منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 209
و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الثالثة من المختار فى باب الخطب خطب بها عند خروجه إلى البصرة و قد تقدّم مختارها بخلاف هذه الرّواية و هي الخطبة الثالثة و الثلاثون:
أمّا بعد فإنّ اللّه سبحانه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ليس أحد من العرب يقرأ كتابا، و لا يدّعي نبوّة و لا وحيا، فقاتل بمن أطاعه من عصاه، يسوقهم إلى منجاتهم، و يبادر بهم السّاعة أن تنزل بهم، يحسر الحسير، و يقف الكسير، فيقيم عليه حتّى يلحقه غايته إلّا هالكا لا خير فيه، حتّى أراهم منجاتهم، و بوّئهم محلّتهم، فاستدارت رحاهم، و استقامت قناتهم.
اللغة:
(المنجاة) محلّ النّجاة و يحتمل المصدر و (حسر) البصر يحسر حسورا من باب قعد كلّ و انقطع من طول مدى و نحوه و هو حسير، و حسر البعير ساقه حتّى أعياه كأحسره، و حسر البعير أيضا من باب ضرب و فرح أعيا كاستحسر فهو حسير يتعدّى و لا يتعدّي و ناقة (كسير) مكسورة.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 210
الاعراب:
جملة ليس أحد حال من فاعل بعث و الرابط الواو، و جملة يسوقهم حال من فاعل قاتل و الرابط الضمير، و قوله ان تنزل بهم إما بدل من السّاعة أو مفعول له ليبادر أى مخافة أن تنزل بهم على حدّ قوله تعالى: «يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا».
أى كراهة أن تضلّوا، و إلّا هالكا إما استثناء من مفعول يلحقه أو من الضّمير في عليه و الثاني أظهر لأنّه كان مقيما على الهالك و غيره إلّا أنّ الالحاق إلى الغاية كان مختصّا بغير الهالك فحسن الاستثناء.
فان قلت: إذا كان اقامته عليهما على السواء فما معنى الاستثناء من الضمير؟
قلت: إنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إن كان مبعوثا إلى الناس كافة مقيما عليهم مريدا لالحاقهم إلى الغاية طامعا في إيمانهم جميعا، إلّا أنّ اللّحوق المترتب على الالحاق الذى كان غاية للاقامة لما لم يكن ممكنا في حقّ الهالك فجاز الاستثناء من كلّ من الاقامة و الالحاق باعتبار اللّحوق المترتّب عليهما، و وجه أظهرية الاستثناء في الثاني هو أن ترتب اللّحوق عليه بلا واسطة و على الأوّل مع الواسطة فافهم، و يوضح ما ذكرته من كونه مقيما على الكلّ حريصا على ايمانهم و إن لم يؤمنوا قوله تعالى: «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى» و قوله «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ».
المعنى:
اعلم أنّه قد تقدّم في شرح الخطبة الثالثة و الثّلاثين أنه عليه السّلام خطب بهذه
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 211
الخطبة عند الخروج لحرب أهل الجمل و أنّ غرضه عليه السّلام منه التّنبيه على أنّ حربه عليه السّلام معهم إنّما هي لاقامة الحقّ و إزالة الباطل، و تقدّم أيضا تحقيق الكلام فيها و في توضيح أكثر فقراتها و لا حاجة إلى إعادة ما تقدّم و نذكر هنا ما لم يسبق ذكره ثمة فنقول:
قوله عليه السّلام: (أمّا بعد فان اللّه سبحانه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ليس أحد من العرب) حين بعثه (يقرأ كتابا و لا يدّعى نبوّة) و هو محمول على بعض العرب أى الغالب منهم أو المراد بالكتاب الكتاب الحق إن اريد بهم العموم فلا ينافي وجود الصحف المحرّفة من التوراة و الانجيل و الزبور بينهم حسبما مرّت إليه الاشارة.
(فقاتل بمن أطاعه من عصاه) أى جاهد باستعانة المؤمن الموحّد العاصى المتمرّد (يسوقهم إلى منجاتهم و يبادر بهم الساعة أن تنزل بهم) أى يسارع بهم إلى الارشاد و الهداية و يعجل في انقاذهم من الجهالة مخافة أن تنزل بهم السّاعة على ما هم عليه من العمى و الضلالة فيستحقّوا بذلك السّخط و العقاب و يستوجبوا به أليهم العذاب.
استعاره- مجاز (يحسر الحسير و يقف الكسير فيقيم عليه حتى يلحقه غايته) يقول عليه السّلام إنّه كان ينقطع الغىّ العاجز و يقف المكسور فكان الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يزال مقيما عليه حتى يلحقه الغاية و يوصله الغرض و هو من باب الاستعارة شبّه النّاس في سلوكهم طريق الآخرة بإبل يسار بها في الأسفار و أثبت لهم وصف الحسير و الكسير الذي هو من أوصاف الابل.
و المراد أنّ من عجز و وقف قدم عقله في سلوك طريق الحقّ لضعف في اعتقاده أو قصور في آلة إدراكه لا يزال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مقيما عليه آخذا بعضده جاذبا له بأنواع التدبير و الجواذب إلى ما يمكن من العقيدة المرضيّة و الأعمال الزّكيّة التي هي الغاية القصوى من خلقة الانسان.
و قريب من ذلك ما في شرح المعتزلي قال: هذا الكلام من باب الاستعارة و المجاز يقول عليه السّلام: كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لحرصه على الاسلام و إشفاقه على المسلمين
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 212
و رأفته بهم يلاحظ حال من تزلزل اعتقاده أو عرضت له شبهة أو حدث عنده ريب لا يزال يوضح له و يرشده حتّى يزيل ما خامر سرّه من وساوس الشّيطان و يلحقه بالمخلصين من المؤمنين و لم يكن ليقصّر في مراعاة أحد من المكلّفين في هذا المعنى (إلّا هالكا لا خير فيه) أصلا لعناده و إصراره على الباطل و مكابرته للحقّ كأبي جهل و أبي لهب و نظرائهما (حتّى أريهم منجاتهم و بوّئهم محلتهم) أراد بهما دين الاسلام إذ به ينجي في العقبى و ينزل في أشرف المنازل و يؤتى.
كنايه (فاستدارت) به صلّى اللّه عليه و آله (رحاهم و استقامت قناتهم) كنّى باستدارة رحاهم عن انتظام امورهم لأنّ الرّحى لا تستدير إلّا بعد تكامل الآلة و انتظام أدواته، و أراد باستقامة قناتهم ظهور قهرهم و غلبتهم و حصول القوّة لهم، لأنّ القناة سبب للقوّة و لا تستقيم إلّا في حال الظفر و الغلبة.
الترجمة:
از جمله خطب عاليه المضامين آن امام مبين است كه فرموده:
أما بعد از حمد خدا و درود بر حضرت مصطفى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم پس بدرستى كه حق تعالى برانگيخت محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم را در حالتى كه نبود هيچ احدى از عرب كه بخواند كتاب حق را، و نه دعوى نبوتي بكند، و نه وحى و خطابى را از جانب خدا، پس مقاتله كرد بمعونة كسانى كه اطاعت نمودند او را با كسانى كه معصيت و نافرماني كردند با و در حالتى كه ميراند ايشان را بجانب رستگارى.
و مبادرت مى نمود برايشان بر ساعت موت كه مبادا نازل شود بر ايشان در حالتى كه عاجز مى شد عاجز شونده و مى ايستاد شكسته پس اقامت مى نمود ختمى مآب سلام اللّه عليه و آله و ثابت قدم مى شد بر آن عاجز پريشان و شكسته ناتوان تا اين كه مى رسانيد هر يك از ايشان را بمقصد خودشان مگر كسى كه در هلاكت بوده كه در آن هيچ اميد خيرى و صلاحى نبوده باشد. تا اين كه بنمود بمردم محل نجاة ايشان را، و جاى داد ايشان را در مقام خودشان، پس دوران نمود آسياى ايشان، و راست شد نيزه ايشان.