منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 189
و من خطبة له عليه السّلام و هى المأة و الخامسة و السبعون من المختار في باب الخطب. قال الشارح البحراني: روى انّ هذه الخطبة من أوائل الخطب التي خطب بها أيّام بويع بعد قتل عثمان، و شرحها في فصلين:
الفصل الاول:
انتفعوا ببيان اللّه، و اتّعظوا بمواعظ اللّه، و اقبلوا نصيحة اللّه فإنّ اللّه قد أعذر إليكم بالجليّة، و اتّخذ عليكم بالحجّة، و بيّن لكم محابّه من الأعمال و مكارهه منها لتتّبعوا هذه و تجتنبوا هذه، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يقول: إنّ الجنّة حفّت بالمكاره و إنّ النّار حفّت بالشّهوات. و اعلموا أنّه ما من طاعة اللّه شيء إلّا يأتي في كره، و ما من معصية اللّه شيء إلّا يأتي في شهوة، فرحم اللّه رجلا نزع عن شهوته، و قمع هوي نفسه، فإنّ هذه النّفس أبعد شيء منزعا، و إنّها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى.
اللغة:
(نزع) عن المعاصي نزوعا انتهى عنها و نزع عن الشيء نزوعا كفّ و قلع عنه و المنزع يحتمل المصدر و المكان و نزع الى أهله نزاعة و نزاعا اشتاق إليه، و نازعتني نفسى إلى كذا اشتاقت إليه قال في مجمع البحرين: في الحديث النّفس الأمّارة أبعد شيء منزعا، أى رجوعا عن المعصية اذ هى مجبولة على محبّة الباطل، و أمّا تفسير الشارح المعتزلي منزعا بمذهبا فلا يخفى بعده.
المعنى:
اعلم أنّ مدار هذا الفصل من الخطبة الشريفة على الموعظة و النصيحة و ترغيب المخاطبين في الطّاعات و تحذيرهم عن السّيئات و التنبيه على جملة من فضايل كتاب الكريم و خصايص الذكر الحكيم، و صدّر الفعل بالأمر بالانتفاع بأفضل البيانات و الاتّعاظ بأحسن المواعظ و القبول لأكمل النصايح فقال: «ج 12»
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 193
(انتفعوا ببيان اللّه) أى بما بيّنه في كتابه و على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فانّه لقول فصل و ما هو بالهزل، و فيه تذكرة و ذكري لاولى الألباب و هدى و بشرى بحسن الماب فمنفعته أتمّ المنافع، و فايدته أعظم الفوايد.
(و اتّعظوا بمواعظ اللّه) لتفوزوا جنّة النعيم و الفوز العظيم، و تنجوا من نار الجحيم و العذاب الأليم (و اقبلوا نصيحة اللّه) فانّها مؤدّية إلى درجات الجنات منجية من دركات الهلكات، و الاتيان بلفظ الجلالة و التصريح باسمه سبحانه في جميع الجملات مع اقتضاء ظاهر المقام للاتيان بالضمير لايهام الاستلذاذ و لإدخال الرّوع في ضمير المخاطبين و تربية المهابة و تقوية داعى المأمورين لامتثال المأمور به، و قول الشارح البحراني بأنّ ذلك أى تعدية الاسم صريحا للتعظيم فليس بشيء.
و لما أمر بالاتّعاظ و الانتصاح علله (فانّ اللّه قد أعذر إليكم بالجليّة) يعني أنّه سبحانه قد أبدى العذر اليكم في عقاب العاصين منكم بالاعذار الجليّة و البراهين الواضحة من الايات الكريمة لأنّه لا يكلّف نفسا إلّا ما اتيها ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيى من حىّ عن بيّنة.
(و اتّخذ عليكم الحجّة) بارسال الرّسول و إنزال الكتاب يعني أنّه أتمّ الحجّة على المكلّفين بما اتاهم و عرّفهم حتى لا يكون لهم عذر في ترك التكاليف و لا يكون للنّاس عليه حجّة بعد الرّسل قال عزّ من قائل: وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (و بيّن لكم محابّه من الأعمال و مكارهه منها) أى بيّن في كتاب العزيز الفرائض و الواجبات من الحجّ و الجهاد و الصوم و الصّلاة و غيرها من الأعمال الصّالحات المطلوبة له و المحبوبة عنده، و المحظورات من الكذب و الغيبة و النميمة و السعاية و غيرها من الأفعال القبيحة المبغوضة له المكروهة لديه.
و انّما بيّنها (لتتّبعوا هذه) أى محابّ الأعمال (و تجتنبوا هذه) أى مكارهها (فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله) تعليل لوجوب اتّباع المحابّ و وجوب اجتناب المكاره (كان يقول: إنّ الجنّة حفّت بالمكاره و إن النّار حفّت بالشهوات) يعني أنّ الجنّة محفوفة بالصبر على مشاقّ الطاعات و الكفّ عن لذائذ السيّئات و كلاهما مكروه للنّفس،
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 10، ص: 194
فمن صبر على ذلك المكروه يكون مصيره إلى الجنّة و كذلك النار محفوفة باطلاق عنان النفس و ارتكاب ما تشتهيها و تتمناها من الشهوات و المحرّمات، فمن أقدم عليها و أتى بها يكون عاقبته إلى النار و كفى بالجنّة ثوابا و نوالا في تسهيل تحمّل تلك المكاره، و كفى بالنار عقابا و وبالا في التنفير عن هذه الشهوات.
ثمّ بعد تسهيل المكاره التي يشتمل عليها الطاعات يكون غايتها أشرف الغايات و تحقير الشهوات الّتي يريد التنفير عنها يكون غايتها أخسّ الغايات نبّه على أنّه لا تأتى طاعته إلّا في كره و لا معصيته إلّا في شهوة، و هو قوله (و اعلموا أنه ما من طاعة اللّه شيء إلّا يأتي في كره و ما من معصية اللّه شيء إلّا يأتي في شهوة) لأنّ النّفس للقوّة الشهويّة أطوع من القوّة العاقلة خصوصا فيما هو أقرب إليها من اللّذات المحسوسة الّتي يلحقها العقاب عليها.
(فرحم اللّه رجلا نزع) و كفّ (عن شهوته و قمع) أى قلع (هوى نفسه فان هذه النفس) الأمّارة بالسوء (أبعد شيء منزعا) أى كفا و انتهاء عن شهوة و معصية (و أنها لا تزال تنزع) أى تشتاق و تميل (إلى معصية في هوى).
الترجمة:
از جمله خطب شريفه آن امام مبين و وليّ مؤمنين است در نصيحت مخاطبين مى فرمايد:
منتفع باشيد با بيان خدا و متّعظ باشيد با موعظهاى خدا و قبول نمائيد نصيحت خدا را، پس بدرستى كه خدا اظهار فرموده عذر خود را بشما با آيه هاى واضحه، و اخذ فرمود بر شما حجّت را و بيان كرد از براى شما محبوب داشته شده هاى خود را از عملها و مكروه داشته شده هاى خود را از آنها تا اين كه متابعت نمائيد بان عملهاى محبوبه و اجتناب نمائيد از اين عملهاى مكروهه. پس بدرستى كه حضرت رسول صلوات اللّه و سلامه عليه و آله مى فرمود كه بهشت محفوف شده است با دشواريها و آتش محفوف شده است با شهوتها، و بدانيد كه بدرستى كه نيست از اطاعت خدا چيزى مگر اين كه مى آيد با كراهت طبيعت، و نيست در معصيت خدا چيزى مگر اين كه مى آيد با شهوت و رغبت، پس رحمت خدا مردى را كه بر كند از شهوت خود، و قلع كند خواهشات نفس خود را پس بدرستى كه اين نفس دورترين چيزيست از حيثيّت كنده شدن از شهوت، بدرستى كه اين نفس هميشه اشتياق دارد و ميل كند بسوى معصيت در آرزو و خواهش نفسانى.
افزودن دیدگاه جدید