منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 184
منها العالم من عرف قدره، و كفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره، و إنّ من أبغض الرّجال إلى اللّه لعبد وكّله اللّه إلى نفسه، جائر عن قصد السّبيل، ساير بغير دليل، إن دعي إلى حرث الدّنيا عمل، و إن دعي إلى حرث الآخرة كسل، كأنّ ما عمل له واجب عليه، و كأنّ ما ونى فيه ساقط عنه. (19976- 19819)
اللغة:
و (ونى) في الأمر ينى و نيا من باب وعد ضعف و فتر فهو و ان، قال سبحانه: «اذْهَبْ أَنْتَ وَ أَخُوكَ بِآياتِي».
الاعراب:
و اللّام في قوله العالم من عرف قدره للجنس و التعريف لقصد الحصر مبالغة و من في قوله عليه السّلام انّ من أبغض الرّجال لعبد زايدة في اسم إنّ و لعبد بالرّفع خبرها كما زيدت في اسم كان في قوله تعالى: «وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ» .
و إليه ذهب الكسائى في قوله عليه السّلام: إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون و في نسخة للشارح المعتزلي لعبدا بالنّصب و كذلك جائرا و سائرا فيكون حينئذ من للتبعيض و هى مع مدخولها خبر ان مقدّما و لعبدا اسم لها، و جائرا، و سايرا يحتملان الحال و الوصف.
المعنى:
قال السّيد (ره) (منها) أى بعض فصول تلك الخطبة قوله عليه السّلام (العالم من عرف قدره و كفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره) يعنى أنّ العالم الكامل الحقيق بأن يطلق عليه اسم العالم حقيقة من اتّصف بعرفان قدره و عدم تجاوز طوره، و من لم يعرف ذلك فهو حقيق بأن يطلق عليه اسم الجاهل، و ذلك كاف في جهالته، و المراد بقدره مقداره المعيّن و محلّه المرسوم و مرتبته المقرّرة له في الوجود، و ذلك إنّما يكون بكمال العقل.
كما قال الصّادق عليه السّلام: ما اخال رجلا يرفع نفسه فوق قدرها إلّا من خلل في عقله.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 185
و في رواية اخرى عنه عليه السّلام ما هلك امرء عرف قدره.
يعنى أنّ من عرف قدره و لم يتعدّ طوره المرسوم له في دائرة الوجود و عرف أنّه ما هو و لأىّ شي ء خلق خلص من ظلمات الجهالة، و نجى من بوادى الهلاكة لأنّه يلازم قدره المقدّر و مقامه المعيّن و يسلك الطّريق المؤدّى إلى النّجاة، و يحترز من طرفي التفريط و الافراط.
و يوضح ذلك ما رواه في الكافي عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد مرسلا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: دعامة الانسان العقل، و العقل منه الفطنة و الفهم و الحفظ و العلم و بالعقل يكمل، و هو دليله و مبصره و مفتاح أمره فاذا كان تأييد عقله من النّور كان عالما حافظا ذاكرا فطنا فهما، فعلم بذلك كيف و لم و حيث، و عرف من نصحه و من غشّه، فاذا عرف ذلك عرف مجراه و موصوله و مفصوله، و أخلص الوحدانيّة للّه و الاقرار بالطّاعة، فاذا فعل ذلك كان مستدركا لما فات و واردا على ما هو آت يعرف ما هو فيه و لأيّ شي ء هو ههنا و من أين يأتيه و إلى ما هو صائر و ذلك كلّه من تأييد العقل.
يعني انّ قيام أمر الانسان و نظام حاله بالعقل فهو له كالعمود للبيت و منه يحصل الفطنة و سرعة ادراك الامور على الاستقامة، و يحصل الفهم و الحفظ و العلم و به يكمل الانسان، و هو دليله على الحقّ و موجب لكونه ذا بصيرة و مفتاح لأمره به يفتح ما اغلق عليه من الأمور الدينية و الدنيويّة و المسائل المعضلة الغامضة، فاذا كان عقله مؤيّدا بالنّور أى بنور الحقّ و خلى عن شوائب الأوهام، و كان عالما بما يحتاج إليه، حافظا لعلمه بحيث لا يتطرّق عليه سهو أو نسيان أصلا أو غالبا، ذاكرا لربّه فطنا فهما في غاية الكمال من القوّتين النظرية و العملية، فعلم بذلك كيف أى كيفيّة الأعمال و الأخلاق، أو كيفية السّلوك إلى الآخرة و الوصول إلى الدّرجات العالية، أو حقايق الأشياء و حقيقة نفسه أهو من المقرّبين أم من المبعدين و لم أى علّة الأشياء، و علل وجودها و ما يؤدّى إليها كعلّة الأخلاق الحسنة حتّى
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 186
يكتسبها و علّة الأخلاق الرّذيلة حتّى يجتنبها، أو يتفكر في علّة العلل و ساير العلل المتوسّطة، أو يتفكّر في علّة وجوده و أنّه إنّما خلقه اللّه للمعرفة و الطّاعة، و حيث اى يعلم مواضع الامور و يعرف مقام نفسه فيضعها فيه و لا يتعدّى قدره، و عرف النّاصح له ممّن غشّه فيقبل النّصح من الأوّل و إن كان عدوّا له، و يحترز من تدليس الثاني و إن كان صديقا له: فاذا عرف ذلك عرف مجراه أى سبيله الذى يجرى فيه إلى الحقّ أو يعلم انه متوجه إلى الآخرة فيعمل بمقتضى هذا العلم و لا يتشبّث بالدّنيا و شهواتها، و موصوله و مفصوله، أى ما ينبغي الوصل معه من الأعمال و الاشخاص و ما ينبغي الفصل منه، و اخلص الوحدانيّة للّه سبحانه، و علم أنه الواحد الحقيقى لا جزء له عقلا و ذهنا و خارجا و لا شريك له أصلا، و أقرّ بأنّه لا يستحقّ الطاعة غيره، فاذا فعل ذلك أى الاخلاص و الاقرار، كان مستدركا في غابر الزمان لما فات منه في سالف الأيّام من التكاليف التي كان يلزم عليه القيام بها، و استدراكها انّما هو بالتوبة و القيام بوظايفها، و وارد على ما هو آت من الأعمال الحسنة أو المراتب العالية، يعرف ما هو فيه أى النّشاة الفانية و فنائها و معايبها، و لأىّ شي ء هو ههنا يعنى يعرف أنه انما أنزله اللّه تعالى إلى دار الدّنيا للمعرفة و تحصيل السّعادات الاخروية، فيبذل همّته و جهده فيها، و من أين يأتيه أى النّعم و الخيرات، و يعلم موليها فيشكره و يتوكّل عليه و يتوسّل به لا بغيره أو الأعمّ منها و من البلايا و الشرور و الآفات و المعاصى، فيعلم أنّ المعاصي من نفسه الامارة و من الشّيطان فيحترس منهما، و إلى ما هو صائر أى الموت و أحوال القبر و أهوال الآخرة و نعيمها و عذابها، أو الأعمّ منها و من درجات الكمال و دركات النقص، و ذلك كلّه من تأييد العقل أى من ثمرات كون العقل مؤيدا بالنّور حسبما عرفت فافهم و اغتنم هذا.
و قد ظهر بما ذكرنا كلّه أنّ العالم من كمل عقله و عرف قدره و لازم مقامه و لا يرفع نفسه فوق قدرها و لا يتعدى وظيفته و لا يدعى الانيّة له فانّ الرياسة لا تصلح إلّا لأهلها (و انّ من أبغض الرّجال إلى اللّه) سبحانه المغضوب عنده المصروف عنه نظر العناية الأزليّة و الألطاف الرّبانيّة (لعبد) استبدّ برأيه و استقلّ بظنّه
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 187
ف (وكله اللّه إلى نفسه) و جعل و كوله و اعتماده عليها حيث زعم لنفسه الاستقلال و تمرّد عن طاعة الرّب المتعال فهو (جائر عن قصد السّبيل) الموصل له إلى قرب الرّحمن المؤدّى له إلى روض الجنان (سائر بغير دليل) ينجيه من المهالك و من سار بغير دليل فهالك.
و المراد بالدليل من يدلّه على مناهج الدّين و يرشده إلى شرايع الشرع المبين، و هم امناء الرّحمن و أبواب الايمان و حملة أسرار الجليل و تراجمة الوحى و التنزيل، من تخلّف عنهم هلك و من تقدّمهم مرق و من لازمهم لحق.
(ان دعى) هذا الرّجل المبغوض استعاره (إلى حرث الدّنيا) استعارة للأفعال و الأعمال المتوقّع نفعها و ثمرتها فيها من التجارة و الزّراعة و الفلاحة و نحوها (عمل) و اشتغل به و استغرق اوقاته فيه (و ان دعى إلى حرث الآخرة) استعارة للطّاعات و العبادات التي ترجى ثمرتها فيها (كسل) و توانى و اعرض و نأى بجانبه (كأنّ ما عمل له) أى لنفسه من اشغال الدّنيا (واجب عليه و كأنّ ماونى فيه) من أعمال الآخرة (ساقط عنه) مع أنّ ما كسل عنه أولى بالقيام و ما اشتغل به أخرى بالسقوط.
الترجمة:
بعض ديگر از فصلهاى آن خطبه اينست كه فرموده:
عالم كسيست كه بشناسد قدر خود را و كفايت مى نمايد بمرد از حيثيت جهالت و نادانى آنكه نشناسد قدر خود را، و بدرستى كه از دشمن ترين مردان بسوى خدا هر آينه بنده ايست كه واگذارد خداى تعالى او را با نفس خودش، عدول كننده باشد از ميانه راه حق، سير كننده باشد بدون راه نما، اگر خوانده شود بسوى كشت و زراعت دنيا عمل ميكند و مشغول شود، و اگر خوانده شود بسوى كشت و زراعت آخرت كسالت مى گيرد و كاهل ميباشد، گويا آنچه كه عمل كرد از براى خود از امور دنيا واجب است بر او، و گويا آنچه كه كاهلى نمود در آن از امور آخرت ساقط است از او.