منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 12، ص: 184
و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الرابعة و التسعون من المختار فى باب الخطب:
الحمد للّه الّذي أظهر من آثار سلطانه و جلال كبريائه ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته، و ردع خطرات هماهم النّفوس عن عرفان كنه صفته، و أشهد أن لا إله إلّا اللّه شهادة إيمان و إيقان، و إخلاص و إذعان، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، أرسله و أعلام الهدى دارسة، و مناهج الدّين طامسة، فصدع بالحقّ، و نصح للخلق و هدى إلى الرّشد، و أمر بالقصد صلّى اللّه عليه و آله.
اللغة:
(المقل) جمع مقلة كغرف و غرفة و هى شحمة العين الّتي تجمع سوادها و بيضها و (الهمهمة) الكلام الخفي أو صوت يسمع و لا يفهم محصوله و تردّد الزئير في الصّدر من الهمّ و نحوه، قاله في القاموس أقول: و الزئير مأخوذ من الزئر و هو ترديد الصّوت في الجوف ثمّ مدّه، و يطلق الزئير على صوت الأسد من صدره و على كلّ صوت فيه بحح كصوت الفيلة و نحوها.
و (طمست) الشيء طمسا محوته و طمس هو يتعدّى و لا يتعدّي و طمس الطريق درست.
المعنى:
اعلم أنّ هذه الخطبة الشريفة مسوقة للنصح و الموعظة و الأمر بالتقوى مع التنبيه على جملة من صفات الكمال و العظمة و الجلال للّه عزّ و جلّ، و افتتحها بحمده و الثناء عليه و الشهادة بالتوحيد و الرّسالة فقال: (الحمد للّه الذي أظهر) في الملك و الملكوت و الانفس و الافاق و الأرض و السماوات (من آثار سلطانه و جلال كبريائه ما حيّر مقل العيون) و ابصار البصاير (من عجايب قدرته) و بدايع صنعته و قد تقدّم الاشارة إلى بعضها في شرح الخطب المسوقة لهذا الغرض و مرّ فصل واف منها في الخطبة التسعين و شرحها فانظر ما ذا ترى.
و نسبة عجائب القدرة إلى سلطانه و جلال كبريائه لأنّ الاثار العظيمة و المبدعات المحكمة المتقنة إنما يناسب صدورها بالسّلطنة الالهيّة و الجلال الالهى.
استعاره (و ردع خطرات هماهم النفوس عن عرفان كنه صفته) أى دفع و منع الافكار و الرّويات التي تخطر بالنفوس و توجب همهمتها عن معرفة كنه صفات جماله و جلاله و يحتمل أن يراد بالهماهم نفس تلك الأفكار على سبيل الاستعارة لتردّدها في الجوف مثل تردّد الهماهم.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 12، ص: 188
و كيف كان فالغرض منه التنبيه على عجز العقول و المشاعر الظاهرة و الباطنة عن إدراك حقيقته و ذاته حسبما عرفته فى شرح الفصل الثاني من الخطبة التسعين و في تضاعيف الشّرح مرارا، و أردف الثّناء عليه تعالى بالشّهادة بتوحيده فقال:
(و أشهد أن لا إله إلّا اللّه) و قد مضى الكلام في تحقيق معناها و الأخبار الواردة في فضلها بما لا مزيد عليه في شرح الفصل الثاني من الخطبة الثانية، و وصفها هنا بأوصاف أربعة:
أحدها كونها (شهادة ايمان) أى يطابق القول فيها للعقد القلبي.
(و) ثانيها كونها شهادة (ايقان) أى صادرة عن علم اليقين لا عن وجه التقليد و لا تكون كذلك إلّا باعتقاد أن لا إله إلّا هو مع اعتقاد أنّه لا يمكن أن يكون ذلك المعتقد إلّا كذلك.
(و) ثالثها أن تكون عن (اخلاص) أى جعلها خالصا عن شوب غيره من الرّيا و نحوه و قال الشّارح البحراني: هى أن يحذف عن ذلك المعتقد كلّ أمر عن درجة الاعتبار و لا يلاحظ معه غيره، انتهى و قد مرّ له معنى آخر في الأخبار المتقدّمة في شرح الخطبة الثانية من أنّ إخلاصها أن حجزه لا إله إلّا اللّه عمّا حرّم اللّه.
(و) رابعها أن تكون متلبّسة ب (اذعان) و انقياد لما هو من توابعها و مقتضياتها من التّكاليف و الأحكام.
و أردفها بالشهادة بالرّسالة لما عرفت في الأخبار المتقدّمة في شرح الخطبة الثّانية من فضل المقارنة بينهما فقال:
(و أشهد أنّ محمّدا عبده) المرتضى (و رسوله) المصطفى (أرسله) إلى الخلق بالهدى و دين الحقّ على حين فترة من الرّسل و طول هجعة من الامم و انتقاض من المبرم (و) الحال أنّ استعاره (أعلام الهدى دارسة) استعارها للأنبياء و المرسلين و أولياء الدّين الّذين يهتدى بأنوارهم في سلوك سبيل اللّه كما يهتدى بالأعلام في الطّرق، و دروسها بما كانت من الفترة بعد عيسى إلى بعثه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (و مناهج الدّين طامسة) أى طرق المعارف الحقّة الالهيّة مندرسة منمحية بطول المدّة و بعد العهد و غلبة الغفلة.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 12، ص: 189
استعاره (فصدع بالحقّ) امتثالا لما كان مامورا به بقوله عزّ و جلّ «فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ» و أصل الصّدع عبارة عن كسر الزّجاجة و شقّها و تفريقها، فاستعير عنه للبيان الواضح و التبليغ الكامل، و الجامع التأثّر.
و قد قيل في تفسير الاية: أنّ معناها أبن الأمر إبانة لا تنمحى كما لا يلتئم كسر الزّجاجة، و قيل: أفرق بين الحقّ و الباطل، و قيل: شقّ جماعاتهم بالتّوحيد أو بالقرآن.
(و نصح للخلق) بصرفهم عن الرّدى إلى الهدى و ردّهم عن الجحيم إلى النعيم (و هدى إلى الرّشد) أى إلى الصّواب و السّداد في القول و العمل (و أمر بالقصد) أى بالعدل في الامور المصون عن الافراط و التّفريط، و يحتمل أن يكون المراد به قصد السبيل الموصل إلى الحقّ أى الصّراط المستقيم (صلّى اللّه عليه و آله) و سلّم.
الترجمة:
از جمله خطب شريفه آن بزرگوار است در حمد و ثناى إلهى و وصيّت به تقوى و پرهيزكارى مى فرمايد:
سپاس خدا راست آن چنان خدائى كه آشكار كرد از آثار پادشاهى خود و بزرگى بزرگوارى خود آن چيزى را كه متحيّر گردانيد ديده هاى عقلها را از مقدورات عجيبه خود، و دفع نمود خطورات فكرهاى نفسها را از شناسائى حقيقت صفت خود و شهادت مى دهم باين كه معبود بحقى نيست مگر خدا شهادتى از روى اعتقاد جازم ثابت خالص از شوب ريا ملازم طاعات و عبادات، و شهادت مى دهم كه محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بنده خالص اوست و پيغمبر اوست فرستاد او را در حالتى كه نشانهاى هدايت مندرس بود، و راههاى دين محو شده بود، پس آشكار كرد حق را و نصيحت كرد خلق را و هدايت نمود براه راست، و امر نمود بعدل و قسط، صلوات خدا بر او و بر أولاد او باد.
افزودن دیدگاه جدید