منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 21، ص: 200
السادسة و العشرون بعد المائة من حكمه عليه السّلام:
(126) و قال عليه السّلام: و قد سمع رجلا يذمّ الدّنيا: أيّها الذّامّ للدّنيا المغترّ بغرورها المنخدع بأباطيلها! أ تغترّ بالدّنيا ثمّ تذمّها أنت المتجرّم عليها؟ أم هى المتجرّمة عليك؟ متى استهوتك؟ أم متى غرّتك؟ أ بمصارع آبائك من البلى؟ أم بمضاجع أمّهاتك تحت الثّرى؟ كم علّلت بكفّيك؟ و كم مرّضت بيديك؟ تبغى لهم الشّفاء و تستوصف لهم الأطبّاء، غداة لا يغني عنهم دواؤك، و لا يجدي عليهم بكاؤك، و لم ينفع أحدهم إشفاقك، و لم تسعف بطلبتك و لم تدفع عنه بقوّتك! و قد مثّلت لك به الدّنيا نفسك، و بمصرعه مصرعك! إنّ الدّنيا دار صدق لمن صدقها، و دار عافية لمن فهم عنها، و دار غنى لمن تزوّد منها، و دار موعظة لمن اتّعظ بها مسجد أحبّاء اللَّه، و مصلّى ملائكة اللَّه، و مهبط وحى اللَّه، و متجر أولياء اللَّه، اكتسبوا فيها الرّحمة، و ربحوا فيها الجنّة، فمن ذا يذمّها و قد آذنت ببينها، و نادت بفراقها، و نعت نفسها و أهلها، فمثّلت لهم ببلائها البلاء، و شوّقتهم بسرورها إلى السّرور؟! راحت بعافية و ابتكرت بفجيعة، ترغيبا و ترهيبا، و تخويفا و تحذيرا، فذمّها رجال غداة النّدامة، و حمدها آخرون يوم القيامة، ذكّرتهم الدّنيا فتذكّروا، و حدّثتهم فصدّقوا، و وعظتهم فاتّعظوا. (77134- 76944)
اللغة:
(تجرّم عليه): اتّهمه بجرم (المصرع): مكان الصرع، صرع صرعا: طرحه على الأرض (ضجع) وضع جنبه بالأرض المضجع ج: مضاجع: موضع الاضطجاع- المنجد- (استهوتك) طلبت أن تهويها (مثّلت): صوّرت.
الاعراب:
فمن ذا يذّمها، ذا موصولة بمعنى الذى، و جملة يذمّها صلة لها. راحت بعافية، الباء للالصاق. ترهيبا و ثلاث بعدها مفعول له لقوله: راحت و ابتكرت و هل يجرى فيها تنازع العاملين، موضع تأمّل، لأنّ هذه النتائج تحصل بالفعلين معا، و هل يصحّ عمل عاملين في معمول واحد؟ فتدبّر.
المعنى:
قد تعرّض عليه السّلام في هذه الحكمة لامور هامّة:
1- نقد أدبيّ بالغ متوجّه إلى الشعراء و الخطباء من أهل كلّ لسان
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 21، ص: 201
فانّ أشعارهم و خطاباتهم مليئة بذمّ الدّنيا و الشكوى عنها بأرضها و سمائها و أفلاكها و نجومها و أقمارها، فقلّما يخلو شعر شاعر أو كلام خطيب من المذمّة للدّنيا بوجه مّا.
2- درس نافع و بليغ للتربية و فلسفة رشيقة لطور الاستفادة من الدّنيا و ما فيها، و بيّن عليه السّلام أنّ ما هو خارج عن وجود الانسان ينعكس فيه على ما يطلبه و يبتغيه، فالامور كيف ما كانت في جوهرها إنما ترتبط بالانسان على ما يشكلها هو لنفسه.
فالمؤثر في حسن الأشياء و قبحها و ذمّها و مدحها هو الانسان فانه يقدر أن يستفيد من كلّ شيء أحسن استفادة إذا نظر اليه بالتعقّل و التدبّر اللائق.
فالدّنيا و ما فيها كتاب تلقى دروسا نافعة للمتعلّم اللائق و الطالب الشائق و لكن الكسل الرّاغب عن الاستفادة يمقتها و يعرض عنها و يذمّها كالطالب المدرسي اللّاهى الملاعب المعرض عن تحصيل الدروس المقرّرة في المدارس و المكاتب، فانه ينظر إلى الكتب الدرسية و التعليمات المدرسية نظر النفور و العداوة، و يحسبها عداوة لملاهيه و مانعة عما يشتهيه و يتّهمها بالجرم و يحكم عليها بالعقوبة.
كما أنّ الجاهل ينظر إلى ما لا يدرك فائدته من مظاهر الطبيعة بنظر المقت و السخريّة، فيقول: لما هذه الجبال الوعرة الشاهقة، و هذه الصحارى القفرة المجدبة، و هذه الأبحر الرهيبة الواسعة، و لما ذا؟! و لما ذا؟!.
و لكن العلم الحديث قد توجّه إلى اكتناه هذه الامور و شرع بدرس كلّ من الكائنات من الذرّة إلى الدرّة، و اكتشف فوائد قيّمة و آثارا معجبة أودعها اللَّه فيها.
3- تعرّض لتحليل الدّنيا و تجزئتها من ناحية دروس العظة و الاعتبار بها و بما يجري فيها من الحوادث الجارية السارية إلى أبناء البشر جمعاء.
فيعاتب من ذمّه بقوله عليه السّلام: متى طلب منك الدّنيا أن تحبّه و جعلت تخدع
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 21، ص: 202
لك، مع أنها صوّرت لك من نفسها أبشع صور النفور و الرّدع عن التقرّب بها.
فتعرّض عليه السّلام لأنكى مصائب الدّنيا و أفجع حالة منها و هو النظر إلى قبور الاباء و مراقد الامّهات تحت الثرى، و في مرض الموت حين يتململون من الوجع و يلتمسون النجاة بكلّ جزع، فيطلب الابن علاجهم و يركض وراء الطبيب و الادواء لشفائهم فلا يغني عنهم شيئا.
ثمّ نبّه عليه السّلام على أنّ ما يراه الإنسان من مرض الموت في أبيه و امّه و ما يؤول حاله إليه من الهلاك و الدفن تحت التراب مقدّر له و مصوّر تجاه عينه بالنسبة إلى نفسه، و كفى بذلك عبرة لكلّ أحد.
ثمّ بيّن طريق الاستفادة من الدّنيا و أنها تعاون على السعادة في العقبى و مدحها بأوصاف حميدة عدة:
1- دار صدق لمن صدقها.
2- دار عافية لمن فهم عنها.
3- دار غنى لمن تزوّد منها.
4- دار موعظة لمن اتّعظ بها.
5- مسجد أحبّاء اللَّه، و مصلّى الملائكة، و مهبط الوحى، و متجر الأولياء اكتسبوا فيها الرّحمة، و ربحوا فيها الجنّة.
ثمّ اعتذرت عن الدّنيا بأنها طلبت الفراق و أخبرت عن فنائها مع أهلها و صورت عذاب الاخرة و سرور الجنّة و قامت واعظة بليغة لأبنائها بحوادث العافية و الفجيعة المتبدّلة ليلا و نهارا، و كفى بذلك وسيلة للترهيب عن الشرّ و الترغيب إلى الخير و التخويف و التحذير عن ارتكاب المعاصي.
4- دواء نافع لرفع الكسل و الاهمال العارض لكثير من الأشخاص و خصوصا الشبّان في هذا الزمان فيفقدون نشاطهم و يقطعون رجائهم عن الحياة و يتنفّرون من الدّنيا حتّى يقدمون على الانتحار و قتل النفس.
و قد توجّه علماء علم النفس إلى نفخ روح النشاط و الرّجاء بالحياة في عروق هؤلاء و توسّلوا بكلّ وسيلة تبليغيّة، و حكمته هذه من أحسن الوسائل و أنجع
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 21، ص: 203
الأدواء لهذا الداء العضال، و يستشمّ من التدبّر فيها الاعتماد بالنفس لكلّ شخص.
الترجمة:
مردى در حضرتش دنيا را بياد نكوهش گرفت و چون شنيد چنين فرمود:
أى كسى كه از دنيا نكوهش ميكنى و بد ميگوئى تو خود فريفته آني و گول بيهودگيهاى آن دامن گير تو است، تو خود فريفته دنيا شدى و دل بدان بستى سپس از ان بد ميگوئى عيبش مى جوئى؟ تو بايد دنيا را مجرم شمارى يا اين كه دنيا حق دارد تو را مجرم بداند، كى دنيا بتو اظهار عشق كرد و كى و كجا تو را فريفت و چه ناز و گرشمه اى با تو كرد؟
راستى تو را بوسيله گورهاى پوسيده پدرانت فريفت يا خوابگاه درون گور مادرانت؟ چه قدر براى زندگى آنها در بستر مرگ دست و پا زدى و از آنها پرستارى كردى و دنبال بيمارستان و پزشك دويدى، در آن بامدادى كه درمان تو دردى از آنها دوا نكرد، و گريه و زاريت سودى بدانها نداد، و شفقت و مهربانيت بدرد آنها نخورد و نفعى بر ايشان نداشت، درخواست تو در باره نجات آنها باجابت نرسيد، و با همه نيروى خود نتوانستى در برابر مرگ از آنها دفاع كنى، دنيا با همين مناظر آينده خودت را در برابرت مجسم كرد و قتلگاهت را بتو نشان داد.
راستى كه دنيا محيط راستى است براى كسى كه براستى با آن در آيد، و خانه عافيت و آسايش است براى كسى كه بخوبي آنرا بفهمد، خانه بى نيازى و ثروتست براى كسى كه از آن توشه برگيرد، خانه پند است براى كسى كه بدان پند پذيرد، مسجد دوستان خدا است، محل نماز فرشته هاى خدا است، فرودگاه وحى خدا است تجارتخانه اولياء خداست، در آن كسب رحمت نموده و بهشت را بهره و سود گرفتند كى است آنكه نكوهشش ميكند با اين كه دنيا است كه خود اعلام جدائى كرده، و فرياد مفارقت خود را بلند كرده است، و خبر مرگ خود و أهل خود را منتشر ساخته، با بلاهاى خود بلاء دوزخ را مجسم كرده، و با شادماني خود شادمانى بهشت را پيش چشم آورده، شامگاهان آسايش آرد، و بامدادان فاجعه و سوك زايد
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (خوئى)، ج 21، ص: 204
براى اين كه بيم دهد و تشويق سازد و بترساند و اخطار حذر كند، مردمى در فرداى پشيماني از كارهاى خود آنرا مذمّت كنند، و نيكوكاران در روز قيامت آن را بستايند زيرا دنيا به آنها يادآورى داد و آنها يادآور شدند، و با آنها حديث كرد و تصديقش كردند، و آنها را پند داد و پندپذير شدند.
نپوشيد علي ذمّ دنيا ز مردى بفرمود با وى تو دانى چه كردى؟
تو خوردى فريب جهان فريبا به بيهودگيهاش دلدادى آيا؟
تو او را بجرم و خطا دركشيدي؟ و يا جام جرمت ز دستش چشيدى؟
ز كى از تو دل برده دنياى زيبا؟ فريب تو كى داده است آن فريبا؟
فريبد بپوسيده گور نيايت؟ و يا مرقد خاكى ما مهايت؟
نديدى كه در بستر مرگ آنان؟ تلاشي نمودى براشان فراوان
بر آوردى از آستين دست قدرت بجستى تو درمانشان را بهمّت
پزشكان طلب كردى از بهر آنها نبردند سودي نه از تو نه زانها
نشد گريه هاى تو درمان دردى نه زان شفقت و مهركارى تو كردى
اجابت نشد بهر آنها دعايت نكردى دفاعي از آنان بقوّت
برايت مجسم نمود است دنيا سرانجام كار خودت را چه آنها
تو دنيا نگر خانه راستى بر آن كس كه جويد در آن راستى
بود خانه عافيت بهر آن كه فهمد چه بازى كند اندر آن
بود خانه بى نيازى هر كس كه جويد در آن توشه روز واپس
بود خانه پند گر تو پذيرى زهر جنبشش مى شود پند گيرى
أحبّاء حق راست پاكيزه مسجد براى ملائك مصلّا و معبد
بود مهبط وحى حق خدايش تجارت گه بيغش اوليايش
در آن كسب رحمت نمايند و غفران وز ان بهره گيرند مينوى رضوان
چه كس مى نمايد ز دنيا نكوهش كه اعلام تفريق كرد است و كوچش
خبر داده از مرگ خود باتبارش چه دشمن شمارى تو او را چه يارش
مجسّم كند با بلايش بلا را بشاديش شادى نمايد شما را
نمودى ز دوزخ نويدى ز جنّت نمايش دهد بر تو اى بيمروّت
نكوهش كنندش فردا كسانى كه هستند نادم ز غفلت پرانى
ستايند او را ديگر مردمانى كه پندش پذيرفته با شادمانى