منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 270
الفصل الثاني:
منها في خطاب أصحابه: و قد بلغتم من كرامة اللّه لكم منزلة تكرم بها إمائكم، و توصل بها جيرانكم، و يعظّمكم من لا فضل لكم عليه، و لا يد لكم عنده، و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة، و لا لكم عليه إمرة، و قد ترون عهود اللّه منقوضة، فلا تغضبون، و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون، و كانت أمور اللّه عليكم ترد، و عنكم تصدر، و إليكم ترجع، فمكنتم الظّلمة من منزلتكم، و ألقيتم إليهم أزمّتكم، و أسلمتم أمور اللّه في أيديهم، يعملون في الشّبهات، و يسيرّون في الشّهوات، و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم. (20903- 20801)
اللغة:
(الوصل) ضدّ القطع و (الذّمة) العهد و الامان و الضمان و الحرمة و الحقّ و (اليد) النّعمة و (أنف) انفا من باب فرح استنكف.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 271
الاعراب:
واو في قوله عليه السّلام: و أنتم للحال، و الجملة بعدها حال من فاعل تغضبون، و جملة يعملون في الشبهات استينافية بيانية أو حال من الضمير المجرور في أيديهم و لو في قوله: و لو فرقوكم، بمعنى ان الشرطية إذ لو ابقيت على معناها الأصليّ لدلّت على الانتفاء عند الانتفاء كما في قوله تعالى: «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا».
و هو باطل و الاتيان بالشرط و الجواب ماضيين إشارة إلى تصوير غير الحاصل بصورة الحاصل أو تنبيها على وقوعهما لا محالة.
المعنى:
اعلم أنّ هذا الفصل من كلامه عليه السّلام كما قال الشّارح المعتزلي خطاب لأصحابه الذين أسلموا مدنهم و نواحيهم إلى جيوش معاوية التي كان يغير بها على أطراف أعمال عليّ عليه السّلام كالأنبار و غيرها ممّا تقدّم ذكرها في الشرح فقال عليه السّلام لهم (و قد بلغتم من كرامة اللّه لكم) بالاسلام بعد ان كنتم مجوسا و صابئة و عبدة أصنام (منزلة) عظيمة (تكرم بها امائكم) و عبيدكم و من كان مظنة المهانة و المذلة (و توصل بها جيرانكم) أى الملتجئين إليكم من معاهد أو ذميّ، فانّ اللّه تعالى حفظ لهم ذمام المجاورة لكم حتّى عصم دمائهم و أموالهم، و يحتمل أن يراد به المجاورون في المسكن.
(و يعظّمكم من لا فضل لكم عليه و لا يد لكم عنده) كالرّوم و الحبشة، فقد عظموا مسلمى العرب لتقمّصهم بلباس الاسلام و اظهارهم شعاره (و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة و لا لكم عليه امرة) أى أمارة و سلطنة كالملوك في أقاصى البلاد مثل الهند و الصّين و نحوها، فانهم هابوا دولة الاسلام و إن لم يخافوا سطوتها و سيوفها
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 272
و ذلك لأنّه شاع و ذاع أنّهم قوم صالحون إذا دعوا اللّه استجاب اللّه دعوتهم و ينصرهم بملائكته و يمدّهم بجنوده، هذا.
و لما قرّر نعمة اللّه و منته عليهم أردفه بالتوبيخ لهم على التقصير في أداء واجب حقّه، و أشار إلى ارتكابهم بعض مسببات كفران نعمته بقوله: (و قد ترون عهود اللّه منقوضة فلا تغضبون) أراد بذلك رؤيتهم من أهل الشّام و أمثالهم فعل المنكرات من مخالفة الأحكام الشّرعية و الأوامر الالهية و البغى و الخروج على الامام المفترض الطّاعة، و الاغارة على المسلمين و المعاهدين و عدم إنكارهم على ذلك و سكوتهم عليه مع تمكّنهم من إزالته و دفعه بالجهاد و الجدل.
و بالجملة فالمراد أنكم ترون عهود اللّه التي أخذها على العباد باتيان الواجبات و ترك المنهيّات منقوضة فلا تنكرونه و تسكتون عليه (و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون) و تستنكفون، و لا ريب أنّ السكوت عن انكار تلك المنكرات مع الاستنكاف عن نقض ذمم الآباء يدلّ على أنّ عهود اللّه سبحانه أهون و أضعف عندهم من عهود آبائهم، و هو في حدّ الكفر.
(و كانت امور اللّه عليكم ترد و عنكم تصدر و إليكم ترجع) قال العلّامة المجلسيّ (ره) أى أنتم المخاطبون بالأوامر و النواهى، أو كنتم قبل ذلك في أيام الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم موارد الامور و مصادرها مطيعين له منكرين للمنكرات، و كان المراد بالورود السّؤال و بالصدور الجواب و بالرّجوع التحاكم. و يمكن تعميم المراد بالورود و الصّدور، فالمراد بالرّجوع رجوع النفع و الضرر في الدّارين.
و قال الشّارح المعتزلي: كانت الأحكام الشّرعية إليكم ترد منّي و من تعليمي إيّاكم و تثقيفى «1» لكم، ثمّ يصدر عنكم إلى من تعلّمونه إيّاها من أتباعكم و تلامذتكم، ثمّ يرجع إليكم بأن يتعلّمها بنوكم و إخوتكم من هؤلاء الاتباع و التّلامذة.
______________________________
(1) التثقيف التفهيم من ثقفت الحديث فهمته لبرعة، منه
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 273
(ف) فررتم من الزّحف لما أغارت جيوش الشام عليكم و (مكّنتم الظلمة من منزلتكم) بتخاذلكم عن جهادكم (و ألقيتم إليهم أزمّتكم) كالدّابة التي زمامها بيد راكبها يوجّهها أين شاء و يتصرّف فيها كيف يشاء (و أسلمتم أمور اللّه في أيديهم) أى جعلتم امور اللّه و أحكامه الجارية في بلاده و عباده مسلّمة مفوّضة إليهم موكولة إلى آرائهم، و كلّ ذلك بالتقصير عن مجاهدتهم.
(يعملون في) التكاليف الشرعية و الأحكام الالهيّة با (الشبهات) الفاسدة و الآراء الكاسدة يزعمونها حججا باهرة و براهين ساطعة (و يسيرون في الشّهوات) النفسانية و ينهمكون فيها.
ثمّ أخبر بمآل حال بني اميّة المشار إليهم بالظلمة تحذيرا لهم و إنذارا بقوله: (و ايم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب) و بدّدوكم في البلاد كنايه (لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم) و ينتقم بسوء أعمالهم عنهم، و كنّى بشّر اليوم عن ظهور المسورة من أهل العراق و خراسان و انتقامهم من بني اميّة و أهل الشام، و يحتمل أن يكون إشارة إلى ظهور إمام الزّمان عليه السّلام و جمعهم في الرّجعة، و المراد جمع صنفهم و اللّه وليّ التّوفيق.
الترجمة:
بعض ديگر از اين خطبه شريفه در خطاب بأصحاب خود و توبيخ و ملامت ايشان بتقصير از جهاد أهل شام و أتباع معاويه بى ايمان است مى فرمايد:
و بتحقيق كه رسيديد شما از كرامت و نوازش حضرت عزّت مر شما را كه عبارتست از مشرف نمودن شما بشرف اسلام بمنزله و مقامى كه گرامي داشته مى شود بسبب آن منزلت كنيزهاى شما، و پيوند مى شود أشخاصي كه در أمان شما مى باشند از أهل ذمه و معاهدين، و تعظيم ميكند شما را كسى كه هيچ فضيلت و مزيتى نيست شما را بر او، و هيچ نعمتى نيست شما را در نزد او، و مى ترسد از شما كسى كه نمى ترسد از قهر و غلبه شما، و نيست مر شما را بر او أمارت و حكومت.
و بتحقيق مى بينيد شما عهدهاى خداوند شكسته شده پس غضب نمى كنيد و متغيّر نمى شويد و حال آنكه شما از براى شكستن عهدهاى پدران خود استنكاف داريد، و بود أمرهاى خدا بر شما وارد مى شد و از شما صادر مى گرديد و بشما راجع بود.
پس تمكين داديد ظالمين را از بنى اميه و بنى مروان و ساير أهل شام بمنزل خودتان، و بيفكنديد بسوى ايشان جلو خودتان، و مطيع و منقاد شديد بايشان و سپرديد كارهاى خدا را در دست ايشان عمل ميكنند آنها بشبههاى باطله، و سير ميكنند در شهوات و خواهشات نفسانيه، و بخدا سوگند اگر پراكنده كنند ايشان شما را در زير هر أخترى هر آينه جمع كند شما را خدا براى بدترين روزى كه از براى ايشانست، كه عبارتست از روز ظهور امام زمان عليه السّلام.