منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 364
المختار الثاني و الستون و من كتاب له عليه السلام الى أبى موسى الاشعرى، و هو عامله على الكوفة و قد بلغه عنه تثبيطه الناس على الخروج اليه لما ندبهم لحرب أصحاب الجمل:
من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين إلى عبد اللّه بن قيس: أمّا بعد، فقد بلغني عنك قول هو لك و عليك، فإذا قدم رسولي عليك فارفع ذيلك، و اشدد مئزرك، و اخرج من جحرك و اندب من معك، فإن حقّقت فانفذ، و إن تفشّلت فابعد و ايم اللّه لتؤتينّ من حيث أنت، و لا تترك حتى يخلط زبدك بخاثرك، و ذائبك بجامدك، و حتّى تعجل في قعدتك، و تحذر من أمامك كحذرك من خلفك، و ما هى بالهوينا الّتي ترجو، و لكنّها الدّاهية الكبرى يركب جملها، و يذلّ صعبها، و يسهّل جبلها، فاعقل عقلك، و املك أمرك، و خذ نصيبك و حظّك، فإن كرهت فتنحّ إلى غير رحب و لا في نجاة، فبالحريّ لتكفينّ و أنت نائم حتّى لا يقال: أين فلان؟ و اللّه إنّه لحقّ مع محقّ، و ما أبالي ما صنع الملحدون، و السّلام. (71207- 71072)
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 365
اللغة:
(فثبّطهم): حبسهم بالجبن يقال: ثبّطه عن الأمر أى أثقله و أقعده، (الجحر) بالضمّ: ثقب الحيّة و نحوها من الحشار، (الزبد) بالضمّ: ما يستخرج بالمخض من اللبن، (خثر) اللبن خثورة من باب قتل بمعنى ثخن و اشتدّ و رجل خاثر النفس أي ثقيل كسلان.
الاعراب:
و هو عامله على الكوفة: جملة حاليّة و يحتمل الاستيناف و كذا ما بعده و يحتمل فيه العطف أيضا، هو لك: جملة اسميّة صفة لقوله قول، و عليك: ظرف مستقرّ معطوف على لك و يمكن أن يكون عطفا على هو بتقديره بعده أى و هو عليك فتكون حاليّة و المعنى أنّه قولك حالكونه يكون على ضررك، أيم اللّه: قسم و هو مبتدأ لخبر محذوف و هو قسمى و ما بعده جواب القسم.
المعنى:
قال الشارح المعتزلي «ص 246 ج 17 ط مصر»: المراد بقوله (هو لك و عليك) أنّ أبا موسى كان يقول لأهل الكوفة: إنّ عليّا إمام هدى، و بيعته صحيحة إلّا أنّه لا يجوز القتال معه لأهل القبلة، هذا القول بعضه حقّ و بعضه باطل.
أقول: الظاهر من كلامه أنّ البعض الحقّ منه تصديقه بامامته و صحّة بيعته و البعض الباطل عدم تجويزه القتال معه لما قال عنه ابن ميثم «و يقول:
إنّها فتنة فلا يجوز القيام فيها و يروى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخبارا يتضمّن وجوب القعود عن الفتنة و الاعتزال فيها»- إلى أن قال: و هو عليه من وجوه:
1- كان معلوما من همّه أنّه لم يقصد بذلك إلّا قعود الناس عنه، و فهم منه ذلك، و هو خذلان للدين في الحقيقة و هو عائد عليه بمضرّة العقوبة منه عليه السّلام و من اللّه تعالى في الاخرة.
أقول: و يؤيّد ذلك ما قيل في حال أبي موسى من أنّه من المعتقدين بعبد
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 366
اللّه بن عمر و من الّذين يميلون إلى انتخابه بالخلافة لظاهرة تقواه الجامد العاري عن تحقيق الحقّ كأكثر المتزهّدين و قد اعتزل عن عليّ عليه السّلام و لم يبايعه و تبعه جمع من كبار الصحابة كاسامة بن زيد و عمرو بن عاص و سعد بن أبي وقّاص، و كان اعتزالهم عنه عليه السّلام فتّ في عضد ولايته و نصر لعدوّه و هو معاوية و قد لحقوا به بعد ذلك، و أظهر أبو موسى جوهره في قضيّة الحكمين فيما بعد، و قال ابن ميثم:
2- أنّه لمّا كان على الحقّ في حربه كان تثبيط أبي موسى عنه جهلا بحاله و ما يجب من نصرته و القول بالجهل عائد على القائل بالمضرّة.
3- أنّه في ذلك القول مناقض لغرضه لأنّه نهى عن الدخول مع الناس و مشاركتهم في زمن الفتنة و روى خبرا يقتضي أنّه يجب القعود عنهم حينئذ مع أنّه كان أميرا يتهافت على الولاية و ذلك متناقض، فكان عليه لا له.
أقول: و الأوضح أن يقال أنّ تصدّيه للولاية في هذه الحالة دخول في الفتنة لأنّها سياسة للناس فلو اعتقد بما نقل لزم عليه الاستعفاء و العزلة عن العمل فورا مضافا إلى أنّ اعترافه بامامته و صحّة بيعته يقتضي وجوب طاعته عليه فلا معنى للخلاف معه بأيّ استناد مع أنّه اعتمد على النهي من القتال معه عليه بأنّ المخالفين من أهل القبلة و القتال مع أهل القبلة لقمع الفتنة مشروع في القرآن كما قال اللّه تعالى «وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيء إِلى أَمْرِ اللَّهِ» (9- الحجرات) و أىّ بغي أعظم من نكث طلحة و الزبير بيعتهما و جمعهما الجموع على خلاف عليّ عليه السّلام؟! و قد شدّد عليه الأمر بالخروج من الكوفة و من معه و اللحاق به بقوله: (فارفع ذيلك و اشدد مئزرك و اخرج من جحرك، و اندب من معك).
ثمّ نبّه عليه السّلام إلى ما في قلبه من الشكّ و النفاق بقوله: (فان تحقّقت فانفذ و إن تفشّلت فابعد).
ثمّ نبّهه عليه السّلام إلى ما يؤول إليه خلافه معه من سوء العاقبة بقوله: (و أيم اللّه لتؤتينّ من حيث أنت- إلخ).
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 367
قال الشارح المعتزلي: معناه إن أقمت على الشكّ و الاسترابة و تثبيط أهل الكوفة عن الخروج إليّ و قولك لهم، لا يحلّ لكم سلّ السيف لا مع عليّ و لا مع طلحة، و ألزموا بيوتكم و اكسروا سيوفكم، لتأتينّكم و أنتم في منازلكم أهل بالكوفة أهل البصرة مع طلحة و نأتينّكم نحن بأهل المدينة و الحجاز فيجتمع عليكم سيفان من أمامكم و من خلفكم فتكون ذلك الداهية الكبرى- إلخ-.
و قال في شرح قوله عليه السّلام (و لا تترك حتّى يخلط زبدك بخاثرك): تقول للرجل إذا ضربته حتّى أثخنته: لقد ضربته حتّى خلطت زبده بخاثره، و كذلك حتّى خلطت ذائبه بجامده، و الخاثر اللبن الغليظ، و الزبد خلاصة اللبن و صفوته فاذا أثخنت الانسان ضربا كنت كأنّك خلطت ما دقّ و لطف من أخلاطه بما كثف و غلظ منها، و هذا مثل و معناه لتفسدنّ حالك و لتخلطنّ، و ليضطربنّ ما هو الان منتظم من أمرك- إلخ.
أقول: و حيث أنّ الخطاب له شخصا يمكن أن يكون مراده عليه السّلام الإخبار عن حاله فيما يأتي عليه من انتخابه حكما في صفيّن و المقصود أنّه حيث يصدّق ظاهرا إمامته و يمنع أهل الكوفة من نصرته بحجّة الدفاع عن مصلحتهم سيأتي عليه الابتلاء بالحكومة في صفّين فيظهر سوء عقيدته بالنسبة إليه عليه السّلام و خيانته بأهل الكوفة في إظهار عزل الامام و تسليمهم إلى معاوية فيعجل في الفرار من كوفة و يحذر من دنياه و آخرته لما ارتكبه بخدعة عمرو بن عاص معه.
و قد يظهر من بعض التواريخ أنّ هذا الكتاب ثالث الكتب الّذي كتبها عليه السّلام إلى أبي موسى الأشعري و أصرّ و أبلغ في الاستعانة منه لدفع العدوّ الثائر، و لكن أبو موسى الأشعري أصرّ على الإنكار و المكابرة حتّى عزله عليه السّلام عن ولاية الكوفة و أجرى عزله بيد مالك الأشتر.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 368
الترجمة:
اين نامه ايست كه بأبو موسى أشعري نگاشت كه كارگزار آن حضرت بود بر كوفه در حالى كه به آن حضرت گزارش رسيد أبو موسى مردم كوفه را از اجابت دعوت آن حضرت باز مى دارد چون آنها را براى جنگ با أصحاب جمل دعوت كرده بود:
از طرف بنده خدا على أمير مؤمنان بسوى عبد اللّه بن قيس. أمّا بعد، راستى كه بمن از تو گفتارى رسيده است كه از آن تو است و بر زيان تو است، چون فرستاده و پيك من اينك بتو در رسد بى درنگ دامن بالا زن و كمرت را تنگ بربند و از سوراخت بدرآى و هر آنكه با خود دارى احضار كن اگر حق را دريافتى آنرا مجرى كن و اگر سستى شيوه خود ساختى و نرد شكّاكى باختى از منصب خود در گذر و دور شو، بخدا سوگند هر چه باشى و هر كجا باشى دستخوش گرفتارى شوى و بدنبالت آيند و رها نشوى تا گوشت و استخوانت بهم در آميزند و تر و خشكت بهم آميزند و نهان و عيانت هويدا گردد و تا اين كه از كناره گيرى و بازنشست در شتاب اندر شوى و از آنكه در برابرت باشد بهراسى چونان كه از آنكه در پشت سرت باشد و پيگرد تو است بهراسى.
اين پيشامد براى تو چنانچه اميدوارى آسان نيست بلكه بزرگترين گرفتارى و دشوارى است كه بايد بر مركبش بر نشست و دشواريش را هموار كرد و گردنه و كوهش را صاف نمود. خرد خويش را بكار گير و خود را داشته باش و بهره خود را درياب، و اگر نخواهى دور شو دور، بى خوش آمد و بى كاميابى و رستگارى، تو كه در خواب باشى محقّقا ديگران وظيفة ترا ايفاء كنند و كار ترا كفايت نمايند تا آنكه بدست فراموشى سپرده شوى و نگويند، فلانى كجاست؟ بخدا سوگند كه اين راه حق است و بدست حقدار است و باكى ندارد كه ملحدان خدا نشناس چه بازى كنند، و السلام.