منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 347
(منها:) حتّى تقوم الحرب بكم على ساق باديا نواجذها، مملوّة أخلافها، حلوا رضاعها، علقما عاقبتها، ألا و في غد و سيأتي غد بما لا تعرفون، يأخذ الوالي من غيرها عمّالها على مساوي أعمالها، و تخرج له الأرض أفاليذ كبدها، و تلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السّيرة، و يحيى ميّت الكتاب و السّنّة. (27910- 27837)
اللغة:
(السّاق) ما بين الركبة و القدم و الجمع سوق قال سبحانه: فطفق مسحا بالسّوق و الأعناق، و السّاق أيضا الشدّة و منه قوله تعالى: و يوم يكشف عن ساق، أى عن شدّة، قال الفيروزآبادي: و التفت السّاق بالسّاق آخر شدّة الدّنيا بأوّل شدّة الآخرة و (النّواجذ) أقصى الأضراص و (الأخلاف) جمع الخلف بالكسر كحمل و أحمال و هو من ذوات الخف و الظّلف كالثدى للانسان و (العلقم) الحفظل و قيل قثاء الحمار و يقال لكلّ شيء مرّ.
و (الأفاليذ) جمع أفلاذ و أفلاذ جمع فلذ و هى القطعة من الكبد، هكذا في شرح المعتزلي، و في المصباح للفيومى: الفلذة القطعة من الشيء و الجمع فلذ كسدرة و سدر، و قال الفيروزآبادي: الفلذ بالكسر كبد البعير و بهاء القطعة من الكبد و من الذّهب و الفضّة و اللّحم و الأفلاذ جمعها كالفلذ كعنب و من الأرض كنوزها و (الكبد) بفتح الكاف و كسرها و ككتف معروف و (المقاليد) المفاتيح.
الاعراب:
و الباء في قوله: حتّى تقوم الحرب بكم بمعنى في بدليل قوله تعالى لا تقم فيه أبدا لمسجد اسّس على التّقوى من أوّل يوم أحقّ أن تقوم فيه، فتكون للظرفيّة المجازيّة.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 348
و باديا و مملوّة و حلوا و علقما منصوبات على الحال و العامل تقوم، و المرفوعات بعدها فواعل و رفع علقما لما بعده مع كونه اسما جامدا لأنّه بمعنى المشتق، أى مريرة عاقبتها.
و قوله: في غد متعلّق بقوله يأخذ، و تقدّمه للتّوسّع، و جملة و سيأتي غد بما لا تعرفون معترضة بين الظروف و المظروف، و سلما منصوب على الحال من فاعل تلقى و لا بأس بجموده لعدم شرطيّة الاشتقاق في الحال أو لتأويله بالمشتق أى تلقى مستسلما منقادا كما في قوله اجتهد و حدك أى متوحّدا، و قوله فيريكم كيف عدل السّيرة، الفاء فصيحة و كيف خبر مقدّم و هو ظرف عند سيبويه و موضعها نصب و ما بعدها مبتدأ و الجملة في محلّ النّصب مفعول ثان ليريكم، و علق عنها العامل لأجل الاستفهام، و المعنى يريكم عدل السّيرة على أى نحو.
المعنى:
و الفصل الثّاني منها اشارة إلى الفتن التي تظهر عند ظهور القائم عليه السّلام و هو قوله عليه السّلام كنايه (حتّى تقوم الحرب بكم على ساق) أراد به اشتدادها و التحامها، قال الشّارح البحراني و العلّامة المجلسي: و قيامها على ساق كناية عن بلوغها غايتها في الشدّة.
مجاز فى المفرد- استعاره تمثيلية- استعاره بالكنايه- استعاره تخييلية- استعاره مرشحة و أقول: [حتّى تقوم الحرب بكم على ساق ] و التّحقيق أنّه اريد بالسّاق الشدّة فيكون تقوم بمعنى تثبت فيكون مجازا في المفرد و يكون المجموع كناية عن اشتدادها، و ان اريد بالسّاق ما بين القدم و الرّكبة فيكون الكلام من باب الاستعارة التّمثيليّة حيث شبّه حال الحرب بحال من يقوم و لا يقعد، على حدّ قولهم للمتردّد: أراك تقدّم رجلا و تؤخّر اخرى، و لا تجوّز على ذلك في شيء من مفرداته.
و كذا لو قلنا إنّ المجموع مركّب من تلك المفردات موضوع للافادة المركّب من معانيها، و لم يستعمل فيه و استعمل في مشابهه على طريق التّمثيل بأن شبّه ثبات الحرب و استقرارها بصورة موهومة و هى قيامها على ساق، فعبّر عن المعنى
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 350
الأوّل بالمركّب الموضوع للمعني الثّاني، كما ذهب عليه جماعة من الاصوليين من أنّ المركّبات موضوعة بازاء معانيها التركيبيّة كما أنّ المفردات موضوعة بازاء معانيها الافراديّة.
و يمكن أن يقال: إنّ الحرب نزلت منزلة انسان ذى ساق على سبيل الاستعارة بالكناية، و يكون ذكر السّاق تخييلا و القيام ترشيحا و كيف كان فالمراد الاشارة إلى شدّتها.
استعاره تخييلية- استعاره بالكنايه- كنايه- استعاره تهكمية و هو المراد أيضا بقوله (باديا نواجذها) لأنّ بدو النّواجذ و ظهورها من أوصاف الأسد عند غضبه و افتراسه، فأثبته للحرب على سبيل التخييل بعد تنزيلها منزلة الأسد المغضب باعتبار الشدّة و الأذى على الاستعارة بالكناية.
و قال الشّارح المعتزلي: و الكلام كناية عن بلوغ الحرب غايتها كما أنّ غاية الضّحك أن تبدو النّواجذ، و اعترض عليه البحراني بأنّ هذا و إن كان محتملا إلّا أنّ الحرب مظنّة إقبال الغضب لا إقبال الضّحك فكان الأوّل أنسب، أقول: و يستظهر الثاني بجعله من باب التّهكم.
استعاره تخييلية- استعاره مرشحة و قوله (مملوّة أخلافها) تأكيد ثالث لشدّتها نزّلها منزلة الناقة ذات اللّبن في استعدادها و استكمالها عدّتها و رحالها كما تستكمل النّاقة باللّبن و تهيّئوه لولدها، و ذكر الأخلاف تخييل و المملوّة ترشيح.
و أراد بقوله: (حلوا رضاعها و علقما عاقبتها) أنّها عند اقبالها تستلذّ و تستحلي بطمع الظّفر على الأقران و الغلبة على الشجعان، و يكون آخرها مرّا لأنّه القتل و الهلاك، و مصير الاكثر إلى النّار، و بئس القرار و في هذا المعنى قال الشّاعر:
الحرب أوّل ما تكون فتية تسعى بزينتها لكلّ جهول
حتّى إذا اشتعلت و شبّ ضرامها عادت عجوزا غير ذات خليل
شمطاء جزّت رأسها و تنكّرت مكروهة للشمّ و التقبيل
ثمّ أشار إلى بعض سيرة القائم فقال (ألا و فى غد و سيأتي غد بما لا تعرفون)
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 351
تنبيه على عظم شأن الغد الموعود بمجيئه و على معرفته بما لا يعرفون (يأخذ) أى يؤاخذ (الوالى من غيرها عمالها على مساوى أعمالها) قال الشّارح المعتزلي هذا الكلام منقطع عمّا قبله، و قد كان تقدّم ذكر طائفة من النّاس ذات ملك و امرة فذكر عليه السّلام أنّ الوالي من غير تلك الطائفة يعني الامام الذي يخلفه في آخر الزمان يأخذ عمّال هذه الطائفة بسوء أعمالهم أى يؤاخذهم بذنوبهم.
أقول: و من هذه المؤاخذة ما ورد في رواية أبي بصير و من غيره من أنّه عليه السّلام إذا ظهر أخذ مفتاح الكعبة من بني شيبة و قطع أيديهم و علّقها بالكعبة و كتب عليها هؤلاء سرّاق الكعبة.
و ورد الأخبار أيضا بملك الجبابرة و الولاة السّوء عند ظهوره عليه السّلام في النبوي الذي رواه كاشف الغمّة من كتاب كفاية الطّالب عن الحافظ أبي نعيم في فوائده و الطّبراني في معجمه الأكبر عن جابر بن عبد اللّه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: سيكون بعدى خلفاء و من بعد الخلفاء أمراء و من بعد الامراء ملوك جبابرة، ثمّ يخرج المهدي من أهل بيتي يملاها عدلا كما ملئت جورا.
استعاره (و تخرج له الأرض أفاليذ كبدها) استعار لفظ الكبد لكنوز الأرض و خزائنها و الجامع مشابهة الكنوز للكبد في الخفاء و بذلك الاخراج فسّر قوله تعالى:
و أخرجت الأرض أثقالها، في بعض التّفاسير استعاره بالكنايه (و تلقى إليه سلما) أى منقادا (مقاليدها) و مفاتيحها قال الشّارح البحراني: أسند لفظ الالقاء إلى الأرض مجازا لأنّ الملقى للمقاليد مسالما هو أهل الأرض و كنّى بذلك عن طاعتهم و انقيادهم أجمعين لأوامره و تحت حكمه.
أقول: و الأقرب أن يراد بالقاء المقاليد فتح المداين و الأمصار.
و قد اشير إليهما أعني إخراج الكنوز و إلقاء المقاليد في رواية نبويّة عاميّة و هى ما رواه في كشف الغمّة عن الحافظ أبي نعيم أحمد بن أبي عبد اللّه باسناده عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: بينكم و بين الروم أربع هدن يوم
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 352
الرّابعة على يد رجل من آل هرقل يدوم سبع سنين فقال له رجل من عبد القيس يقال له للمستورد بن غيلان: يا رسول اللّه من إمام النّاس يومئذ؟ قال: المهدي من ولدى ابن أربعين سنة كان وجهه كوكب درّى في خدّه الأيمن خال أسود عليه عبائتان قطوا نيّتان كأنّه رجال من بني إسرائيل يستخرج الكنوز و يفتح مدائن الشّرك.
(فيريكم كيف عدل السيرة) أى العدل في السيرة أو السيرة العادلة (و يحيى ميّت الكتاب و السّنة) أى يعمل بهما و يحمل النّاس على أحكامهما بعد اندراس أثرهما و هو إشارة إلى بعض سيرته عليه السّلام عند قيامه و طريقة أحكامه.
و قد اشير إلى نبذ منها و من علامات ظهورها فيما رواه كاشف الغمّة عن الشّيخ المفيد (ره) في كتاب الارشاد قال: قال: فأمّا سيرته عليه السّلام عند قيامه و طريقة أحكامه و ما يبيّنه اللّه تعالى من آياته فقد جاءت الآثار به حسب ما قدّمناه.
فروى المفضّل بن عمر الجعفي قال: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول: إذا أذن اللّه تعالى للقائم في الخروج صعد المنبر فدعى النّاس إلى نفسه و ناشدهم اللّه و دعاهم إلى حقّه و أن يسير فيهم بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يعمل فيهم بعمله، فيبعث اللّه تعالى جبرئيل حتّى يأتيه فنزل على الحطيم و يقول له: إلى أىّ شي ء تدعو؟ فيخبره القائم عليه السّلام، فيقول جبرئيل أنا أوّل من يبايعك و ابسط يدك فيمسح على يده و قد وافاه ثلاثمائة و سبعة عشر رجلا فيبايعونه و يقيم بمكّة حتّى يتمّ أصحابه عشرة آلاف و روى محمّد بن عجلان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا قام القائم عليه السّلام دعى النّاس إلى الاسلام جديدا، و هديهم إلى أمر قد دثر فضلّ عنه الجمهور، و إنّما سمّى القائم مهديّا لأنّه هدى إلى أمر مضلول عنه، و سمّى بالقائم لقيامه بالحقّ.
و روى أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا قام القائم هدم المسجد الحرام
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 353
حتّى يردّه إلى أساسه، و حوّل المقام إلى الموضع الذي كان فيه، و قطع أيدي بني شيبة و علّقها بالكعبة، و كتب عليها هؤلاء سرّاق الكعبة.
و روى أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث طويل أنّه إذا قام القائم فيخرج منها بضعة عشر ألف أنفس يدعون التبرية، عليهم السّلاح، فيقولون له:
ارجع من حيث جئت فلا حاجة بنا إلى بني فاطمة، فيضع عليهم السّيف حتّى يأتي إلى آخرهم ثمّ يدخل الكوفة فيقتل فيها كلّ منافق مرتاب، و يهدم قصورها و يقتل مقتاتلها حتّى يرضى اللّه عزّ و جلّ.
و روى أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: إذا قام القائم جاء بأمر جديد كما دعى رسول اللّه في بدو الاسلام إلى أمر جديد.
و روى عليّ بن عقبة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا قام القائم حكم بالعدل و ارتفع في أيّامه الجور و امنت به السبل و اخرجت الأرض بركاتها و ردّ كلّ حقّ إلى أهله و لم يبق أهل دين حتّى يظهروا الاسلام و يعترفوا بالايمان أما سمعت اللّه عزّ و جلّ يقول:
و له أسلم من في السّموات و الأرض طوعا و كرها و إليه يرجعون، و حكم في النّاس بحكم داود و حكم محمّد صلّى اللّه عليهما فحينئذ يظهر الأرض كنوزها و تبدى بركاتها فلا يجد الرّجل منكم يومئذ موضعا لصدقته و لا لبرّه، لشمول الغنى جميع المؤمنين ثمّ قال عليه السّلام إنّ دولتنا آخر الدّول و لم يبق أهل بيت لهم دولة إلّا ملكوا قبلنا لئلّا يقولوا إذا رأو سيرتنا إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: «و العاقبة للمتّقين».
و روى كاشف الغمّة أيضا عن الشّيخ الطبرسي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: المنصور القائم منّا منصور بالرّعب، مؤيّد بالنّصر، تطوى له الأرض، و تظهر له الكنوز و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب و يظهر اللّه دينه على الدّين كلّه و لو كره المشركون فلا يبقى على وجه الأرض خراب إلّا عمّر، و ينزل روح اللّه عيسى بن مريم فيصلّى خلفه.
قال الرّاوي: فقلت يابن رسول اللّه و متى يخرج قائمكم؟ قال: إذا تشبّه
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 354
الرّجال بالنّساء و النّساء بالرجال و اكتفى الرّجال بالرجال و النّساء بالنساء، و ركب ذوات الفروج السّروج، و قبلت شهادة الزّور و ردّت شهادات العدل، و استخفّ الناس بالرّياء و ارتكاب الزّناء و أكل الرّبا، و اتقى الأشرار مخافة ألسنتهم، و خرج السّفياني من الشّام، و اليماني من اليمن، و خسف بالبيداء، و قتل غلام من آل محمّد بين الرّكن و المقام و اسمه محمّد بن الحسن النّفس الزكيّة، و جاءت صيحة من السّماء بأنّ الحقّ معه و مع شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا، فاذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة و اجتمع عليه ثلاثمأة و ثلاثة عشر رجلا، فأوّل ما ينطق به هذه الآية:
بقيّة اللّه خير لكم إن كنتم مؤمنين، ثمّ يقول: أنا بقية اللّه و خليفته و حجّته عليكم فلا يسلّم عليه مسلّم إلّا قال: السّلام عليك يا بقيّة اللّه في الأرض، فاذا اجتمع له العدّة عشرة آلاف رجل فلا يبقى في الأرض معبود من دون اللّه من صنم إلّا وقعت فيه نار فاحترق، و ذلك بعد غيبة طويلة ليعلم اللّه من يطيعه بالغيب و يؤمن به.
تنبيه:
قال الشّارح المعتزلي في شرح هذا الفصل من الخطبة: هذا اشارة إلى إمام يخلقه اللّه تعالى في آخر الزّمان و هو الموعود به في الأخبار و الآثار انتهى.
أقول: لا خلاف بين العامّة و الخاصّة في أنّ اللّه يبعث في آخر الزّمان حجّة يملاء الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا، و أنّه المهدي من أولاد فاطمة سلام اللّه عليها، و إنّما وقع الخلاف في وقت ولادته و تعيين أمّه و أبيه.
فذهب العامة إلى أنّه يخلقه اللّه في مستقبل الزّمان و أنّه غير موجود الآن استنادا إلى حجج ضعيفة و وجوه سخيفة مذكورة في محالّها، و عمدة أدلّتهم استبعاد طول عمره الشّريف، فانّ بنية الانسان على ما هو المشاهد بالعيان يأخذها السّن و يهدمها طول العمر و العناصر لا يبقى تركيبها أزيد من العمر المتعارف.
و ذهبت الخاصّة إلى أنّه الامام الثاني عشر صاحب الزّمان محمّد بن الامام حسن العسكري ابن الامام على الهادي ابن الامام محمّد الجواد ابن عليّ الرّضا ابن
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 355
الامام موسى الكاظم ابن الامام جعفر الصّادق ابن الامام محمّد الباقر ابن الامام علىّ زين العابدين ابن الامام الحسين الشّهيد ابن الامام عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، و امّه نرجس امّ ولد و أنّه حىّ موجود الآن غائب عن أعين النّاس لمصالح اقتضت غيبته.
فإمامته و غيبته من ضروريّات مذهب الاماميّة و عليه دلّت الأخبار المتواترة من طرقهم و من طرق العامّة، و قد دوّنوا فيها أى في الغيبة الكتب، و صنّفوا فيها التصانيف مثل كتاب محمّد بن إبراهيم النعماني الشهير بالغيبة، و كتاب الغيبة للشيخ أبي جعفر الطوسي و كتاب إكمال الدّين و إتمام النّعمة للشّيخ الصّدوق، و المجلّد الثالث عشر من بحار الأنوار للمحدّث العلّامة المجلسي و غيرها.
بل من العامة من صرّح بتواتر الأخبار عندهم بذلك و استدلّ على إمامته بروايات كثيرة و براهين محكمة: مثل الشّيخ أبي عبد اللّه محمّد بن يوسف بن محمّد الگنجي الشّافعي في كتاب البيان في أخبار صاحب الزّمان في الجواب عن الاعتراض في الغيبة، و كمال الدّين أبو عبد اللّه محمّد بن طلحة بن محمّد بن الحسن النصيبي الشافعي في كتاب مطالب السؤول في مناقب الرّسول، و إبراهيم بن محمّد الحموينى في كتاب فرايد السّمطين في فضل المرتضى و البتول و السّبطين.
و قد أورد المحدّث العلامة السّيد هاشم البحراني أكثر ما أورده في كتاب غاية المرام و كذلك عليّ بن عيسى الإربلى في كشف الغمّة، و قد كفانا سلفنا الصّالحون و مشايخنا الماضون مؤنة الاستدلال في هذا المقال، و قد أوردوا في كتبهم شبه العامّة و أجابوا عنها بوجوه شافية وافية، و لا حاجة بنا إلى ايرادها إلّا الجواب عن قوله:
إنّه لا يمكن أن يكون في العالم بشر له من السّنّ ما تصفونه لامامكم و هو مع ذلك كامل العقل صحيح الحسّ.
و محصّل الجواب أنّ من لزم طريق النّظر و فرّق بين المقدور و المحال لم ينكر ذلك إلّا أن يعدل عن الانصاف إلى العناد و الخلاف، لأنّ تطاول الزّمان للدّنيا في وجود الحياة و مرور الأوقات لا تأثير له في القدرة، و من قرء الأخبار و نظر في كتاب المعمّرين علم أنّ ذلك ممّا جرت العادة به، و قد نطق الكتاب
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 356
الكريم بذكر نوح و أنّه لبث في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما، و قد تظافرت الأخبار بأنّ أطول بني آدم عمرا الخضر عليه السّلام، و أجمعت الشّيعة و أصحاب الحديث بل الامّة بأسرها ما خلا المعتزلة و الخوارج على أنّه موجود في هذا الزّمان كامل العقل صحيح الحسّ معتدل المزاج، و وافقهم على ذلك أكثر أهل الكتاب.
و في حديث الصّدوق باسناده عن الصّادق عليه السّلام و أمّا العبد الصّالح أعنى الخضر عليه السّلام فانّ اللّه ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها له، و لا كتاب نزّله عليه، و لا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء و لا لامامة يلزم عباده الاقتداء بها، و لا لطاعة يفرضها له، بل إنّ اللّه تبارك و تعالى لما كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم ما يقدّر من عمر الخضر، و ما قدّر في أيّام غيبته ما قدّر و علم ما يكون من انكار عباده بمقدار ذلك العمر في الظّول، قدّر عمر العبد الصّالح في غير سبب يوجب ذلك إلّا لعلّة الاستدلال به على عمر القائم، و ليقطع بذلك حجّة المعاندين، لئلّا يكون للنّاس على اللّه حجّة.
و لا خلاف أيضا أنّ سلمان الفارسي أدرك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد قارب أربعمائة سنة، فهب أنّ المعتزلة و الخوارج يحملون أنفسهم على دفع الأخبار فكيف يمكنهم دفع القرآن في عمر نوح و في دوام أهل الجنّة و النّار، و لو كان ذلك منكرا من جهة العقول لما جاء به القرآن، فمن اعترف بالخضر عليه السّلام لم يصحّ منه هذا الاستبعاد، و من أنكره فحجّته الأخبار و الآثار المنبئة عن طول عمر المعمّرين زائدا على قدر المعتاد المتعارف.
و قال محمّد بن يوسف بن محمّد الگنجي الشافعى: و أمّا بقاء المهديّ عليه السّلام فقد جاء في الكتاب و السّنة، أمّا الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله عزّ و جل:
ليظهره على الدّين كلّه و لو كره المشركون، قال: هو المهدي عليه السّلام من عترة فاطمة، و قد قال مقاتل بن سليمان في تفسير قوله عزّ و جل: و إنّه لعلم للسّاعة، قال هو المهديّ يكون في آخر الزّمان و يكون بعد خروجه قيام السّاعة و اماراتها و أمّا السّنة فقد تقدّم في كتابنا هذا من الأحاديث الصحيحة الصّريحة انتهى.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 8، ص: 357
و لا حاجة بنا إلى اطالة الكلام في هذا المقام و ذكر وجوه النقض و الابرام، لأنّ في كتب علمائنا الصّالحين هداية للمسترشد، و غنية للطالب، و إبطالا لقول المنكر المجاحد، و لنعم ما قيل فيه عليه السّلام:
بهم عرف النّاس الهدى فهداهم يضلّ الّذي يقلى و يهدى الذي يهوى
موالاتهم فرض و حبّهم هدى و طاعتهم قربى و ودّهم تقوى
الترجمة:
بعضى از اين خطبه اشارتست بشدّة أيام ظهور آن بزرگوار مى فرمايد:
تا اين كه قائم شود محاربه بشما بر ساق خود در حالتى كه كه ظاهر شده باشد دندانهاى آن حرب چون شير غضبناك، و در حالتى كه پر شده باشد پستانهاى آن و شيرين باشد شيردادن آن و تلخ باشد عاقبت آن، آگاه باشيد در فردا و زود باشد بيايد فردا بحيثيتي كه نمى شناسيد شما مؤاخذه ميكند والى كه از غير آن طائفه است كه در روى زمين سلطنت مى نمايند عمّال و امراء ايشان را بر بديهاى عملهاى ايشان، و خارج ميكند از براى آن بزرگوار زمين جگرپارها يعني خزائن و دفائن خود را، و بيندازد بسوى او در حالتي كه اطاعت كننده است كليدهاى خود را، پس بنمايد بشما كه چگونه است عدالت در روش مملكت دارى و رعيّت پرورى، و زنده كند مرده كتاب خدا و سنت خاتم الأنبياء را، يعني أحكام متروكه قرآن و سنّت نبوى را احيا مى نمايد، و رواج مى دهد و بر پا مى دارد.