منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 330
المختار الرابع و الخمسون و من كتاب له عليه السلام الى معاوية:
أمّا بعد، فإنّ اللّه سبحانه قد جعل الدّنيا لما بعدها، و ابتلى فيها أهلها، ليعلم أيّهم أحسن عملا، و لسنا للدّنيا خلقنا، و لا بالسّعى فيها أمرنا، و إنّما وضعنا فيها لنبتلى بها، و قد ابتلانى اللّه بك و ابتلاك بي، فجعل أحدنا حجّة على الاخر، فعدوت [فغدوت] على طلب الدّنيا بتأويل القرآن و طلبتني بما لم تجن يدي و لا لساني، و عصبته أنت و أهل الشّام بي و ألّب عالمكم جاهلكم و قائمكم قاعدكم فاتّق اللّه في نفسك، و نازع الشّيطان قيادك و اصرف إلى الاخرة وجهك، فهى طريقنا و طريقك، و احذر أن يصيبك اللّه منه بعاجل قارعة تمسّ الأصل و تقطع الدّار [الدّابر]، فإنّي أولي لك باللّه أليّة غير فاجرة، لئن جمعتني و إيّاك جوامع الأقدار لا أزال بباحتك [بناحيتك ] [حتّى يحكم اللّه بيننا و هو خير الحاكمين]. (70119- 69993)
اللغة:
(عصبه به): علّقه به، (التأليب): التحريص، (القيادة): حبل تقاد به (القارعة): الدّاهية، (تمسّ الأصل): تقطعه، (الدّابر): المتأخّر من النسل (الأليّة)، اليمين، (باحة الدار): وسطها، ساحتها.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 331
الاعراب:
لما بعدها: لما موصولة أو موصوفة و الظرف مستقرّ مفعول ثان لقوله جعل و بعدها: ظرف مستقرّ صلة أو صفة، أيّهم أحسن عملا: جملة محكيّة عن القرآن قائمة مقام مفعولى يعلم، لم تجن: صيغة الجحد من الجناية، أنت: تأكيد للضمير المخاطب في عصبته لتصحيح العطف عليه، أن يصيبك اللّه منه: قال الشارح المعتزلي: الضمير في «منه» راجع إلى اللّه تعالى و «من» لابتداء الغاية، و قال الراوندي: «منه» أى من البهتان الّذي أتيته، أى من أجله و «من» للتعليل، و هذا بعيد و خلاف الظاهر، بعاجل قارعة: من إضافة إلى الصفة إلى الموصوف و كذا جوامع الأقدار و أثره التأكيد، لا أزال: نفى من زال، بباحتك: ظرف مستقرّ خبره، غدوت على الدنيا: قال المعتزلي: على ها هنا متعلّق بمحذوف دلّ عليه الكلام تقديره: مثابرا على طلب الدنيا أو مصراّ.
المعنى:
بعث اللّه الأنبياء بطبقاتهم لهداية الناس و ردعهم عن الفساد و اتّباع الشهوات و أهمّ وسائلهم التذكير و الإنذار و التبشير و لم يؤمر من الأنبياء بطبقاتهم و هم آلاف مؤلّفة بالسيف و الجهاد إلّا نذر يسير، و روي إلّا أربعة امروا بالسيف لدفع هجوم الأعداء الألدّاء، منهم خاتمهم رسول الاسلام صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قد نزلت عدّة آيات كريمة في القرآن الشريف يصرّح بأنّه بشير و نذير و أنّه ليس بجبّار و لا وكيل عليهم.
منها: قوله تعالى: «إنّما أنت نذير و اللّه على كلّ شيء وكيل- سورة هود الاية 12».
منها: قوله تعالى: «و ما أنت عليهم بجبّار فذكّر بالقرآن من يخاف وعيد 45- ق» منها: قوله تعالى: «يا أيّها النبيّ إنّا أرسلناك شاهدا و مبشّرا و نذيرا، و داعيا إلى اللّه باذنه و سراجا منيرا- 45 و 46 الاحزاب».
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 332
و قد قام أمير المؤمنين عليه السّلام بعده بالتبشير و الإنذار للعصاة و البغاة، و من رؤوسهم معاوية الّذي لم يؤثّر فيه إنذار الرسول صلّى اللّه عليه و آله طيلة دعوته بمكّة قبل الهجرة، فدام على كفره و وثنيّته حتّى فتح رسول اللّه مكّة المكرّمة و وقع قريش مكّة الألدّاء في اسره، فامن هو و أبوه و أهله كرها و أسرّوا النفاق دهرا، حتّى توفّى صلّى اللّه عليه و آله فدبّروا و كادوا حتّى سادوا في الاسلام و سلّط معاوية على بلاد الشام فقام عليّ بإنذاره أداء لحقّ الوصاية و ذكّره باي من القرآن منها قوله تعالى: «ليبلوكم أيّكم أحسن عملا- 7 هود».
و نبّهه على أنّ الدنيا دار مجاز و دار امتحان و ابتلاء و الابتلاء على وجوه شتّى باعتبار أحوال الناس، فجعل أحدنا حجّة على الاخر.
فأوّلت القرآن في طلب الدنيا، قال الشارح المعتزلي: «و تأويل القرآن ما كان معاوية يموه به على أهل الشام فيقول لهم: أنا وليّ دم عثمان، و قد قال اللّه تعالى: «وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً» (33 الاسراء).
و قال ابن ميثم: تأويل القرآن كقوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى» (178- البقرة) و غيرها من الايات الدالّة على وجوب القصاص، فتأوّل بادخال نفسه فيها و طلب القصاص لعثمان و إنّما كان دخوله في ذلك بالتأويل، لأنّ الخطاب خاصّ بمن قتل و قتل منه و معاوية بمعزل من ذلك إذ لم يكن من أولياء دم عثمان ففسّر الاية بالعموم ليدخل فيها.
و برّأ عليه السّلام نفسه من الاشتراك في قتل عثمان يدا و لسانا و قد اتّهمه معاوية بذلك و جعله وسيلة لتحريض أهل الشام بالحرب معه عليه السّلام و أمره بترك هذا البهتان و الدفاع تجاه الشيطان بنزع قياده من الهوى و الشهوات و التوجّه إلى الاخرة و حذّره من العقوبة في الدنيا بحيث تصل إلى أصله و تقطع نسله كما وقع بعد ذلك من قطع نسل بنى اميّة و محوهم عن الجامعة البشريّة.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 20، ص: 333
الترجمة:
أمّا بعد، براستى كه خداوند سبحان دنيا را مقدّمه ما بعدش مقرّر داشته، و أهل دنيا را در آن در بوته آزمايش گذاشته تا معلوم شود كداميك خوش كردارترند ما براى دنيا آفريده نشديم و بكوشش در آن فرمان نداريم، همانا ما در دنيا آمديم تا امتحان شويم، خداوند مرا بتو و ترا بمن در معرض امتحان آورده و هر كدام را حجّت بر ديگر ساخته، تو بر روى دنيا افتادى و تأويل قرآن را بر خلاف حق وسيله آن ساختى و مرا بچيزى مسئول كردى كه دست و زبانم بدان آلوده نشده. خودت و أهل شام آنرا دستاويز كرده ايد و آنرا بمن چسبانده ايد و دانشمندتان نادانها را ترغيب بدان مى كنند و آنها كه بر سر كارند بيكاره ها را بدان تشويق مى نمايند.
تو خود پرهيزكار باش و از خدا بترس و با شيطان در مهار كردنت ستيزه كن و خود را برهان و روى باخرت كه راه من و تو است بگردان، و در حذر باش كه خداوندت بيك بلاى كوبنده در اين دنيا دچار كند كه بريشه ات بزند و دنباله ات را ببرد و نسلت را قطع كند. براستى من براى تو سوگندى ياد كنم كه تخلّف ندارد بر اين كه اگر خداوند مرا با تو در ميدان نبرد فراهم آورد و پيشامد مقدرات مرا و تو را در پيكار با يكديگر كشاند هميشه در خانه و كاشانه ات بمانم «تا خداوند ميان ما حكم فرمايد كه او بهترين حكمها است».