منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 304
(منها) و كتاب اللّه بين أظهركم، ناطق لا يعيا لسانه، و بيت لا تهدم أركانه، و عزّ لا تهزم أعوانه.
اللغة:
و هو (بين أظهرهم) و ظهريهم و ظهر انيهم أى وسطهم و في معظمهم.
قال الشّارح المعتزلي: و إنّما قالت العرب: من بين أظهرهم و لم يقل بين صدورهم، لارادتهم بذلك الاشعار لشدّة المحامات عنه و المرامات من دونه، لأنّ الذيل «2» إذا حامى القوم عنه استقبلوا الأسنة و السيوف عنه بصدورهم و كان هو محروسا مصونا عن مباشرة ذلك وراء ظهورهم و (تهدم) بالبناء على الفاعل و في بعض النسخ بالبناء على المفعول و (تهزم) بالعكس من هزمت الجيش هزما من باب ضربته كسرته.
______________________________
(2) أذيال الناس أواخرهم، منه. «ج 19»
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 305
الاعراب:
و الواو في قوله: و كتاب اللّه، إمّا عاطفة لو كان لها معطوف عليه أسقطه السّيد (ره) على عادته، أو للحال، أي تفعلون كذا و كتاب اللّه بينكم، و قوله: بين أظهركم، خبر لكتاب اللّه، فيكون ناطق خبرا لمبتدأ محذوف، أى و هو ناطق، أو بدلا من بين أظهركم، و يجوز كونه خبرا لكتاب اللّه، فيكون بين أظهركم صفة لكتاب اللّه أو حالا، و الأوّل أظهر بل أقوى.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 308
المعنى:
الفصل الثاني منها في ذكر كتاب اللّه و تعظيمه تنبيها على وجوب متابعته. و هو قوله:
(و كتاب اللّه بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه) المراد بكتاب اللّه إما معناه الحقيقى أعني القرآن فيكون ناطق استعارة تبعيّة لأنّ من شأن الكتاب الدلالة لا النّطق إلّا أنّه شبّه به في ايضاح المعنى و إيصاله إلى الذّهن فاستغير له لفظ النّطق، و يجوز أن يكون مجازا مرسلا باعتبار أنّ الدلالة لازم للنطق فذكر الملزوم و اريد اللّازم، و على هذا فيكون قوله: لا يعيا لسانه، ترشيحا للاستعارة.
و المقصود أنّ كتاب اللّه الكريم بينكم لم يرتفع عنكم، و هو كلام ربّكم ناطق بالسّداد، كاشف عن المراد، هاد إلى الرّشاد، لا يعجز لسانه، و لا يقصر بيانه يؤدى مطوّى الكلمات إلى مقتبسيه على مرور الأوقات، كيف لا و هو معجز النّبوّة، و مستند الامّة، و قد أخرس الفصحاء عن مجازاته، و قيّد البلغاء بالعىّ عن مباراته، و عاد سحبان بيانهم باقلا، و تناصروا فلم يجدوا إلّا خاذلا، و تعاهدوا و تقاعدوا فعدموا معينا و نصيرا، و عادوا بالخيبة و الخذلان فلا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا، و مع ذلك كلّه كيف تجهلون برتبته و مقامه، و ترغبون عن حدوده و أحكامه و تخالفونه في حلاله و حرامه.
و يجوز أن يكون استعارة لنفسه الشريف، فيكون من باب الاستعارة المجرّدة حيث قرن بما يلائم المستعار له و هو ناطق لا يعيا لسانه، و على هذا فالنطق و اللسان مستعملان في معناهما الحقيقى.
و يحتمل أن يكون لا يعيا لسانه كناية عن عدم قصوره في البيان و تبليغ الأحكام استعاره مرشحة- تشبيه بليغ قوله (و بيت لا تهدم أركانه) تشبيه كتاب اللّه بالبيت الوثيق غير الهادم أركانه سواء اريد به معناه الحقيقى أو المجازي باعتبار أنّ البيت كما أنّه يحفظ أهله
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 309
فكذلك الكتاب الكريم يحفظ العامل بما فيه، و هكذا أمير المؤمنين عليه السّلام يحفظ من يأوى إليه و يذعن بولايته في الدّنيا و الآخرة من العذاب الأليم و السخط العظيم و قوله: لا تهدم أركانه، ترشيح للتّشبيه إن جعلنا كلامه من باب التشبيه البليغ كما عليه المحقّقون، و إن جعلناه استعارة فيكون ذلك ترشيحا للاستعارة و في وصف البيت بذلك إشارة إلى استحكام قواعد كتاب اللّه و براهينه النّاطقة.
و أمّا قوله (و عزّ لا تهزم أعوانه) فهو ليس على حذ و ما سبق و إنّما اطلق عليه العزّ لكونه سببا للعزّ الأبدي الدائم، و المراد بأعوانه هو اللّه سبحانه الحافظ له كما قال تعالى: «إنّا نحن نزّلنا الذكر و إنّا له لحافظون»، و كذلك الملائكة و الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فهم أيضا حافظون له ذابّين عنه.
الترجمة:
از جمله آن خطبه اينست كه فرموده:
و كتاب خداوند تبارك و تعالى در ميان شما است، گوينده ايست كه عاجز نمى شود زبان او، و خانه ايست كه خراب نمى شود اركان او، و عزّتيست كه مغلوب نمى شود يارى كنندگان او.