منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 230
أين خياركم و صلحائكم و أحراركم و سمحائكم، و أين المتورّعون في مكاسبهم، و المتنزّهون في مذاهبهم؟ أ ليس قد ظعنوا جميعا عن هذه الدّنيا الدّنيّة و العاجلة المنغّصة، و هل خلّفتم إلّا في حثالة لا تلتقي بذمّهم الشّفتان استصغارا لقدرهم، و ذهابا عن ذكرهم، فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون، ظهر الفساد فلا منكر متغيّر، و لا زاجر مزدجر، أ فبهذا تريدون أن تجاوروا اللّه في دار قدسه، و تكونوا أعزّ أوليائه عنده، هيهات لا يخدع اللّه عن جنّته، و لا تنال مرضاته إلّا بطاعته، لعن اللّه الآمرين بالمعروف التّاركين له، و النّاهين عن المنكر العاملين به. (26699- 26505)
اللغة:
و (المنغّصة) بتشديد الغين و تخفيفها و كسرها و فتحها و (الحثالة) السّاقط الرّدى من كلّ شيء (فلا منكر متغيّر) كلاهما بصيغة المفعول و الأوّل من باب الأفعال و الثاني من باب التفعيل و في بعض النّسخ كلاهما بصيغة الفاعل إلّا أنّ الأوّل من باب الافعال و الثّاني من باب التفعيل مغيّر بدل متغيّر.
الاعراب:
و قوله: استفهام أين خياركم، استفهام على سبيل التّحسر و التحزّن ، و قوله: استفهام انكارى استفهام تقريرى أ ليس قد ظعنوا، استفهام على سبيل الابطال و الانكار أو التّقرير لما بعد النّفى ، و قوله: استفهام توبيخى و تقريعى أ فبهذا، استفهام على سبيل التوبيخ و التّقريع.
ال معنى:
ثمّ تحسّر و تأسّف على فوت الخيار و موت الصلحاء الأخيار فقال (أين خياركم و صلحائكم و أحراركم و سمحائكم) أى أخياركم و أسخيائكم (و أين المتورّعون في مكاسبهم) المراقبون لشرائط التجارات و المواظبون لرسوم المعاملات الآخذون بوظائف العدل و الانصاف، و المجانبون عن التطفيف و البخس و الاعتساف (و المتنزّهون في مذاهبهم) أى المتباعدون عن الأخذ بالمقاييس و الارادة الفاسدة و بالاستحسانات العقليّة و العقائد الكاسدة (أليس قد ظعنوا) و ارتحلوا (جميعا عن هذه الدّنيا الدّنيّة و العاجلة المنغّصة) المكدّرة فلم يبق منهم من تأخذون منه مكارم الآداب و الأخلاق، و ترجعون إليه في صالح الأعمال و الأفعال لعلّكم تقتبسون آثارهم و تتّبعون أفعالهم ثمّ نبّه على حقارة الباقين و رذالتهم فقال (و هل خلفتم إلّا في حثالة لا تلتقى بذمّهم الشفتان) أى ما بقيتم إلّا في أوغاد النّاس و أراذلهم و طغاتهم و حمقائهم يأنف الانسان أن يذمّهم و لا يطبق إحدى الشّفتين منه على الاخرى ليتكلّم فيهم (استصغارا لقدرهم و ذهابا) أى ترفّعا (عن ذكرهم) و احتقارا لهم (فانّا للّه و إنّا إليه راجعون) من اصابة هذه المصائب و ابتلاء تلك البليّة، فانّ المبتلى و المصاب إنّما يسترجع إذا وقع في بليّة أو ابتلى بمصيبة (ظهر الفساد) في النّاس بارتفاع المعروف و اشتهار المنكر (فلا منكر متغيّر) أى لا يتغيّر فعل منكر لعدم وجود المغيّر و المنكر
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 234
أو لعدم تأثير انكاره لعدم تأثّره في نفسه عن قبيح فعله، و يؤيّده ما في بعض النّسخ من قوله فلا منكر مغيّر بدله أى ليس منكر يغيّر سوء فعله (و لا زاجر مزدجر) عن قبيح عمله فيكون القرينة الثّانية تفسيرا للاولى، و المقصود أنّه لا ينتهى النّاهى عن المنكر عمّا ينهى عنه، و لا زاجر يزدجر و يتّعظ (أ فبهذا) الحال (تريدون أن تجاوروا اللّه في دار قدسه) و تسكنوا جنّته (و تكونوا أعزّ أوليائه عنده) و تلقوا النّضرة و السّرور، و تنزلوا الغرف و القصور و تشربوا الشّراب الطهور و تلبسوا الدّيباج و الحرير، و تزوّجوا بالحور العين، و تخدموا الولدان المخلّدين (هيهات لا يخدع اللّه عن جنّته و لا تنال مرضاته إلّا بطاعته) لأنّ الخديعة إنّما تجوز على من لا يعلم السّر دون من هو عالم بالسّر و أخفى يعلم ما في السّموات و ما في الأرض و ما بينهما و ما تحت الثّرى، فالطّمع في نزول الجنان و الدّرجات و نيل الرّضوان و المرضاة ليس إلّا من اغترار الأنفس و أماني إبليس، فلا يغرّنكم الحيوة الدّنيا و لا يغرّنكم باللّه الغرور (لعن اللّه الآمرين بالمعروف التاركين له، و النّاهين عن المنكر العاملين به) لأنّ الأمر بالمعروف و النّهى عن المنكر إنّما هو بعد الاتيان بالأوّل و الانتهاء عن الثاني، قال اللّه تعالى: يا أيّها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون، و قد مضى أخبار كثيرة في هذا المعنى فى شرح الفصل الثاني من فصول الخطبة المأة و الرّابعة.
الترجمة:
كجايند أخيار شما و صالحين شما و آزاد مردان شما و سخيان شما؟ و كجايند كسانى كه پرهيزكار بودند در كسبهاى خودشان، و دو روى مى جستند از شبه باطله در مذهبهاى خودشان؟ آيا رحلت نكردند همگى ايشان از اين دنياى پست و بى مقدار، و از اين شتاب كننده كدورت آميز واپس گذاشته نشده ايد مگر در پست و بد مردمان كه بهم نمى آيد بمذمت ايشان لبها بجهت حقير شمردن قدر ايشان، و بجهت اظهار رفعت از ذكر ايشان پس بدرستى كه ما بندگانيم خداوند تعالى را و بتحقيق كه ما بسوى او رجوع خواهيم كرد، ظاهر گرديد فساد در ميان عباد، پس نيست انكار كننده معاصى تغير دهنده عمل قبيح خود را، و نه منع كننده از قبايح باز دارنده خود از معصيت، آيا پس باين حال مى خواهيد مجاور باشيد خدا را در سراى پاكيزه او، و بشويد عزيزترين دوستان او در نزد او، چه دور است اين آرزو، فريب داده نمى شود خداى متعال از بهشت خود، و درك نمى شود خوشنودى او مگر بطاعت او، لعنت كند خدا امر بمعروف كنندگانى كه ترك كننده آن معروف باشند، و نهى كنندگان از منكر كه عمل كننده باشند بآن منكر.
افزودن دیدگاه جدید