منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 74
الفصل الثاني منها:
افترقوا بعد ألفتهم، و تشتّتوا عن أصلهم، فمنهم آخذ بغصن أينما مال مال معه، على أنّ اللّه تعالى سيجمعهم لشرّ يوم لبني أميّة كما تجتمع قزع الخريف، يؤلّف اللّه بينهم ثمّ يجعلهم ركاما كركام السّحاب، ثمّ يفتح اللّه لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين حيث لم تسلم عليه قارة، و لم تثبت له أكمة، و لم يردّ سننه رصّ طود و لا حداب أرض، يذعذعهم اللّه في بطون أوديته ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، و يمكّن لقوم في ديار قوم. و أيم اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ و التّمكين، كما تذوب الألية على النّار.
اللغة:
و (القزع) القطع من السحاب المتفرّقة و الواحدة قزعة مثل قصب و قصبة و (الركام) بالضمّ ما تراكم من السحاب و كثف منها و بالفتح جمع شيء فوق آخر و الموجود في النسخ بالضمّ و (المستثار) موضع الثوران و الهيجان و (القارة) بالقاف الجبل الصّغير و (الحداب) بالكسر جمع حدبة و هى كالحدب محرّكة ما ارتفع من الأرض قال سبحانه: وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ و (الألية) بفتح الهمزة و جمعها أليات بالتحريك و التثنية أليان بغير تاء.
المعنى:
و الفصل الثاني منها:
اشارة إلى اختلاف شيعته و أصحابه من بعده و هو قوله (افترقوا بعد الفتهم) أى بعد ايتلافهم و اجتماعهم عليّ (و تشتّتوا عن أصلهم) أى تفرّقوا عن امام الحقّ الذي يحقّ الائتمام به، فصار بعضهم كيسانيّا و بعضهم زيديا و بعضهم فطحيّا و غيرها (فمنهم آخذ بغصن أينما مال مال معه).
قال الشّارح المعتزلي أى يكون منهم من يتمسّك بمن أخلفه من بعدي من ذرّية الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أينما سلكوا سلكوا معهم و تقدير الكلام: و منهم من لا يكون هذه حاله لكنّه لم يذكره اكتفاء بذكر القسم الأوّل لأنّه دالّ على القسم الثّاني.
ثمّ أخبر عليه السّلام أنّ الفريقين يجتمعان فقال (على أنّ اللّه) سبحانه (سيجمعهم لشرّ يوم لبني اميّة).
قال الشارح المعتزلي و كذا كان حال الشيعة الهاشميّة اجتمعت على إزالة
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 78
ملك بني مروان من كان منهم ثابتا على ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و من حاد منهم عن ذلك، و ذلك في أواخر أيّام مروان الحمار عند ظهور الدّعوة الهاشميّة.
أقول: قد تقدّم في شرح الخطبة السابعة و الثمانين، أنّ ما أخبر عليه السّلام به قد وقع في سنة اثنين و ثلاثين و مأئة عند ظهور أبي مسلم المروزي الخراساني صاحب الدّعوة، و في هذه السنة ظهر السفّاح بالكوفة، و بويع له بالخلافة و كان استيصال بني امية بيده كما عرفت تفصيلا في شرح الخطبة المأة و الرابعة.
و يعجبني أن اورد هنا نادرة لم يسبق ذكرها أوردها الدّميرى في حياة الحيوان قال لما قتل إبراهيم بن الوليد بويع لمروان بن محمّد المنبوز بالحمار بالخلافة و في أيّامه ظهر أبو مسلم الخراساني، و ظهر السفّاح بالكوفة، و بويع له بالخلافة و جهّز عمّه عبد اللّه بن عليّ بن عبد اللّه بن عباس لقتال مروان بن محمّد، فالتقى الجمعان بالزاب زاب الموصل، و اقتتلوا قتالا شديدا فانهزم مروان و قتل من عسكره و غرق ما لا يحصى و تبعه عبد اللّه إلى أن وصل إلى نهر الأرون فلقي جماعة من بني امية و كانوا نيّفا و ثمانين رجلا فقتلهم عن آخرهم.
ثمّ جهّز السفاح عمّه صالح بن عليّ على طريق السماوة فلحق بأخيه عبد اللّه و قد نازل دمشق ففتحها عنوة و أباحها ثلاثة أيّام و نقض عبد اللّه ثورها حجرا حجرا و هرب مروان إلى مصر فتبعه صالح حتى وصل الى أبي صير و هي قرية عند الفيوم، قال ما اسم هذه القرية قالوا أبو صير قال فالى اللّه المصير.
ثمّ دخل الكنيسة الّتي بها فبلغه أنّ خادما نمّ عليه فأمر به فقطع رأسه و سلّ لسانه و القى على الأرض فجاءت هرّة فأكلته ثمّ بعد أيام هجم على الكنيسة التي كان نازلا بها عامر بن إسماعيل فخرج مروان من باب الكنيسة و في يده سيف و قد أحاطت به الجنود و خفقت حوله الطبول فتمثّل ببيت الحجّاج بن حكيم السلمي و هو:
متقلّدين صفايحا هندية يتركن من ضربوا كأن لم يولد
ثمّ قاتل حتى قتل فأمر عامر برأسه فقطع في ذلك المكان و سلّ لسانه و القى على الأرض فجاءت تلك الهرّة بعينها فخطفته فأكلته فقال عامر لو لم يكن في الدّنيا
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 79
عجب إلّا هذا لكان كافيا لسان مروان في فم هرّة؟ و قال في ذلك شاعرهم:
قد يسّر اللّه مصرا عنوة لكم و أهلك الكافر الجبار إذ ظلما
فلاك مقوله هرّ يجرجره و كان ربّك من ذى الظلم منتقما
قال الدّميري و كان قتل مروان في سنة ثلاث و ثلاثين و مأئة و هو آخر خلفاء بني امية و أوّلهم معاوية بن أبي سفيان و كانت مدّة خلافتهم نيّفا و ثمانين سنة و هى ألف شهر و بقتل مروان انقرضت دولة بني أمية لعنهم اللّه قاطبة.
(كما تجتمع قزع الخريف) من ههنا و هناك كنايه (يؤلّف اللّه بينهم) و هو كناية عن اتفاق آرائهم و كلمتهم على ازالة ملك بني امية (ثمّ يجعلهم ركاما كركام السحاب) أى يجعلهم متراكمين مشتركين مجتمعين منضما بعضهم إلى بعض كالمتراكم من السحاب (ثمّ يفتح اللّه لهم أبوابا).
قال الشارح البحراني الأبواب إشارة إمّا إلى وجوه الاراء الّتي تكون أسباب الغلبة و الانبعاث على الاجتماع أو أعمّ منها كساير الأسباب للغلبة من إعانة بعضهم لبعض بالأنفس و الأموال و غير ذلك استعارة تبعيّة (يسيلون من مستثارهم) استعارة تبعيّة أى يخرجون من موضع ثورانهم و هيجانهم (كسيل الجنّتين) اللّتين أخبر اللّه بهما في كتابه العزيز و ستعرف قصّتها تفصيلا و وجه الشّبه الشدّة في الخروج و إفساد ما يأتون إليه كقوّة ذلك السيل (حيث لو تسلم عليه قارة و لم تثبت عليه اكمة) أى لم يقاوم له جبل و لا تلّ (و لم يردّ سننه) أى طريقه (رصّ طود) أى جبل مرصوص شديد الالتصاق (و لا حداب أرض) أى الرّوابي و النجا (و يذعذعهم اللّه في بطون أوديته ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض).
قال سبحانه «أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ» و المراد أنّ اللّه سبحانه كما ينزل من السّماء ماء فيكنّه في أعماق الأرض ثمّ يظهر منها ينابيع إلى ظاهرها كذلك هؤلاء القوم يفرّقهم اللّه في بطون الأودية و غوامض الأرض ثمّ يظهرهم بعد الاختفاء أو كناية عن إخفائهم بين النّاس في البلاد ثمّ اظهارهم بالاعانة و التأييد ف (يأخذ بهم من قوم) ظالمين (حقوق قوم) مظلومين
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 80
و المراد بهم آل الرّسول صلّى اللّه عليه و آله (و يمكّن لقوم) من بني هاشم (في ديار قوم) من بني اميّة.
ثمّ أقسم بالقسم البارّ فقال تشبيه (و أيم اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم) أى أيدي بني اميّة أو بني العباس من الملك و السلطنة (كما يذوب الألية على النّار) وجه الشبه الاضمحلال و الفناء.
الترجمة:
و از جمله فقرات اين خطبه است مى فرمايد:
متفرّق ميشوند بعد از ايتلاف ايشان و پراكنده مى شوند از أصل خودشان، يعنى از امام مفترض الطاعة، پس بعضى از ايشان أخذ كننده باشد شاخه را از آن أصل كه هر جا ميل كند آن شاخه آن هم ميل مى كند با او با وجود اين كه بدرستى خداى تبارك و تعالى زود باشد كه جمع كند ايشان را از براى بدترين روزى از براى بني اميه ملعونين چنانچه مجتمع مى شود ابرهاى متفرقه در فصل پائيز. الفت مى دهد خداى تعالى در ميان ايشان پس مى گرداند متراكم و بر هم نشسته مثل أبرهاى متراكم پس از آن بگشايد خداوند عزّ و جلّ از براى ايشان درهائى كه روان شوند از جاى هيجان ايشان مانند سيل دوبستان شهر سبا، بحيثيّتي كه سلامت نماند بر آن سيل كوه كوچكى و ثابت نشود مر آن را تلّي و باز نگرداند راه آن را كوه محكمي و نه پشتهاى زميني، متفرّق مى سازد ايشان را خداى تعالى در درونهاى واديهاى خود، پس در برد ايشان را در چشمهاى زمين و بگيرد بايشان از قومى حقهاى قوم ديگر را و جاى دهد قومى را در ممالك قومى، و سوگند بخدا هر آينه البته گداخته مى شود آنچه كه در دست بنى اميه است از ملك و سلطنت چنانچه گداخته شود دنبه بر آتش.