منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 14، ص: 270
و من كلام له عليه السّلام و هو المأتان و الحادى و العشرون من المختار فى باب الخطب قاله عليه السّلام عند تلاوته: يا أيّها الانسان ما غرّك بربّك الكريم:
أدحض مسئول حجّة، و أقطع مغترّ معذرة، لقد أبرح جهالة بنفسه، يا أيّها الإنسان ما جرّأك على ذنبك، و ما غرّك بربّك، و ما آنسك بهلكة نفسك، أ ما من دائك بلول، أم ليس من نومتك يقظة، أ ما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك، فربّما ترى الضّاحي من حرّ الشّمس فتظلّه، أو ترى المبتلى بألم يمضّ جسده فتبكي رحمة له، فما صبّرك على دائك، و جلّدك بمصابك، و عزّاك عن البكاء على نفسك، و هي أعزّ الأنفس عليك، و كيف لا يوقظك خوف بيات نقمة و قد تورّطت بمعاصيه مدارج سطواته، فتداو من داء الفترة في قلبك بعزيمة، و من كرى الغفلة في ناظرك بيقظة، و كن للّه مطيعا، و بذكره آنسا.
اللغة:
(دحضت) الحجة دحضا من باب منع بطلت و يتعدّى بالهمزة فيقال أدحضها اللّه و دحض الرجل زلق و (برح) به الضرب اشتدّ و عظم و هذا أبرح من ذاك أى أشدّ و يقال لقد أبرح فلان جهالة و أبرح لوما و أبرح شجاعة، و قتلوه أبرح قتل أى أشدّه (و ما آنسك) من باب الافعال، و روى أنّسك بالتشديد من باب التفعيل و (بلّ) من مرضه يبلّ من باب ضرب بلّا و بللا و بلولا كقعود برء و حسنت حاله بعد الهزال.
و (الضاحى) لحر الشمس البارز يقال ضحى فلان مثل دعى أى برز للشمس و مثل رضى و سعى أيضا أى أصابته الشمس و (مضضت) الشيء مضضا من باب تعب تألّمت و يتعدّى بالحركة و الهمزة فيقال مضّه الجرح مضّا و أمضه امضاضا أى آلمه.
و (الجلادة) القوّة و الشدّة و الصّلابة، و جلدك بمصابك أى جعلك جلدا، و روى و جلدك على مصائبك بلفظة على و صيغة و الجمع و (بيات نقمة) طروقها و النقمة وزان كلمة و نعمة و قرحة المكافاة بالعقوبة و الجمع نقم ككلم و عنب و (التورّط) الوقوع فى الورطة بسكون الرّاء و هى المهلكة و كلّ أرض مطمئنة لا طريق فيها و (عزم) على الشيء و عزمه عزما من باب ضرب عقد ضميره على فعله و عزم عزيمة اجتهد و جدّ فى أمره و (الكرى) وزان عصا النعاس.
الاعراب:
استفهام انكارى توبيخى- استفهام تقريرى قوله تعالى «ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ» الاستفهام للانكار على سبيل التوبيخ و التّقريع، و يجوز أن يكون للتقرير أى حمل المخاطب على الاعتراف و الاقرار بما يعرفه من جهة الاغترار و علته ، و قوله عليه السّلام: أدحض مسئول حجّة خبر لمبتدأ محذوف أى هو أدحض مسئول، و الضّمير راجع الى الانسان المغرور، و حجّة منصوب على التميز، و كذلك معذرة و جهالة منصوبتان عليه أيضا.
و قوله: فلربما ترى، اللّام للتوكيد و ما كافة لربّ عن عمل الخبر و لذلك دخلت على الفعل كما فى قول الشاعر:
ربّما اوفيت في علم ترفعن ثوبى شمالات
و قوله: الضّاحى من حرّ الشمس، فى نسخة الشارحين المعتزلي و البحرانى لحرّ الشمس باللام بدل من و لعلّ الأوّل بناء على كون الضّاحى بمعنى المصيب و الثّانى على كونه بمعنى البارز، و قوله: و هى أعزّ الأنفس الجملة فى محلّ النّصب على الحال و كذلك جملة و قد تورّطت، و انتصاب مدارج سطواته إما على المفعول به أو على المفعول فيه و حذف الخافض أى فى مدارج سطواته.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 14، ص: 273
المعنى:
اعلم أنّ هذا الكلام كما نبّه الرّضىّ قدّس سرّه (قاله) عليه السّلام (عند تلاوته) الاية الشريفة فى سورة الانفطار «يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ» و قبل الشروع فى شرح كلامه عليه السّلام ينبغي أن نذكر ما قاله المفسّرون فى تفسير الاية فأقول: لهم فى تفسير قوله: يا أيها الانسان، قولان:
أحدهما أنّه الكافر لقوله تعالى بعد ذلك « كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ» قال عطا عن ابن عبّاس انّها نزلت فى الوليد بن المغيرة.
و الثّانى أنّه عامّ لجميع العصات و هو الأقرب و قوله «ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ» أى أىّ شيء خدعك و سوّل لك الباطل حتّى تركت الواجبات و أتيت بالمحرّمات و عصيت خالقك و خالفته، و المراد ما الّذى آمنك من عقابه يقال غرّه بفلان إذا آمنه المحذور من جهة مع أنّه غير مأمون و هو كقوله «لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ».
و اختلف في معنى الكريم، فقيل: هو المنعم الّذى كلّ أفعاله إحسان و إنعام لا يجرّ به نفعا و لا يدفع به ضررا، و قيل: هو الّذى يعطى ما عليه و ما ليس عليه و لا يطلب ماله، و قيل: هو الّذى يقبل اليسير و يعطى الكثير، و قيل: إنّ من كرمه سبحانه أنّه لم يرض بالعفو عن السّيات حتى بدّلها بالحسنات.
و اختلفوا في جهة تخصيص كريميّته بالذّكر دون ساير أسمائه و صفاته فقيل: لأنّه كأنّه لقّنه الاجابة حتّى يقول: غرّني كرم الكريم، و قيل: للمنع عن المبالغة في الاغترار و الاشعار بما به يغرّه الشّيطان فانّه يقول له افعل ما شئت فانّ ربّك الكريم لا يعذّب أحدا و لا يعاجل بالعقوبة، و قيل: للّدلالة على أنّ كثرة كرمه مستدعى الجدّ في طاعته لا الانهماك فى عصيانه اغترارا بكرمه.
و قال في الكشاف: فان قلت: ما معنى قوله «ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ» و كيف طابق الوصف بالكرم انكار الاغترار به و انّما يغترّ بالكريم.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 14، ص: 274
قلت: معناه أنّ حقّ الانسان أن لا يغترّ لكرم اللّه عليه حيث خلقه حيّا لنفعه و بتفضّله عليه بذلك حتّى ينفع يطمع بعد ما مكّنه و كلّفه فعصى و كفر النّعمة المتفضّل بها أن يتفضّل عليه بالثّواب و طرح العقاب اغترارا ما لتفضّل الأوّل فانّه منكر خارج من حدّ الحكمة و لذا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا تلاها: غرّه جهله و قال الحسن: غرّه و اللّه شيطانه الخبيث أى زيّن له المعاصى و قال له: افعل ما شئت فربّك الكريم الّذى تفضل عليك بما تفضّل به أوّلا و هو متفضّل عليك آخرا حتّى ورّطه و قيل للفضيل بن عياض: إن أقامك اللّه يوم القيامة و قال لك:
ما غرّك بربّك الكريم ما ذا تقول؟ قال: أقول: غرّنى ستورك المرخاة و هذا على سبيل الاعتراف بالخطاء فى الاغترار بالسّتر و ليس باعتذار كما يظنّه الطّماع و تظنّ قصاص الحشوية و يروون عن أئمتهم أنّه إنّما قال بربّك الكريم دون ساير صفاته ليلقّن عبده الجواب حتّى يقول: غرّني كرم الكريم، انتهى.
و قال الشّارح المعتزلي: لقائل أن يقول: لو قال: ما غرّك بربّك العزيز أو المنتقم أو نحو ذلك كان أولى لأنّ للانسان المعاتب أن يقول له غرّني كرمك أو ما وصفت به نفسك.
و جواب هذا أن يقال: إنّ مجموع الصّفات كشيء واحد و هو الكريم الّذى خلقك فسوّيك فعد لك في أىّ صورة ما شاء ركّبك، و المعنى ما غرّك برّب هذه صفته و هذه شأنه و هو قادر على أن يجعلك في أىّ صورة شاء فما الّذى يؤمنك من أن يمسخك في صورة القرد أو الخنازير و نحوها من الحيوانات العجم، و معنى الكريم ههنا الفيّاض على الموادّ بالصّور، و من هذه صفته ينبغي أن يخاف منه تبديل الصّورة.
إذا عرفت ذلك فلنشرع في شرح كلامه عليه السّلام فأقول قوله (أدحض مسئول حجّة) أى الانسان المخاطب بخطاب يا أيّها الانسان و المسئول المعاتب بعتاب ما غرّك إن أراد الجواب عن ذلك الخطاب و الاحتجاج و الاستدلال في قبال ذلك السؤال و الاعتراض فحجّته أبطل الحجج و أزيفها
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 14، ص: 275
و ذلك لأنّه إن قال في مقام الجواب، غرّنى كرمك فهو جواب سقيم لأنّ كثرة الكرم و التفضّل و الاحسان تقتضى الجدّ و الاجتهاد في العبوديّة و العبادة و الشكر و الطّاعة لا الاغترار و الكفران و التّوانى و الخلاف و العصيان.
و إن قال: غرّنى الشّيطان فيقال له: ألم أعهد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوّ مبين و أن اعبدونى هذا صراط مستقيم.
و إن قال: غرّنى جهلى فيقال له: أفلم ارسل إليكم المرسلين مبشّرين و منذرين و علّمتكم الأحكام و التكاليف بما انزلت فى صحف الأوّلين و زبر الاخرين كيلا تقولوا إنّا كنّا عن هذا غافلين.
(و) بذلك ظهر أيضا أنّه (أقطع مغتر معذرة) يعنى أنّه إن اعتذر عن اغتراره بعذر من المعاذير السّابقة و ما ضاهاها فعذره أقطع الأعذار و أسقطها عن درجة الاعتبار كما قال عزّ من قائل «فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ» .
(لقد أبرح جهالة بنفسه) أى اشتدّ بنفسه من حيث الجهالة، قيل: الجهالة اختيار اللّذة الفانية علي اللّذة الباقية، و قيل: اجتمعت الصّحابة على أنّ كلّ ما عصى اللّه به فهو جهالة و كلّ من عصى اللّه فهو جاهل استفهام توبيخى- استفهام انكارى (يا أيّها الانسان ما جرّاك على ذنبك و ما غرّك بربّك و ما آنسك بهلكة نفسك) هذه الاستفهامات الثلاثة واردة في معرض التّوبيخ و الانكار على أسباب الجرءة و الاغترار و الانس بالقاء النفس في الهلكات و توريطها في الموبقات قال الشارح البحرانى و يحتمل أن يكون قوله: ما آنسك تعجّبا.
(أما من دائك بلوى أم ليس من نومتك يقظة أما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك) هذه الاستفهامات كسابقتها أيضا واردة في مقام الانكار و التقريع لكنّها لدخولها على النفى تفيد العرض و الطلب أى طلب البراءة من داء الذنوب و أسقام الاثام و الانتباه من نومة الغفلة و الجهالة و الترحّم و العطوفة للنفس مثل الترحّم و العطف للغير و حاصله أنه لا ينبغي لك عدم البراءة و اليقظة و الرّحمة.
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 14، ص: 276
و أوضح ترحّمه للغير بقوله (فلربّما ترى الضاحى من حرّ الشمس فتظلّه) أى ترى من أصابته حرارتها و تأذّى بها فتظلّه بالظلال ترحّما و تلطفا و دفعا للاذى عنه (أو ترى المبتلى بألم يمضّ جسده) أى يولمه (فتبكى رحمة له) و إذا كان هذا شأنك مع الغير فما بالك في نفسك حيث تركت نصحها و ملاحظتها.
(فما صبرك على دائك) الدّوى (و جلدك بمصابك) العظيم (و عزاك) أى سلاك (عن البكاء على نفسك و هى أعزّ الأنفس عليك) و أحبّها إليك (و كيف لا يوقظك) من نومك استعاره (خوف بيات نقمة) و مفاجات عقوبة، و أصل البيات أن يقصده بالعدوّ في اللّيل من غير أن يشعر فيأخذه بغتة فاستعير لنزول العذاب فيها قال تعالى «أَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَ هُمْ نائِمُونَ» .
و قوله (و قد تورّطت بمعاصيه مدارج سطواته) أى وقعت باكتساب آثامه في في ورطاة الهلكات و صعدت مدارج السطوات و السخطات و التعبير بالمدارج نظرا إلى اختلاف المعاصى و كون بعضها فوق بعض من حيث الصغر و الكبر الموجب لتفاوت مراتب السطوة و درجات السخطة من حيث الضّعف و الشدّة.
و يحتمل أن يكون المراد بالمدارج الطرق نحو ما فى الحديث: إياكم و التعريس في بطون الأودية فانها مدارج السّباع تأوى إليها، قال الطريحى هي جمع مدرج بفتح الميم الطريق و المعنى الأوّل ألطف.
(فتداو من داء الفترة في قلبك بعزيمة) أى عالج من مرض الفتور و الضعف و الانكسار الذى في قلبك بدواء الجدّ و العزم على العبوديّة و الطاعة (و من كرى الغفلة في ناظرك بيقظة) أى من نوم الغفلة في ناظر بصيرتك عن الذكر و الفكر بالتنبيه و اليقظة.
(و كن للّه مطيعا) و هى أعنى الطاعة نتيجة العزيمة (و بذكره آنسا) و هو أعنى الذكر ثمرة اليقظة.
الترجمة:
از جمله كلام نصايح انجام آن امام است كه فرمود آن را در وقت تلاوت كردن آيه شريفة «يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ» يعنى اى فرزند آدم چه چيز مغرور ساخت تو را بپروردگار تو كه موصوفست بجود و كرم، آن حضرت بعد از تلاوت آيه كه انسان مخاطب بخطاب اين آيه است فرمود:
باطل ترين سؤال شدگانست از حيثيّت حجّت و دليل، و بريده ترين فريفته شدگان است از حيثيّت عذرخواهى، هر آينه شدّت نموده بنفس خود از حيثيّت ناداني، اى انسان چه چيز جرى و جسور نمود تو را بر گناه خودت، و چه چيز مغرور ساخت تو را به پروردگار خودت، و چه چيز انس داد تو را به هلاكت نفس خودت آيا نيست از درد گناه تو بهبودى، آيا نيست از خواب غفلت تو بيدارى، آيا رحم نمى كنى بر نفس خود بقرارى كه رحم ميكنى بر غير خود. هر آينه بسيار است كه مى بينى شخصى را در آفتاب پس بر او از رحمت سايه كنى، يا مى بينى شخصى بألم مبتلا شده مثل زخمى و بثره كه در مى آورد و مى سوزاند تن او را پس از ترحّم بر او گريه كنى، پس چه چيز صابر ساخته است ترا بر درد و مرض تو، و قوى كرده است ترا بر مصيبتهاى تو، و خرسند كرده است ترا از گريستن بر نفس خود كه بچنين بلا گرفتار است و آن عزيزترين جانهاست بر تو و چگونه بيدار نمى كند ترا ترس شبيخون خشمهاى خدا و حال آنكه در آمده بسبب معاصى در ورطه مسالك سطوات او تعالى. پس دوا پذير از اين درد سستي كه در دل مرده دارى بجدّ و جهد و قوّت عزمي و از خواب غفلت كه در چشم گران خواب دارى به بيدارى و هشيارئى، و باش خداى را فرمان برنده و بياد او انس گيرنده.