و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، ابتعثه و النّاس يضربون في غمرة، و يموجون في حيرة، قد قادتهم أزمّة الحين، و استغلقت على أفئدتهم أقفال الرّين.
اللغة:
و (استغلقنى) بيعته و استغلق علىّ بيعته أى لم يجعل لى خيارا في ردّه و (الرّين) الدنس يقال: ران على قلبه ذنبه أى دنسه و وسخه.
المعنى:
و لما حمد اللّه سبحانه و أثنا عليه بما هو أهله اتبعه بالشهادة على رسالة رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: (و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ابتعثه) أى بعثه (و) الحال أنّ (النّاس) يوم بعثه (يضربون في غمرة) أى يسيرون في الانهماك في الضّلال و الباطل لأنّهم يومئذ كما قال عليه السّلام في الفصل السادس عشر من المختار الأوّل: ملل متفرّقة و أهواء منتشرة و طرائق متشتّتة بين مشبه للّه بخلقه أو ملحد في اسمه أو مشير به إلى غيره.
أو أنهم يسيرون في الشدّة و الزّحمة كما قال عليه السّلام في الفصل الأوّل من المختار السّادس و العشرين: إنّ اللّه بعث محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنتم معشر العرب على شرّ دين و في شرّ دار منيخون بين حجارة خشن و حيات صمّ تشربون الكدر و تأكلون الجشب و تسفكون دماءكم و تقطعون أرحامكم.
(و يموجون في حيرة) أى يضطربون و يختلفون في حيرة و جهالة لكثرة الفتن في أيام الفترة و زمان البعثة كما قال عليه السّلام في الفصل الثالث من المختار: و الناس
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 11، ص: 249
في فتن تنجذم فيها حبل الدّين و تزعزعت سوارى اليقين و اختلف النجر و تشتّت الأمر و ضاق المصدر و عمى المخرج «إلى قوله» فهم فيها تائهون حائرون جاهلون مفتونون.
استعاره (و قد قادتهم أزمّة الحين) أى أزمّة الهلاك كانت تجرّهم و تقودهم إلى الهلاك الدّائم و الخزى العظيم، فالمراد بالحين الهلاك الاخروى لا الهلاك الدّنيوي و الموت كما زعمه البحراني، و استعار لفظ الأزمة للمعاصي و الاثام و شبههم بالحيوان الذي يتبع قائده و يسير خلفه، يعني أنّهم يتبعون الشّهوات و يسيرون خلف السّيئات فتقودهم إلى هلاك الأبد.
تشبيه المعقول بالمحسوس (و استغلقت على أفئدتهم أقفال الرّين) شبّه رين الذنوب و هو وسخها و دنسها بالأقفال المغلقة و هو من تشبيه المعقول بالمحسوس و وجه الشبه أنّ الأقفال إذا اغلقت على الأبواب تمنع من الدّخول في البيت فكذلك رين الذّنوب إذا طبع على القلوب يمنع من دخول أنوار الحقّ فيها كما قال سبحانه «بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ» و ذكر الاستغلاق ترشيح للتشبيه أى استحكمت في قلوبهم أو ساخ الذّنوب بحيث صارت مانعة من إفاضة أنوار الحقّ إليها كالبيوت المغلقة بالأقفال المانعة من الدخول عليها.
الترجمة:
و شهادت مى دهم باين كه محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بنده و رسول او است، مبعوث فرمود او را در حالتى كه مردمان سير مى كردند در شدّت و ضلالت، و موج مى زدند در حيرت و جهالت، در حالتى كه كشيده بود ايشان را مهارهاى هلاكت، و بسته بود بر دلهاى ايشان قفلهاى وسخ ذنوب.
افزودن دیدگاه جدید