغو متعلّق بسرّح على تضمين معنى الطّرد و الابعاد.
المعنى:
الفصل الثاني:
(منها فى ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قال عليه السّلام (أرسله بالضياء) السّاطع و النور اللّامع.
و المراد به إمّا نور الايمان، و به فسر قوله تعالى «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ» أى ظلمات الكفر إلى نور الايمان «وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ» و إمّا نور العلم يعنى النبوة الذى كان فى قلبه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و به فسّر المصباح فى قوله تعالى «مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ» .
روى فى الصافى من التوحيد عن الصادق عليه السّلام فى هذه الاية «اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ» قال: كذلك عزّ و جلّ «مَثَلُ نُورِهِ» قال محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «كَمِشْكاةٍ» قال صدر محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «فِيها مِصْباحٌ» قال فيه نور العلم يعنى النبوّة الحديث.
و إمّا القرآن كما فى قوله تعالى «يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نور...»
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 14، ص: 85
فهو نور عقلى يهتدى به فى سلوك سبيل الجنان و يستضاء به فى الوصول إلى مقام الزلفى و الرضوان (و قدّمه فى الاصطفاء) أى قدّمه على جميع خلقه فى أن اختاره منهم و فضّله عليهم كما قال الشاعر:
للّه فى عالمه صفوة و صفوة الخلق بنو هاشم
و صفوة الصفوة من هاشم محمّد الطهر أبو القاسم
و قد مضى أخبار لطيفة فى هذا المعنى فى شرح الخطبة الثالثة و التسعين فليراجع هناك.
و قوله (فرتق به المفاتق) أى أصلح به المفاسد، و هو إشارة إلى ما كانت عليه أهل الجاهلية حين بعثه من سفك الدّماء و قطع الأرحام و عبادة الأصنام و اجتراح الاثام قد استهوتهم الأهواء، و استزلّتهم الكبرياء، و استخفّتهم الجاهلية الجهلاء، تائهين حائرين فى زلزال من الأمر و بلاء من الجهل، فبالغ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فى نصحهم و موعظتهم و دعائهم بالحكمة و الموعظة الحسنة إلى سبيل ربّهم، و جادلهم بالتى هى أحسن، فأصلح اللّه بوجوده الشريف ما فسد من امور دنياهم و آخرتهم، و رفع به ضغائن صدورهم، و هداهم به من الضلالة، و أنقذهم بمكانه من الجهالة مجاز (و ساور به المغالب) في إسناد المساورة إلى اللّه سبحانه توسّع، و المراد تسليطه على المشركين و الكفّار و المنافقين الذين كان لهم الغلبة على غيرهم كما قال عزّ من قائل «إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ. كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ» و قال «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ».
قال في مجمع البيان في تفسير الاية الأولى: روى أنّ المسلمين قالوا لمّا رأوا ما يفتح اللّه عليهم من القرى ليفتحنّ اللّه علينا الرّوم و فارس فقال المنافقون أ تظنون أنّ فارس و الرّوم كبعض القرى الّتى غلبتم عليها، فأنزل اللّه هذه الاية.
و قال في الاية الثانية في تفسير قوله «ليظهره على الدّين كلّه» معناه
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 14، ص: 86
ليغلب دين الاسلام على جميع الأديان بالحجّة و الغلبة و القهر لها حتّى لا يبقى علي وجه الأرض دين إلّا مغلوب.
(و ذلل به الصعوبة) صعوبة الجاهلية الّتي أشرنا إليها في شرح قوله: فرتق به المفاتق (و سهل به الحزونة) أى حزونة طريق الحقّ و تسهيلها بالارشاد إلى معالمه و الهداية إليه.
استعاره (حتّى سرّح الضّلال عن يمين و شمال) غاية للجملات السابقة جميعا أو لخصوص الجملة الأخيرة أى إلى أن طرد و ابعد ظلمات الجهل و الضلال بميامين بعثته و أنوار هدايته عن يمين النّفوس و شمالها.
قال الشارح البحراني: و هو إشارة إلى القائه رذيلتى التّفريط و الافراط عن ظهور النّفوس كتسريح جنبى الحمل عن ظهر الدّابة، و هو من ألطف الاستعارات و أبلغها
الترجمة:
از جمله فقرات اين خطبه در ذكر أوصاف پيغمبر صلّى اللّه عليه و آله و سلّم است مى فرمايد:
فرستاد خداى تعالى او را با نور پر ظهور، و مقدم فرمود او را بجميع مخلوقات در پسند كردن او، پس بست بوجود او گشادگيها را، و سد كرد شكافتگيها را، و شكست داد با قوت او اشخاصى را كه هميشه غلبه داشتند، و ذليل كرد بسبب او سركشى را، و هموار گردانيد با او ناهموار را تا اين كه بر طرف ساخت و دور نمود ضلالت را از راست و چپ طريق حق.
افزودن دیدگاه جدید