منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 104
و من كلام له عليه السّلام و هو المأة و الثامن عشر من المختار في باب الخطب و قد جمع النّاس و حضّهم على الجهاد فسكتوا مليّا:
فقال عليه السّلام: ما بالكم أ مخرسون أنتم؟ فقال قوم منهم: يا أمير المؤمنين إن سرت سرنا معك. فقال عليه السّلام: ما بالكم لا سدّدتم لرشد، و لا هديتم لقصد، أ في مثل هذا ينبغي لي أن أخرج، إنّما يخرج في مثل هذا رجل ممّن أرضاه من شجعائكم و ذوي بأسكم، و لا ينبغي لي أن أدع الجند و المصر و بيت المال و جباية الأرض و القضاء بين المسلمين و النّظر في حقوق المطالبين، ثمّ أخرج في كتيبة اتّبع أخرى، أتقلقل تقلقل القدح في الجفير الفارغ، و إنّما أنا قطب الرّحى تدور عليّ و أنا بمكاني، فإذا فارقته استحار مدارها، و اضطرب ثفالها، هذا لعمر اللَّه الرّأي السّوء، و اللَّه لو لا رجائي الشّهادة عند لقائي العدوّ لو قد حمّ لي لقائه لقرّبت ركابي، ثمّ شخصت عنكم، و لا أطلبكم ما اختلف جنوب و شمال، طعّانين، عيّابين، حيّادين، روّاغين، و إنّه لا غناء في كثرة عددكم مع قلّة اجتماع قلوبكم، لقد حملتكم على الطّريق الواضح الّتي لا يهلك عليها إلّا هالك، من استقام فإلي الجنّة، و من زلّ فإلى النّار. (24636- 24468)
اللغة:
(المليّ) الهواء من الدّهر و الساعة الطويلة من النّهار قال تعالى: و اهجرني مليّا، و (مخرسون) اسم مفعول من أخرسه اللَّه و (سدّدتم) بالتخفيف و التشديد و (الشجعاء) جمع شجيع و في بعض النسخ شجعانكم بالنّون و هو بالضّمّ و الكسر جمع شجاع و (الكتيبة) القطعة العظيمة من الجيش و (القدح) بالكسر السّهم قبل أن يراش و ينضل و (الجفير) الكنانة و قيل و عاء للسّهام أوسع من الكنانة و (استحار مدارها) قال الشّارح المعتزلي: اضطرب و لم نجده بهذا المعنى في اللغة و الظّاهر من استحار إذا لم يهتد بسبيله يقال استحار السّحاب أى لم يتجه جهة، و عن الجوهري المستحير سحاب ثقيل متردّد ليس له ريح تسوقه و (الثفال) كالكتاب و الغراب الحجر الأسفل من الرّحى و (الرّكاب) كالكتاب أيضا الابل التي يسار عليها.
الاعراب:
مليّا منصوب على الظرف، و قوله: و اللَّه لو لا رجائى الشهادة جواب القسم، قوله: لقرّبت ركابي، و هو سادمسدّ جواب لو لا، و جملة لو قدحمّ لي لقائه، شرطيّة معترضة بين القسم و جوابه كما في قوله:
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 105
لعمرى و ما عمرى عليّ بهين لقد نطقت بطلا «1» علىّ الأقارع
و جواب لو محذوف بدلالة سياق الكلام عليه أى لو قدحمّ لى لقائه لقيته و دخول قد في شرط لو نادر، و مثله ما رواه في حواشي المغني من صحيح البخاري قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم: لو قد جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا هكذا، و اختلف في المرفوع بعد لو لا و أنّ رفعه لما ذا، قال ابن هشام لو لا تدخل على جملة اسميّة ففعليّة لربط امتناع الثانية بوجود الاولى، نحو لو لا زيد لأكرمتك، أى لو لا زيد موجود إلى أن قال، و ليس المرفوع بعد لو لا فاعلا بفعل محذوف، و لا بلولا لنيابتها عنه، و لا بها أصالة، خلافا لزاعمي ذلك، بل رفعه بالابتداء، و طعانين مع المنصوبات الثلاثة بعدها حالات من ضمير الخطاب في قوله أطلبكم، و جملة لقد حملتكم جواب لقسم محذوف، و الطريق يذكّر و يؤنث و لذا اتى بصفة أوّلا بالتذكير و ثانيا بالتّأنيث جريا على اللّغتين.
المعنى:
إنّ هذا الكلام قاله أمير المؤمنين عليه السّلام بعد انقضاء أمر صفّين و النهروان في بعض غارات أهل الشام على أطراف العراق، (و قد جمع النّاس و حضّهم) أى حثّهم (على الجهاد فسكتوا مليّا) أى ساعة طويلة (فقال عليه السّلام) توبيخا لهم على تثاقلهم (ما بالكم أ مخرسون أنتم) فلا تنطقون (فقال قوم منهم يا أمير المؤمنين عليه السّلام ان سرت) إلى العدوّ (سرنا معك فقال عليه السّلام: ما بالكم لا سددتم لرشد و لا هديتم لقصد) دعاء عليهم بعدم الاستقامة و السّداد لما فيه الصّلاح و الرّشاد و عدم الاهتداء للقصد أى الأمر المعتدل الذي لا يميل إلى أحد طرفي الافراط و التفريط.
استفهام توبيخى- استفهام انكارى (أ في مثل هذا ينبغي لي أن أخرج) استفهام على سبيل التوبيخ و الانكار، و الاتيان باسم الاشارة للتحقير كما في قوله تعالى: «أَ هذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ »
______________________________
(1) بطلا صفة لمحذوف أى نطقا بطلا أى باطلا و الاقارع جمع اقرع و هو الذي ذهب شعر رأسه من آفة، منه.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 106
(انما يخرج في مثل هذا رجل ممّن ارضاه من شجعانكم و ذوى بأسكم) و شجاعتكم.
ثمّ أشار عليه السّلام إلى وجوه الفساد في خروجه بنفسه بقوله (و لا ينبغي لى أن أدع الجند و المصر و بيت المال و جباية الأرض) أى جمع ما فيها و خراجها (و القضاء بين المسلمين) و فصل خصوماتهم (و النظر في حقوق المطالبين) و دفع ظلاماتهم و غير ذلك مما فيه نظام الدولة و انتظام المملكة و مهام العباد و قوام البلاد (ثم اخرج في كتيبة أتبع) في كتيبة (أخرى أتقلقل) أى أضطرب تشبيه (تقلقل القدح في الجفير الفارغ) من السهام، و الغرض التّشبيه في اضطراب الحال و الانفصال عن الجنود و الاعوان بالقدح الذي لا يكون حوله قداح تمنعه من التّقلقل و لا يستقرّ مكانه.
و قال الشارح البحراني: شبّه خروجه معهم بالقدح في الجفير، و وجه الشّبه أنّه كان قد نفد الجيش و أراد أن يجهّز من بقي من النّاس في كتيبة اخرى فشبّه نفسه في خروجه في تلك الكتيبة وحده مع تقدم أكابر جماعة و شجعانها بالقدح في الجفير الفارغ في كونه يتقلقل، و في العرف يقال للشريف إذا مشى في حاجة ينوب فيها من هو دونه و ترك المهام التي لا تقوم إلّا به ترك المهمّ الفلاني و مشى يتقلقل على كذا، و الأشبه ما ذكرنا تشبيه مجمل (و إنما أنا قطب الرّحى تدور علىّ و أنا بمكاني) شبّه عليه السّلام نفسه بالقطب و امور الامارة و الخلافة المنوطة عليه بالرحى و وجه الشّبه دوران تلك الامور عليه دوران الرّحى على القطب كما أشار إليه بقوله: تدور علىّ، و هو من قبيل التشبيه المجمل المقرون بذكر وصف المشبّه به كما في قولها: هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها.
كنايه و قوله (فاذا فارقته استحار مدارها و اضطرب ثفالها) إشارة إلى الغرض من التشبيه و هو فساد الامور المذكورة و اضطرابها بمفارقته عليه السّلام لها و انتقاله عليه السّلام عن مكانه، و كذلك يبطل الغرض المقصود من الرّحا بارتفاع قطبها و انتفائه، و معنى استحار مدارها على تفسير الشّارح المعتزلي اضطراب دورانها و خروجه عن الحركة
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 107
المستديرة إلى المستقيمة، و على ما قدّمنا من عدم مجي ء الاستحارة بمعنى الاضطراب فالأنسب أن يكون كناية عن الوقوف عن الحركة و يكون اضطراب ثفالها كناية عن عدم تأتى الغرض المطلوب منه.
و لما نبّه على فساد ر أيهم أكّد ذلك بالقسم البارّ و قال (هذا لعمر اللَّه الرأى السّوء) ثمّ أقسم باستكراهه لهم و استنكافه منهم و نفرة طبعه عن البقاء معهم إلّا أنّ له مانعا عن ذلك و هو قوله (و اللَّه لو لا رجائي) لقاء اللَّه ب (الشهادة عند لقائى العدوّ لو قدحمّ) و قدّر (لي لقائه لقرّبت ركابي ثمّ شخصت عنكم) و فارقتكم غير متأسّف عليكم (فلا أطلبكم) سجيس اللّيالي (ما اختلف جنوب و شمال) تبرّما من سوء صنيعتكم و قبح فعالكم و مخالفتكم لأوامرى حالكونكم (طعّانين) على النّاس (عيّابين) عليهم (حيّادين) ميّالين عن الحقّ (روّاغين) عن الحرب روغ الثّعلب (و انّه لاغناء) و لا نفع (في كثرة عددكم مع قلّة اجتماع قلوبكم) و نفاقكم (لقد حملتكم على الطريق الواضح التي لا يهلك عليها) أى كائنا عليها أو بسببها (إلّا هالك من استقام) و اعتدل و لزم سلوكها (ف) مرجعه (إلى الجنّة) بنفس مطئنّة (و من زلّ) و عدل عنها (ف) مصيره (إلى النّار) و بئس القرار.
الترجمة:
از جمله كلام بلاغت اسلوب آن امام است در حالتى كه جمع كرده بود مردمان را و ترغيب مى فرمود ايشان را بر جهاد، پس ساكت شدند زمان درازى، پس فرمود كه چيست شما را آيا گنك ساخته اند شما را پس گفتند طايفه از ايشان أى مولاى مؤمنان اگر سير بفرمائيد سير مى كنيم با تو، پس فرمود كه:
چه مى شود شما را موفّق نباشيد بر راه قويم و هدايت نيابيد بر طريق مستقيم آيا در مثل اين كار مختصر سزاوار است مرا كه بيرون بروم بكار زار، جز اين نيست كه خارج ميشوند درمانند اين امر مردى از كسانى كه پسند من بوده باشد از دليران شما، و صاحبان قوت و شجاعت شما، و سزاوار نيست مرا كه ترك كنم لشكر را و شهر را و بيت المال و خراج گرفتن زمين را، و حكم نمودن در ميان مسلمانان و نظر كردن در حقهاى طلب كنندگان حقوق را، بعد از آن خارج شوم در طايفه از لشكر كه متابعت نمايم طايفه ديگر را، جنبش نمايم مثل جنبش نمودن تير بى پر در تيردان خالى از تير، و جز اين نيست كه من مثل قطب آسيا هستم كه مى گردد آن آسيا بر من و من در جاى باشم، پس هنگامى كه من جدا شوم از آن متحيّر و سرگردان شود دوران آن، و مضطرب گردد سنگ زيرين آن.
اين كه شما مى گوئيد قسم بخدا بد رأيى است و انديشه كج است، و بخدا سوگند اگر نبود اميدوارى من بشهادت در حين ملاقات دشمن اگر مقدر بشود از براى من ملاقات آن هر آينه نزديك مى گردانيدم شتر سوارى خود را بعد از آن رحلت مى كردم از شما پس طلب نمى كردم شما را أبدا مادامى كه اختلاف دارند باد جنوب و شمال در حالتى كه هستيد طعن نمايندگان مردمان، عيب جويندگان، برگردندگان از راه حق، ترسندگان، و بدرستى هيچ منفعتى نيست در كثرت عدد و شماره شما با وجود كمى اجتماع قلبهاى شما، هر آينه بتحقيق كه حمل نمودم شما را بر راه روشن و آشكار كه هلاك نمى شود بر آن مگر هلاك شونده گمراه، كسى كه مستقيم شد بر آن راه پس رجوع آن بسوى بهشت است، و كسى كه لغزيد از آن راه پس بازگشت آن بسوى آتش است.