منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 191
العمل العمل، ثمّ النّهاية النّهاية، و الاستقامة الاستقامة، ثمّ الصّبر الصّبر، و الورع الورع، إنّ لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، و إنّ لكم علما فاهتدوا بعلمكم، و إنّ للإسلام غاية فانتهوا إلى غايته، و اخرجوا إلى اللّه ممّا افترض عليكم من حقّه، و بيّن لكم من وظائفه، أنا شاهد لكم، و حجيج يوم القيمة عنكم.
الاعراب:
و قوله: العمل العمل و ما يتلوه من المنصوبات المكرّرة انتصابها جميعا على الاغراء أو عامل النصب محذوف أى ألزموا العمل فحذف العامل و ناب أوّل اللّفظين المكرّرين منابه.
المعنى:
ثمّ تخلّص من أوصاف القرآن و فضايله إلى الأمر بملازمة الأعمال فقال (العمل العمل) أى لازموا العمل الصّالح و رافبوا عليه (ثمّ النهاية النهاية) أى بعد القيام بالأعمال الصالحة لاحظوا نهايتها و خاتمتها و جدّوا في الوصول إليها (و الاستقامة الاستقامة) و هو أمر بالاستقامة على الجادّة الوسطى من العمل و الثبات على الصراط المستقيم المؤدّى إلى غاية الغايات و أشرف النهايات أعني روضات الجنات (ثمّ الصبر الصّبر و الورع الورع) أى بعد مواظبة الأعمال الصالحة و ملاحظة نهاياتها و الثبات على ما يوصل إليها من الأعمال لا بدّ من الصبر عن المعاصي و الكفّ عن الشّهوات و الورع عن محارم اللّه.
و مما ذكرناه ظهر لك نكتة العطف في ثاني المكرّرات الخمسة و رابعها بثمّ و في ثالثها و خامسها بالواو، توضيح ذلك أنّ النهاية لما كانت متراخية عن العمل عطفها بثمّ، و الاستقامة لما كانت كيفيّة العمل عطفها بالواو، و هذه الثلاثة أعني العمل و النّهاية
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 205
و الاستقامة كلّها ناظرة إلى طرف العبادة، و لما كان الصّبر متعلّقا بالمعصية عطفه بثم لغاية الافتراق بين العبادات و المعاصي، و لما كان بين الصّبر و الورع تلازما عطف الورع بالواو أيضا.
و هذا أولى مما قاله الشّارح البحراني حيث قال: و إنّما عطف النهاية و الصّبر بثمّ لتأخّر نهاية العمل عنه و كون الصّبر أمرا عدميّا و هو في معنى المتراخي و المنفكّ عن العمل الّذى هو أمر وجوديّ، بخلاف الاستقامة على العمل فانه كيفية له و الورع فانه جزء منه، انتهى هذا.
و فصّل ما أجمل لقوله و (إنّ لكم نهاية) و هى غرفات الجنان و رضوان من اللّه المنّان (فانتهوا إلى نهايتكم) و امضوا إليها (و إنّ لكم علما) هاديا إلى تلك النهاية و هو الرّسول الأمين و أولياء الدّين أو الأعم منهم و من ساير دلائل الشّرع المبين (فاهتدوا بعلمكم) للوصول إليها (و إنّ للاسلام غاية فانتهوا إلى غايته) و هي النهاية المذكورة (و اخرجوا إلى اللّه مما افترض عليكم من حقّه و بين لكم من وظايفه) أى أخرجوا متوجّهين إليه سبحانه ممّا فرضه عليكم من حقوقه الواجبة و أوضحه لكم من عباداته و تكاليفه الموظفة المقرّرة في ساعات اللّيالي و الأيّام.
و قوله (أنا شاهد لكم و حجيج يوم القيامة عنكم) تأكيد لأداء الفرائض و الواجبات يعني انكم إذا خرجتم إلى اللّه من حقوقه و وظايفه فأنا أشهد لكم يوم القيامة بخروجكم منها و مقيم للحجّة عن جانبكم بأنّكم أقمتم بها، و قد مضى تفصيل تلك الشهادة و الاحتجاج في شرح الخطبة الحادية و السّبعين.
الترجمة:
مواظبت نمائيد بر عملها و مسارعت نمائيد بنهايت و عاقبت كار، و ملازمت نمائيد براستكارى پس از آن و منصف باشيد با صبر و تحمل، و ترك نكنيد ورع و پرهيزكارى را، بدرستى كه شما راست نهايت و عاقبتي پس منتهى شويد بسوى نهايت خود، و بدرستى كه شما راست علم و نشانه پس هدايت يابيد با علم خود، و بدرستى كه مر اسلام راست غايت و نهايتي پس منتهى شويد بسوى غايت او، و خارج بشويد بسوى خداوند تعالى از چيزى كه واجب نموده بر شما از حق خود و بيان نموده است شما را از وظيفهاى خود، من شاهد هستم از براى شما و حجّت آورنده ام در روز قيامت از جانب شما.
افزودن دیدگاه جدید