منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 132
منها: و طال الأمد بهم ليستكملوا الخزى، و يستوجبوا الغير حتّى إذا اخلولق الأجل، و استراح قوم إلى الفتن، و اشتالوا عن لقاح حربهم، لم يمنّوا على اللَّه بالصّبر، و لم يستعظموا بذل أنفسهم في الحقّ، حتّى إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدّة البلاء، حملوا بصائرهم على أسيافهم، و دانوا لربّهم بأمر واعظهم.
اللغة:
و (الغير) بكسر الغين المعجمة و فتح الياء المثنّاة قال في مجمع البحرين:
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 133
في الحديث: الشكر أمان من الغير، و مثله من يكفر باللَّه يلقى الغير، أى تغيّر الحال و انتقالها عن الصّلاح إلى الفساد و (شالت) النّاقة ذنبها و أشالته رفعته فشال الذّنب نفسه لازم متعدّ و (اللقاح) بالفتح اسم ماء الفحل لقحت النّاقة من باب سمع لقاحا أى قبلت اللّقاح فهى لاقح أى حامل.
الاعراب:
و قوله: حتّى اذا اخلولق الأجل، جواب اذا محذوف بقرينة جواب اذا الآتية أعنى قوله: حملوا بصائرهم، و جملة لم يمنّوا حال من فاعل اشتالوا.
المعنى:
الفصل الثاني:
(منها) قوله عليه السّلام مجاز (و طال الأمد بهم ليستكملوا الخزى و يستوجبوا الغير) قال الشارحان البحراني و المعتزلي: هذا الفصل من كلامه يتّصل بكلام قبله لم يذكره الرّضيّ قد وصف فيه فئة ضالّة قد استولت و ملكت و املى لها اللَّه سبحانه انتهى.
ان قيل: كيف ساغ جعل طول الأمد علّة لاستكمال الخزى؟
قلت: اللّام هنا ليست على التّعليل حقيقة بل هى على العلّية المجازيّة كما في قوله سبحانه «فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّا و حزنا» حيث شبّه ترتّب كونه عدوّا و حزنا على الالتقاط بترتّب العلّة الغائية على معلولها، فاستعمل فيه اللّام الموضوعة للعليّة، و فيما نحن فيه أيضا لمّا كان طول المدّة سببا لتماديهم في الغيّ و الغفلة، و فعلهم للآثام و المعاصي بسوء اختيارهم، و كان فعل المعاصى جالبا لكمال الخزى، و موجبا لتغيّر النّعم، فجعلوا بفعلهم للمعاصي بمنزلة الطّالبين لكمال الخزى، ثمّ رتّب استكمال الخزى على طول الأمد و استعمل اللّام الموضوعة للعليّة فيه و مثله قوله تعالى: «وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ».
و محصّل المرام أنّهم بطول بقائهم في الدّنيا ركبوا الذّنوب و المعاصي، فاستحقّوا بذلك الخزى و النّكال، و استوجبوا تغير النّعمة بسوء الأعمال
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 139
لأنّ «اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ» قال «فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَ بَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ، وَ شَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا».
(حتّى إذا اخلولق الأجل) قال الشّارح البحراني: أى صار خليقا، و ليس بشيء، لأنّ اخلولق لم يذكر له إلّا الفاعل فهو فعل تامّ بمعنى قرب، و ما ذكره معنى اخلولق إذا ذكر له اسم و خبر و كان فعلا ناقصا مثل: اخلولق السّماء أن تمطر أى صار خليقا للأمطار، و كيف كان فالمراد أنّه قرب انقضاء مدّة هؤلاء الضّالين المستكملين للخزى و المستوجبين للغير.
(و استراح قوم إلى الفتن) أى مال و صبا قوم من الشّيعة و أهل البصرة إلى فتن تلك الفئة الضّالّة، و وجدوا الرّاحة لأنفسهم في توجّههم إليها استعاره تخييلية (و اشتالوا عن لقاح حربهم) أى رفع هؤلاء المستريحون أنفسهم عن تهيّج الحرب بينهم و بين هذه الفئة، و شبّه الحرب بالنّاقة اللّاقح و أثبت لها اللّقاح تخييلا، و المراد أنّهم تركوا محاربتهم و رفعوا أيديهم عن سيوفهم إمّا لعجزهم عن القتال أو لعدم قيام القائم بالأمر فهادنوهم و ألقوا اليهم السّلم.
حالكونهم (لم يمنّوا على اللَّه بالصّبر) على مشاقّ القتال، و في رواية: بالنّصر، أى بنصرهم للَّه (و لم يستعظموا بذل أنفسهم في) طلب (الحقّ) و نصرته (حتّى إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدّة البلاء) أى ورد القضاء الالهي بانقطاع بلاء هذه الفئة الضّالة و انقضاء ملكهم و أمارتهم و أذن اللَّه في استيصالهم بظهور من يقوم بنصر الحقّ و دعوته اليه (حملوا) أى هؤلاء المستريحون إلى الفتن (بصائرهم على أسيافهم) لحرب أهل الضّلال، قال الشّارح المعتزلي: و هذا معنى لطيف، يعني أنّهم أظهروا بصائرهم و عقايد قلوبهم للنّاس و كشفوها و جرّدوها من أجفانها مع تجريد السّيوف من أجفانها فكأنها شيء محمول على السيوف يبصره من يبصر السيوف، فترى في
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 9، ص: 140
غاية الجلاء و الظهور كما ترى السيوف المجرّدة (و دانوا لربّهم بأمر و اعظهم) أشار به إلى الامام القائم عجّل اللَّه ظهوره، هذا.
و للشّراح في شرح هذا الفصل من كلامه عليه السّلام اضطراب عظيم، و تحيّروا في مراجع الضمائر الموجودة فيه، و اضطرّوا في إصلاح نظم الكلام إلى التأويلات الباردة التي يشمئزّ عنها الأفهام، و نحن شرحناه بحمد اللَّه على ما لا يخرجه من السلاسة و النظم بمقتضى سليقتنا، و العلم بعد موكول إلى صاحب الكلام عليه السّلام .
الترجمة:
از جمله اين خطبه است كه مى فرمايد: و طول يافت مدّت بآن أهل ضلال تا اين كه كامل نمايند ذلت و خوارى را، و مستحق باشند بتغيير نعمت پروردگار تا زمانى كه نزديك شد گذشتن آن عهد ميل كردند طايفه از أهل بصيرت بآن فتنه ها، و بلند كردند دم را از آبستنى جنگشان در حالتى كه منت نگذاشتند به پروردگار با صبر نمودن در كار زار، و بزرگ نشمردند بخش كردن جانهاى خودشان را در راه حق تا زمانى كه موافقت نمود قضاء فرود آمده الهى با بريده شدن مدّت بلا، برداشتند أهل معرفت و بصيرت بصيرتهاى خودشان را بر شمشيرهاى خود، و تقرّب جستند بسوى پروردگار بفرمان واعظ خودشان.