منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 279
قد انجابت السّرائر، لأهل البصائر، و وضحت محجّة الحقّ لخابطها، و أسفرت السّاعة عن وجهها، و ظهرت العلامة لمتوسّمها، ما لي أراكم أشباحا بلا أرواح، و أرواحا بلا أشباح و نسّاكا بلا صلاح، و تجّارا بلا أرباح، و أيقاظا نوّما، و شهودا غيّبا، و ناظرة عميا، و سامعة صمّا، و ناطقة بكما. (21155- 20988)
اللغة:
و (انجابت) السّحابة انكشفت و (المحجّة) بالفتح جادّة الطريق و (الخابط) السّائر على غير هدى و (سفر) الصبح و أسفر أضاء، و أسفرت المرأة عن وجهها كشفت النقاب عنه و (الشبح) محركة سواد الانسان و غيره تراه من بعيد و (النوّم) و (الغيب) وزان ركّع و سجّد جمع نائم و غايب و (العمى) و (الصمّ) و (البكم) كلّها بالضمّ.
قال الطّبرسيّ في تفسير قوله سبحانه: «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ» .
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 280
الأصمّ الذي ولد كذلك و كذلك الأبكم و هو الذي ولد أخرس، و أصل الصمّ السّد فالصمم سدّ الأذن بما لا يقع منه سمع، و أصل البكم الاعتقال في اللّسان، و هو آفة يمنع من الكلام، و أصل العمى ذهاب الادراك بالعين، و العمى في القلب مثل العمى في العين آفة تمنع من الفهم و يقال: ما أعماه من عمى القلب و لا يقال ذلك في العين و إنما يقال ما أشدّ عماه و ما يجرى مجراه.
الاعراب:
و قوله: مالى أريكم أشباحا، استفهام توبيخى، و لا، في قوله بلا أرواح و بلا أشباح، زايدة كما في قولهم جئت بلا زاد و غضبت من لا شيء و معنى الزيادة أنها وقعت بين شيئين متطالبين لا أنها لو اسقطت لم يخلّ المعنى.
المعنى:
ثمّ قال عليه السّلام (قد انجابت السّرائر لأهل البصاير) أى انكشفت، قال العلّامة المجلسيّ (ره): و المراد بالسرائر ما أضمره المعاندون للحقّ في قلوبهم من اطفاء نور اللّه و هدم أركان الشريعة، و قال الشارح البحرانيّ: اشارة إلى انكشاف ما يكون بعده لنفسه القدسيّة و لأهل البصائر من استيلاء بني امية و عموم ظلمهم أو انكشاف أسرار الشريعة لأهلها.
(و وضحت محجّة الحقّ لخابطها) أى لمن سار فيها على غير هدى، و لعلّ
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 293
المراد به الاشارة إلى عدم العذر للخابطين في خبطهم و جهالاتهم مع وضوح معالم الدّين و التنبيه على أنّ ضلالهم ليس لخفاء الحقّ، بل للاصرار على الشّقاق و النفاق.
استعاره تخييلية- استعاره مرشحة (و أسفرت الساعة عن وجهها) و هذه الفقرة و ما يتلوها واردة في مقام التحذير و الانذار بقرب القيامة و شبهها بانسان مقبل و أثبت لها الوجه الذي هو من خواصّ المشبّه به على سبيل الاستعارة التخييلية، فانّ أول ما يبدو من الشخص المقبل وجهه و ذكر الاسفار ترشيح.
(و ظهرت العلامة لمتوسّمها) أى لمتفرّسها قال المجلسيّ (ره): و المراد باسفار الساعة و ظهور العلامة قرب القيامة بعدم بقاء نبيّ ينتظر بعثته و ظهور الفتن و الوقايع التي هي من أشراطها.
تشبيه- كنايه (ما لى أراكم أشباحا بلا أرواح و أرواحا بلا أشباح) هذا الكلام يفسّر بوجوه أحدها أنّ المراد بالفقرة الأولى تشبيههم بالجمادات و الأموات في عدم انتفاعهم بالعقل و عدم تأثير المواعظ فيهم كما قال تعالى: «كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ»، و بالفقرة الثانية التنبيه على خفتهم و طيشهم.
الثّاني أنّ المراد الاشارة إلى قصورهم عما يراد بهم من القيام بأمر الجهاد و التنبيه على أنّ بعضهم بمنزلة الميّت و الجماد و كجسد بلا روح و بعضهم له عقل و فهم و لكن لا قوّة له على الحرب كروح بلا جسد، فانّ الروح غير ذات الجسد ناقصة عن الاعتماد و التّحريك اللّذين كانا من فعلها، حيث كانت تدبّر الجسد فالمقصود أنّ الجميع عاطلون عمّا يراد منهم.
الثالث أنّه كناية عن عدم نهوض بعضهم إلى الحرب دون بعض إذا دعوا إليه كما يقوم البدن بدون الرّوح و الرّوح بدون البدن.
الرّابع أنّ المراد أنّهم إذا خافوا ذهلت عقولهم و طارت ألبابهم و كانوا كأجسام بلا أرواح، و إذا آمنوا تركوا الاهتمام بامورهم كأنهم أرواح لا تعلّق لها بالأجسام.
(و نسّا كابلا صلاح) أى عبّادا ليست عبادتهم على وجه الخلوص و بالوجه المأمور به مقرونة بالشرايط المعتبرة، فانّ منها معرفة الامام و طاعته.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 294
(و تجارا بلا أرباح) لعدم ترتّب الثواب أو المنفعة على أعمالهم (و أيقاظا نوّما) أى أيقاظا بأجسامهم و نوّما بنفوسهم في مراقد الطبيعة و مماهد الغفلة (و شهودا غيّبا) أى شاهدين بأبدانهم غائبين بعقولهم عن التّفطن للمطالب الحقة و التلقّى لأنوار الهداية استعاره (و ناظرة عميا) أى ناظرة الأبصار عميا بالبصاير (و سامعة صمّا) أى سامعة بالآذان صمّا بالقلوب (و ناطقة بكما) أى ناطقة بالألسن الظاهر بكما بالمشاعر الباطنة.
و استعارة لفظ العمى و الصمّ و البكم لهم مع توصيفهم بأضدادها باعتبار تقصيرهم و قصورهم عن النظر في آيات اللّه و السّماع لنداء اللّه و القول بكلام اللّه فهؤلاء حيث لم ينتفعوا بالأبصار و الألسن و الآذان صاروا بمنزله: صمّ بكم عمى فهم لا يعقلون.
الترجمة:
بتحقيق كه منكشف ظاهر شد سرها بجهة أهل بصيرت ها، و واضح و روشن گرديد جادّه حق از براى خبط كننده گمراه، و كشف نقاب نمود قيامت از روى خود، و ظاهر گشت علامت قيامت از براى دريابنده آن بفراست.
چيست مرا كه مى بينم شما را قالبهاى بى روح، و روحهاى بى غالب، و عبادت كنندگان بيصلاحيت، و تجارت كنندگان بى منفعت، و بيداران خواب رفته، و حاضران غايب شونده، و بينايان كور، و شنوندگان كر، و گويندگان لال، يعني شما بحسب مشاعر ظاهره بيدار و حاضر و بصير و سميع و ناطق مى باشيد، و بملاحظه مشاعر باطنه در خواب و غايب و كور و كر و لال هستيد.