منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 156
و خلّف فينا راية الحقّ، من تقدّمها مرق، و من تخلّف عنها زهق، و من لزمها لحق، دليلها مكيث الكلام، بطيء القيام، سريع إذا قام، فإذا أنتم ألنتم له رقابكم، و أشرتم إليه بأصابعكم، جاءه الموت فذهب به فلبثتم بعده ما شاء اللّه حتّى يطلع اللّه لكم من يجمعكم و يضمّ نشركم، «فلا تطعنوا في عين مقبل تايسوا خ» فلا تطمعوا في غير مقبل، و لا تيأسوا من مدبر، فإنّ المدبر عسى أن تزلّ إحدى قائمتيه و تثبت الاخرى فترجعا حتّى تثبتا جميعا.
اللغة:
(و مرق) السهم من الرّمية خرج عن المرمى و (زهق) الشّى ء من باب منع بطل و هلك و (المكيث) البطيء.
المعنى:
(و خلّف فينا راية الحقّ) المراد بها إما الثقلان المخلّفان أعنى كتاب اللّه و العترة، أو الثقل الأكبر فقط، و الاستعارة عنهما بالراية باعتبار أنهما يهتدى بهما السّالكون في سبيل اللّه كما أنّ الرّاية سبب الهداية في منازل الدّنيا (من تقدّمها) و لم يعتدّبها (مرق) من الدّين مروق السهم من الرّمية (و من تخلّف عنها) و لم يتابعها (زهق) و هلك في الوادى الضّلالة (و من لزمها) و لم يفارق عنها (لحق) بالحقّ و أصاب الصّواب في كلّ باب.
قال الشّارح البحراني: أشار براية الحقّ إلى كتاب اللّه و سنّته و أشار بتقدّمها و التّخلف عنها إلى طرفي الافراط و التفريط من فضيلة الاستقامة عليها أى أنّ من كان تحتها لاحقا بها فهو على حاقّ الوسط من الفضايل، و من تقدّمها كان على طرف الافراط و قد تعدّى في طلب الدّين و أغلى فيه على جهل منه كما فعلت الخوارج و من تخلّف عنها كان على طرف التفريط و التقصير فهلك في طرق الضّلال و الحيرة (دليلها) أى دليل تلك الراية، و أراد به حاملها، أو الدّليل الذي يكون قدام الراية و يتبعه حاملها فانّ المسافرين و القوافل ربما يكون معهم راية و دليل يتقدّمهم الدليل و يتبعه حامل الراية و يكون سيرها معه و يتبعهما المسافرون و يسيرون بهما، و الاحتمال الثّانى أظهر، و على كلّ تقدير فاستعار به عن نفسه الشريف سلام اللّه عليه و آله و وجه الاستعارة على الاحتمال الأوّل واضح، لأنه عليه السّلام حامل الكتاب و العالم بما فيه، و أمّا على الثّاني فلعلّه باعتبار أنّ الكتاب لا يفارقه و هو لا يفارق الكتاب كما يدلّ عليه اخبار الثقلين و أنّه عليه السّلام امام الكتاب، لكونه مفسّرا له مظهرا عمّا فيه.
و قوله: (مكيث الكلام) أى بطيئه يعني أنّه عليه السّلام ذو تدبّر و تثبّت في أقواله، فانّ قلّة الكلام من صفات المدح، و كثرته من صفات الذمّ، و من هنا قيل: لسان العاقل من وراء قلبه فاذا أراد الكلام تفكّر فان كان له قال و إن كان عليه سكت، و قلب الجاهل من وراء لسانه فان همّ بالكلام تكلّم به من غير تروّ سواء كان له أم عليه،
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 159
و يأتي عنه عليه السّلام نظيره في أواخر الكتاب.
و قوله (بطىء القيام) اشارة إلى تأنيّه في الامور فانّ التؤدة من صفات العقل و التسرّع من صفات الجهل.
روى في الوسائل عن الصّدوق باسناده عن أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيته لمحمّد بن الحنفية قال عليه السّلام: من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطاء، و من تورّط في الامور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفظعات النّوائب، و التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم، و العاقل وعظه التجارب، و في التجارب علم مستأنف، و في تقلّب الأحوال علم تجارب الرّجال.
و فيه من مجالس الشيخ باسناده عن أبي قتادة القمّي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ليس لحاقن رأى، و لا لملول صديق، و لا لحسود غني، و ليس بحازم من لا ينظر في العواقب و النظر في العواقب تلقيح للقلوب.
و من محاسن البرقي مسندا عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال:
أتي رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: علّمني يا رسول اللّه فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: عليك باليأس ممّا في أيدى النّاس فانّه الغنى الحاضر، قال: زدني يا رسول اللّه، قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
ايّاك و الطمع فانّه الفقر الحاضر، قال: زدني يا رسول اللّه، قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا هممت بأمر فتدبّر عاقبته فان يك خيرا و رشدا فاتبعه، و ان يك غيا فاجتنبه.
و الأخبار في هذا المعنى كثيرة، و فيه قال الشاعر:
و كلّ أناة في المواطن سودد و لا كأناة من قدير محكم
و ما الرّاى الّا بعد طول تثبّت و لا الحزم إلّا بعد طول تلوّم
و قوله عليه السّلام (سريع إذا قام) يعني انه إذا ظهر له بعد التثبّت و التروّى وجه المصلحة في القيام بأمر بادر إليه و قام به سريعا و انتهض الفرصة.
ثمّ أخذ عليه السّلام يذكّرهم بموته بقوله: كنايه (فاذا أنتم ألنتم له رقابكم) و هو كناية عن طاعتهم له و انقيادهم لأمره (و أشرتم إليه بأصابعكم) و هو كناية عن الاجلال (جاءه الموت فذهب به).
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 7، ص: 160
قال الشّارح المعتزلي: نقل أنّ أهل العراق لم يكونوا أشدّ اجتماعا عليه من الشهر الذى قتل فيه، و جاء في الأخبار أنّه عليه السّلام عقد للحسن عليه السّلام ابنه على عشرة آلاف، و لأبي أيّوب الأنصاري على عشرة آلاف، و لفلان و فلان حتّى اجتمع له مأئة ألف سيف، و أخرج مقدمته أمامه يريد الشّام فضربه اللعين ابن ملجم و كان من أمره ما كان و انقضت تلك الجموع و كانت كالغنم فقد راعيها (فلبثتم بعده ما شاء اللّه) عدم التعيين لمدّة اللبث إشارة إلى طولها (حتى يطلع اللّه) و يظهر (لكم من يجمعكم و يضمّ نشركم) أى تفرّقكم و أشار عليه السّلام به إلى الامام المنتظر أعنى المهدى صاحب الزّمان عليه السّلام، و قيل: أشار به إلى قائم بنى العباس بعد انقضاء دولة بني امية و الأوّل أظهر.
(فلا تطمعوا في غير مقبل) قال المجلسيّ (ره): أى من لم يقبل على طلب هذا الأمر ممّن هو أهله فلا تطمعوا فيه، فانّ ذلك لاختلال بعض شرايط الطلب كما كان شأن أكثر أئمتنا عليهم السّلام، و قيل: أراد بغير المقبل من انحرف عن الدّين بارتكاب منكر، فانه لا يجوز الطمع في أن يكون أميرا لكم، و في بعض النسخ فلا تطعنوا في عين مقبل أى من أقبل على هذا الأمر من أهل البيت فلا تدفعوه عما يريد.
(و لا تيأسوا من مدبر) قال المجلسىّ (ره): أى من أدبر عن طلب الخلافة ممّن هو أهل لها فلا تيأسوا من عوده و اقباله على الطّلب، فانّ ادباره يكون لفقد بعض الشّروط كقلّة الناصر كنايه (فانّ المدبر عسى أن تزلّ احدى قائمتيه) و هو كناية عن اختلال بعض الشروط (و تثبت الاخرى) و هو كناية عن وجود بعضها (فترجعا حتّى تثبتا جميعا) و هو كناية عن استكمال الشرائط، و لا ينافي النّهى عن الاياس النّهى عن الطّمع، لأنّ عدم اليأس هو التجويز، و الطّمع فوق التجويز، أو لأنّ النهى عن الطمع في حال عدم الشروط و الاعراض عن الطّلب لذلك أيضا، و النّهى عن الاياس لجواز حصول الشرائط هذا.
الترجمة:
و واپس گذاشت در ميان ما علم حق را كه عبارت باشد از كتاب اللّه و عترت، چنان علمى كه هر كس بپيش افتاد از او خارج شد از دين و ملّت، و هر كس تخلّف نمود از آن هلاك شد در بيابانهاى ضلالت، و هر كه ملازم شد آنرا لاحق گرديد بارباب كمال و سعادت.
دليل و حامل آن علم صاحب تأنّي است در تكلّم نمودن، و صاحب بطوء است در ايستادن، يعنى كلام و قيام او با فكر و تدبير و با ملاحظه مآل كار و عاقبت انديشى است، و صاحب سرعت است آن وقتى كه ايستاد بأمرى از امور اسلام، و اينها همه اشاره است بنفس شريف خود آن امام عليه السّلام چنانچه مى فرمايد.
پس زمانى كه شما نرم نموديد براى او گردنهاى خود را باطاعت و تسليم، و اشاره نموديد بسوى آن بانگشتان خود از روى اجلال و تعظيم، بيايد بسوى او مرگ پس ببرد او را، پس درنگ نمائيد بعد از او بمقدارى كه خواهد خدا تا اين كه ظاهر سازد خداوند از براى شما كسى را كه جمع كند شما را و بهم آورد پراكنده گى شما را، پس طمع نكنيد در كسى كه اقبال ننمايد بخلافت، و مايوس و نااميد نشويد از كسى كه ادبار نمايد بخلافت از جهة اين كه اين ادبار كننده شايد كه بلغزد يكى از دو قائمه او، و اين كنايه است از انتفاء بعض شرائط، و ثابت شود قائمه ديگر او، و اين كنايه است از وجود بعض شرايط، پس رجوع نمايند هر دو قائمه تا اين كه ثابت شوند هر دو تا، و اين كنايه است از استكمال شروط.
افزودن دیدگاه جدید